هذه حلول غياب النواب عن جلسات المجلس

أ. د. ليث كمال نصراوين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/06 الساعة 02:08

تكرر غياب النواب عن جلسات المجلس في الفترة الأخيرة ومغادرة البعض منهم الجلسة بشكل مبكر، مما أجبر رئيس المجلس على رفع الجلسة لأكثر من مرة بسبب فقدان النصاب.

كما اضطر الرئيس إلى دعوة المكتب التنفيذي–الذي يتألف من أعضاء المكتب الدائم ورؤساء الكتل النيابية أو من يمثلها–لمناقشة هذا الموضوع وكيفية التعامل معه.

وتكمن أبرز الحلول الفاعلة لمواجهة هذا السلوك النيابي غير المقبول في تطبيق النظام الداخلي لمجلس النواب، وبالأخص المادة (155/ب) منه التي تفرض عقوبة الحسم من المخصصات المالية لكل نائب يتغيب عن إحدى جلسات المجلس دون عذر مقبول.

وبالطبع ستعارض الأغلبية العظمى من النواب تطبيق العقوبات المالية عليهم، بحجة أنها طريقة غير مقبولة للتعامل مع ممثلي الشعب المنتخبين، وبأن عدم حضور البعض منهم جلسات المجلس ومغادرتها قبل انتهائها له ما يبرره في متابعة الشؤون الخاصة بدوائرهم الانتخابية.

إن هذه الحجج لا تبرر غياب النواب عن جلسات المجلس، فممارستهم لمهامهم الدستورية في التشريع والرقابة يعد التمثيل الأفضل ليس لمناطقهم الانتخابية فحسب، وإنما للأمة جميعها باعتبارها مصدر السلطات في الدستور.

في المقابل، فإن الحسم من مخصصات العضوية يتوافق مع فكرة أن النائب ليس موظفاً عاماً كما أفادت بذلك المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم (2) لسنة 2014، وبأن ما يتقاضاه في نهاية كل شهر يعتبر مكافأة مالية مقابل عضويته في المجلس النيابي، وليس راتباً شهرياً مقابل العمل الذي يقوم به.

وحتى لو سلمنا بأن مخصصات النيابة هي مقابل العمل وليس العضوية، فإن الراتب الشهري الذي يُدفع مقابل العمل يمكن الاقتطاع منه بنسبة معينة، وذلك كعقوبة مقررة في التشريعات الوطنية.

ولتعزيز عقوبة الحسم من الراتب للنواب المتغيبين عن جلسات المجلس، يجب تعديل قانون مخصصات أعضاء مجلس الأمة رقم (17) لسنة 1947، الذي ينص صراحة في المادة (2) منه بالقول «يعتبر ما يتقاضاه أعضاء مجلس الامة مخصصات لا رواتب». فعلى الرغم من أن هذا القانون قد صدر قبل الدستور الحالي لعام 1952، إلا أنه واجب التطبيق بدلالة المادة (129/3) من الدستور التي أبقت على القوانين والأنظمة التي كانت نافذة في ظل دستور سنة 1946 المُلغى.

كما أن قاعدة حرمان النائب المتغيب دون عذر من مخصصاته المالية يجب أن يتم التوسع في تطبيقها لتشمل غياب العضو عن اجتماعات اللجان النيابية، وذلك كما هو الحال في الأنظمة الدستورية المقارنة. ففي مصر مثلا، تنص المادة (363) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن غياب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير إجازة أو إذن يسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب. وهو الحكم ذاته الذي قررته المادة (191) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب البحريني. كما تنص المادة (18) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب العراقي على أن يستقطع من ?كافأة عضو مجلس النواب في حالة غيابه دون عذر نسبة معينة يحددها المجلس.

ومن الحلول الآنية الأخرى لمواجهة ظاهرة «تسرب» النواب من جلسات المجلس، أن يكون هناك تنسيق مسبق بين المكتب الدائم لمجلس النواب والحكومة، بألا يتم عقد جلسة نيابية في اليوم الذي يكون فيه رئيس الوزراء أو على الأقل الوزير المعني مشغولا بالتزامات أخرى.

فقد ادعى عدد من النواب أن خروجهم من جلسات المجلس سببه غياب الحكومة ممثلة بشخص رئيسها أو نائبه، أو على الأقل الوزير المعني بالتشريع مدار البحث.

في المقابل، يتمسك الوزراء المعنيون بأن لديهم أعمالاً أخرى تبرر مغادرتهم اجتماعات المجلس، وهذا ما يعكس ضعف التواصل بين السلطتين، ويؤكد ضرورة تفعيل التنسيق المسبق بينهما قبل عقد جلسات المجلس التشريعية والرقابية.

أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية

laith@lawyer.com
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/06 الساعة 02:08