نفتالي بينيت أول زعيم «غربِيّ».. يستقبِله «بوتين» في الكرملين!
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/08 الساعة 01:55
يبدو العنوان أعلاه مُلتبِساً حدود الغموض, لكنّه لا يستهدف التذاكي أو الدخول في لعبة الألغاز, بقدر ما يروم الإضاءة إلى جوهر وحقيقة الكيان الصهيوني الذي زرعته قوى الاستعمار الغربي في فلسطين, والذي ما يزال رغم كلّ محاولات عواصم الغرب الإمبريالي وعلى رأسها الولايات المتّحدة «دمجه» في المنطقة العربية (آخر قرار «ناجح» كان في 15 كانون الثاني الماضي بإعلان وزارة الدفاع الأميركية عن إجراء تغيير في خطة القيادة الموحّدة، يقضي بـ"نقل» إسرائيل من منطقة عمليات القيادة «الأوروبية» للقوات الأميركية إلى منطقة عمليات القياد? المركزية/سنتروم، ما اعتُبِر هذا التحول بأنّه لتسهيل التعاون الأمني الثنائي/والإقليمي وتقاسم الأعباء، والذي رأينا ترجمة ميدانية له, في مشاركة إسرائيل بمناورات عسكرية بالذخيرة الحية مع دول عربية/وإقليمية في البحر الأحمر).
إسرائيل الذي ضمّها الأميركيون في قيادتهم الوسطى/المركزية/سنتروم, ترفض كما رفضت على الدوام اعتبارها جزءاً/حضارياً وثقافياً من المنطقة, متمسكة بمقولة الـ"فيلا في غابة", أي (التقدم الحضاري الصهيوني/الغربي وسط غابة التخلّف العربي), بل رأت وترى نفسها جزءاً من المعسكر الغربي على النحو الذي عرفناه في مراحل كثيرة لكنّها ظهرت أيضاً وفي شكل معلن وصفيق في الأزمة الأوكرانية, بدخولها كدولة «عظمى» وليس فقط كمشروع صهيوني/استيطاني يحمل عنوان «إسرائيل الكبرى» بمعناه الجغرافي, الذي يبسط سيطرته «اليهودية» على مناطق جغرافية ش?سعة تتعدى فلسطين التاريخية إلى ما هو أبعد بكثير، سيطرة عسكرية وأخرى إدارية وثالثة كهيمنة سياسية, على سيادة وقرار دول إقليمية معظمها بل جلّها عربي, بذريعة الدفاع عنها ضد الأطماع.. «الإيرانية».
ما علينا..
وإذ دخل رئيس حكومة العدو الصهيوني على خط «الوساطة» بين روسيا/وأوكرانيا، على نحو لم يحاوله أيّ رئيس أوروبي باستثناء الرئيس الفرنسي/ماكرون, الذي قيل إنّ حلفاءَه طلبوا منه أن يُبقي على خط اتصال مع الرئيس بوتين بانتظار وساطة «ثقيلة» (طلبوها من الصين التي لم تُبدِ حماسة لهذا الدور حتّى الآن), فإنّ هبوط نفتالي بينيت «سراً» في موسكو واجتماعه الذي لم يدُم أكثر من نصف ساعة، قد أشعل الساحة السياسية/والإعلامية الإسرائيلية، ليس فقط في ما استبطنته التحليلات والعناوين الرئيسية في الصحف ووسائل الإعلام الصهيونية بل وأيضاً?الحزبية, بين مُؤيد ومُشكك خاصة في أهمية وثِقل ما تتوافر عليه إسرائيل من وسائل وأوراق, تسمح لها لعب دور مُعقد وكبير كهذا, يحسبه كثيرون في دولة العدو أنّه أكبر من بينيت/وإسرائيل نفسها.. ذلك كله لم يحل دون صدور صحف إسرائيل أول أمس/الأحد بعنوان يكاد يكون موحداً في مفرداته: لقاء أول زعيم غربي مع بوتين منذ بداية القتال/عنوان يديعوت أحرنوت الرئيس، سافَر سِراً.. رهان بينيت.. قمة في موسكو/هآرتس, أما «إسرائيل اليوم» فتنقل عن وزير كبير القول: فُرص وساطتنا مُتدنية، لكن المحاولة حقيقية».
وإذ لم تخْلِ التحليلات/والتعليقات من الغمز في قناة بينيت والتشكيك في صحة ما سربته أوساطه من أن زيارته/وساطته وذهابه إلى موسكو تمّ تنسيقها مُسبقاً مع الإدارة الأميركية, فإنّ عاموس هرئيل كتب في هآرتس: بافتراض أنّ مكتب بينيت دقيق في تصريحاته، وأنّ هذه الخطوة قد تمّ تنسيقها مسبقاً مع الإدارة الأميركية, فإنّ رئيس الحكومة يكون قد راكمَ لنفسه نقاطاً معينة في الساحة الدولية، ولكن -أضاف هرئيل- إذ تبيّن فيما بعد أنّ الأميركيين لديهم تحفظات، فإنّ العلاقات الأكثر أهمية بين إسرائيل وأميركا يمكن أن تضرّر».. مُضيئاً على ?عقدة بينيت» ومحاولته التشبه بسلفِه/نتنياهو قائلاً: رئيس الحكومة نفتالي بينيت استلّ أمس «حيلة» من النوع الذي كان محبباً على سلفِه, وفاجأ الجميع بالسفر الخاطف/في يوم «السبت» إلى موسكو.. بعد بضعة أيام من انضمام إسرائيل في الأمم المتّحدة إلى قرار إدانة الحرب الروسية في أوكرانيا.. أصبح بينيت -واصلَ هرئيل- الزعيم «الغربي الأول» الذي يتمّ استقباله لإجراء محادثات مع الرئيس بوتين».
لكن أرئيل وولشتاين/عمِل مستشاراً لنتنياهو, كتب مقالة لصحيفة «إسرائيل اليوم» حمل عنوان «مفاجأة كبرى.. احتمالات طفيفة» يقول: لا تملك إسرائيل الوسائل لتكون وسيطاً لاحتمالات نجاح عالية بين روسيا وأوكرانيا، لكن أحد المكاسب هو الإفلات من واجب التحيّز، وإذا ما -أضاف- عرقلت الوساطة الاتفاق النووي فإنّ هذا سيكون مكسباً واضحاً لإسرائيل».. مُستطرِداً في غمز من قناة بينيت ومحاولته التشبه بـ"نتنياهو».. في طريقه إلى موسكو، استند بينيت أيضاً إلى إنجازات سلفِه نتنياهو، فالمكانة الخاصة رفعت المستوى الاعتباري/والسياسي لإسرا?يل، والأهم من ذلك هو أنّها سمحت لها بتعطيل مخاطر/أمنية وسياسية في الوقت نفسه.
في السطر الأخير.. سيل المكالمات الهاتفية الذي أطلقه بينيت مع بوتين ورئيس أوكرانيا والرئيس الفرنسي كما زيارته لألمانيا، تعكس ضمن أمور أخرى محاولة إظهار إسرايل لاعباً مهماً وربما «نِديّا» على الساحة الدولية، تضاف إليها زيارة وزير خارجية العدو/رئيس الوزراء البديل/يائير لابيد إلى لاتفيا, واجتماعه بوزير الخارجية الأميركي/بلينكن حول الأزمة الأوكرانية.
هل سألتم عن.. «العرَب»؟
kharroub@jpf.com.jo
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/08 الساعة 01:55