كورونا .. من واقع الحدث

مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/10 الساعة 20:44
مدار الساعة - كتبت: نادية ابراهيم القيسي بدأت … كحلم مزعج .. لم نصدق حينها ما يحدث .. تلك الأحداث المتسارعة … الفوضى العارمة .. الذعر في كل بقاع الأرض .. ما بين إصابات .. وفيات .. اغلاقات … منع سفر و حظر تجول. أغلقت المساجد .. توقف قداس الكنائس .. ساد الصمت المطبق من هول الذهول .. لم يعد العالم الذي نحيا هو العالم الذي نعرف … أصبح كل شيء محط تكهنات … توجس … ترقب و خوف من المجهول … ما بين تصديق و تكذيب … اقتناع و انكار .. تسمرنا لنتابع كل شاردة و واردة أمام شاشات الأجهزة المتعددة بحثاً عن خبر جديد .. يُيقظنا من هذا الكرب … يقشع تلك الغمام المظلمة ذات السواد الحالك التي تخيم فوق رؤوسنا و تمتص طاقتنا كثقب أسود في مجرة اللا يقين. أصبحنا حينها كالغريق يتعلق بأي قشة أمل … كتلك الكلمات العبثية .. (كلها أسبوعين و بنشف و بموت) … و نحن بين جدران البيوت قابعين حائرين مبتهلين لله العلي العظيم … ( يا رب رجع للحياة الحياة). هكذا بدأت جائحة ( كورونا ) التي غيرت العديد من المفاهيم و قلبت الموازين رأساً على عقب و أعادت ترتيب سلم الأولويات في حياتنا. فقد أصبح العالم كأنه سجن بلا قضبان … كُشفت فيه الكثير من الوجوة الحقيقة التي أُزيلت عنها الأقنعة و تعرت منها الإنسانية في المجتمعات التي كانت تدعي التحضر و المدنية. فتوارى فلاسفة التنظير .. انهارت الأنظمة الصحية .. تضررت بشكلٍ بالغ المنظومات الاقتصادية و أصبح الصراع .. بقاء الأقوى. كانت بدايات جائحة كورونا أيام عصيبة للكثير منا على مختلف المستويات و أهمها ما نتج من ضغوطات مادية و معنوية بسبب الحجر طويل الأمد الذي فرض آنذاك؛ بالاضافة للقلق المستمر من النواحي الصحية على أنفسنا و على من نحب. بعد ذلك بدأ التأقلم -نوعاً ما- بعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً و خاصة مع ازدياد أعداد التعافي و الشفاء من هذا الفيروس و متحوراته المتعددة؛ لكن لحد الآن هذا بكل تأكيد لا يعتبر ذريعة أبداً للتهاون في الاجراءات الوقائية المضادة لفيروس كورونا فهو ما زال مصدر قلق كبير و خطير قد يودي بحياة الانسان لا قدر الله؛ -فاسأل من كان به خبيراً- … حيث قُدر أن أصاب به برغم كل الاحتياطات المتخذة و الحرص الدائم فبدأت أعراض كورونا تظهر بشكل صداع متفاقم متمركز حول العينين … غير مستجيب لكل محاولات الاقناع بأن يرحل بعيداً عني .. فلا مسكنات .. لا محاولات استرخاء .. أو كل تلك الأكواب المتعاقبة من المنبهات أثمرت عن أي جدوى تذكر … لتتوالى بعدها الأعراض .. فقدان الشهية … انحطاط القوى … القشعريرة القوية .. بالإضافة طبعا لزائرة الليل الحمى .. مصحوبة بألم ساحق في المفاصل و العظام … فتضيق الأنفاس تلو الأنفاس ما بين الوجع و المرض ليصبح كل ما في الجسد عبارة عن مصدر أنين .. لا يجابهه إلا بضع عقاقير و ابتهالات من قلب مؤمن رحماك يا رب العالمين. كورونا و أنا في غرفة معزولة -حفظاً على سلامة الأحبة-... قضينا سويًا أياماً لا تنسى .. لا فرح فيها و لا سلوى .. تدافعٌ مستمر لهواجس و خيالات ... هلوسات و ذكريات موشحة بالأحزان. فقد كانت حرباً ضروساً مليئةً بالصراعات ما بين الروح و الجسد … الحقيقة و الوهم .. شدة المرض و غريزة البقاء … حرباً مهما حاولتُ المقاومة فيها .. كل ليلةٍ … هُزمت و استسلمت رافعةً الراية البيضاء - كانت ما أقساها من ليالي و ما أصعبها من أيامٍ عجاف- أدركت فيها و بكل واقعية أن بالرغم من كل ما عرفت من أنواع الخيانات … أنه لا أقسى و لا أعظم من أن تخونك صحتك فيعجز فيها جسدك عن حملك و تخور قواك عن الدفاع عن وجودك فلولا رحمة ربك ما بقي فيك رمق و لا نفس. فعندما اختليت قسراً عن كل البشر كان الله وحده معك .. يؤنس وحدتك .. يرى ضعفك …يسمع بثك و حزنك و يستجيب دعواتك فالحمد لله دائما و أبداً الذي منَّ علي و على غيري بالشفاء من هذا الوباء و بدأتُ مرحلة التعافي بالرغم من بقاء آثار بعض أعراض المرض التي تحتاج فترات أطول للاختفاء. فيروس كورونا سواء كان طبيعي أو مصنع هو فيروس حقيقي و ليس مجرد وهم كما يعتقد البعض؛ و ليس كل الأجسام مناعتها قوية و قادرة على مقاومته و عدم التأثر البالغ باصابته و تخطي مخاطره للنجاة من براثنه؛ فقد كانت الاصابه به بالنسبة للكثيرين تجربة قاسية تجاوزوها بصعوبة بالغة. و هنا لا ننسى كل تلك الأرواح الطاهرة التي انتقلت لجوار ربها بسبب هذا الفيروس اللعين و أُثقلت قلوب أحبتها بالجراح البالغة حزناً على خسارتهم. لذلك ما زال هناك واجب علينا جميعاً أن نتحمل المسؤولية المجتمعية و نبقى مستمرين آخذين بالأسباب في حماية أنفسنا .. أحبتنا و مجتمعاتنا من هذا الوباء المتفشي بكل الطرق الممكنة. و حفظنا الله جميعاً بحفظه دائماً و أبداً من كل داءٍ و بلاء. و الله من وراء القصد
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/10 الساعة 20:44