غزة روسيا لأوكرانيا.. ماذا عن الصين؟

مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/14 الساعة 15:16
مدار الساعة ـــ سيكون على أمريكا وروسيا معا التعامل مع الصين الأقوى بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
في الحقيقة، منذ الان، وسواء انتصرت او هزمت موسكو، وسواء حقق الناتو أهدافه ام فشل، فنحن امام مارد افاق سابقا لكنه اليوم نهض قائما.
لكن هناك دائما محاذير، ففي ظل العقوبات واسعة النطاق التي تفرضها واشنطن وحلفاؤها ضد روسيا، تمثل الصين طوق النجاة الرئيسي لموسكو، لامتصاص شدة الصدمة التي ستخلفها العقوبات على اقتصادها، خاصة إن طالت قطاع النفط والغاز، لكن هل تقف بكين إلى جانبها فعلاً في حربها ضد أوكرانيا؟
حتى الان تختار الصين رسمياً الحياد في الأزمة الروسية الأوكرانية، وإن كانت من الناحية الاستراتيجية تقف في نفس الخندق مع موسكو في مواجهة المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
فبكين لم تنضم إلى القائمة الطويلة من الدول التي أدانت الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، ناهيك عن فرض عقوبات على موسكو، بل ألقت باللوم على الولايات المتحدة في إثارة الأزمة وتصعيدها.
لكن لم يذهب الموقف الصيني بعيداً في دعم روسيا، لأنه مكبل بمبدأ "احترام أراضي الدول وسيادتها" بما فيها أوكرانيا.
ناهيك عن أن الدعم الصيني لروسيا من شأنه أن يورط الصين في صراع أكبر مع الغرب، في قضية لا تعنيها بشكل مباشر.
حليف استراتيجي
وتعد الصين بالنسبة لروسيا أكبر شريك اقتصادي؛ حيث بلغ التبادل التجاري بين البلدين نحو 140 مليار دولار في 2021، ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بنظيره الصيني شي جين بينغ، ببكين في 4 فبراير/شباط، كلل بتوقيع صفقات بقيمة 117 مليار دولار لشراء البترول والغاز.
أما الاقتصاد الصيني الضخم يمثل المنقذ للاقتصاد الروسي بعد تشديد العقوبات الغربية، خاصة ما تعلق باستمرار تصدير النفط والغاز إلى السوق الصينية في حال أغلقت الأسواق الأوروبية والغربية أبوابها أمام صادرات الطاقة الروسية.
وكذلك الأمر بالنسبة للواردات الروسية من الدول الغربية، التي يمكن لموسكو استبدالها بأخرى صينية، ما يخفف من وطأة العقوبات، ويمنع الاقتصاد الروسي من الجثو على ركبتيه، خاصة أن الطرفين يتعاملان بالروبل الروسي واليوان الصيني، في إطار اتفاق موقع بين البلدين عقب احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، ما يسمح لروسيا بالالتفاف حول العقوبات الأمريكية والأوروبية.
ولا تنتظر روسيا من الصين أن تقاتل إلى جانبها في أوكرانيا، لكن أكثر ما تتمناه أن تقف إلى جانبها اقتصادياً، للصمود أطول فترة ممكنة أمام العقوبات الغربية.
بينما لا ترغب الصين أن ينهار الاقتصاد الروسي؛ لأن ذلك سيدفع واشنطن لتركيز جهودها لإضعاف الاقتصاد الصيني الصاعد بقوة، والذي تجاوز ناتجه الداخلي الخام المعادل للقدرة الشرائية (24.2 تريليون دولار) نظيره الأمريكي (20.8 تريليون دولار).
الوساطة
"احترام وحدة وسيادة الدول" ليس مجرد شعار تتبناه الصين بل مبدأ له علاقة مباشرة مع سياسة "الصين الواحدة"، التي ترفض من خلالها انفصال تايوان عنها، وبالتالي لا يمكنها مناقضة نفسها بالسماح بانفصال شبه جزيرة القرم، أو إقليمي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا.
فالمصالح الاستراتيجية مع روسيا لم تمنع الصين من دعم سيادة أوكرانيا على أراضيها، إلا أن زيارة بوتين الأخيرة لبكين أحدثت خرقاً لهذا المبدأ عندما أعربت عن تفهمها ودعمها لموقف روسيا بشأن الأمن في المناطق المحيطة بها، ووقوف الطرفين ضد توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في شرق أوروبا.
لكن بكين لا تريد أن تذهب بعيداً في دعمها لموسكو، أو أن تتورط في مغامرات بوتين الحربية، خاصة أنها الشريك الأول لأوكرانيا، والسوق الأمريكية تستوعب الجزء الأكبر من صادراتها، والاتحاد الأوروبي شريك تجاري رئيسي لها، وأي عقوبات تطالها بسبب روسيا ستقوض بدون شك الازدهار الاقتصادي الذي حققته طيلة عقود، خاصة مع بداية تعافي اقتصادها من جائحة كورونا.
في النهاية.. ما زالت الصين تلعب استراتيجيا بصورة ذكية، حتى كأن الظن يقول انها ريما تخرج الوحيدة المنتصرة من هذه الازمة العالمية
  • مدار الساعة
  • رئيس
  • اقتصاد
  • قائمة
  • عرب
  • مال
  • كورونا
  • صورة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/14 الساعة 15:16