اشتري قبراً (2)

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/30 الساعة 14:37
لم يكن موجودا إلاَ الله وحده لاشريك له ولاشئ معه وسيبقى الى الابد المحدد من قبله، حيث كان في فراغ وبدأ خلق الاشياء بتسلسها الحالي؛ فخلق الماء (وجعل منه كل شئ حي) ثم العرش عليه، ثم خلق القلم وامره بالكتابة (حيث يعد القلم آداة الكتابة والعلم والمعرفة والتفاهم الذي تحفظ به العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلًا للناس تنوب مناب خطابهم،وتنمو به الافكار والحضارات، وتحفظ به الأديان والآثار، وتنشر الهداية، فلولا القلم ما أستقام أمر الدين والدنيا، ولم يصلح عيش) فجرى في تلك الساعة بما هو كائن الى يوم الدين، فالله سبحانه وتعالى مفيض العلم على الإنسان؛ معلمه البيان بالقلم واللسان والجنان، فتارة يكون العلم في الأذهان، وتارة في اللسان، وتارة في الكتابة بالبنان. فبالكتابة تنتقل المعارف من جيلٍ إلى جيلٍ ، ومِن أُمَّة إلى أخرى. ثم خلق الكون من العدم بالانفجار العظيم، فخلق السموات والارض في ستة أيام ثم أستوى على العرش، ودليل ذلك قوله تعالى: الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل. ثم أثبتت الدراسات العلمية في عصر العلم الحالي أن تسلسل ظهور المخلوقات:خلق الأرض، فالبراكين لتتكون الجبال، ثم تنبع منها الأنهار،لتوفر المياه العذبة في زراعة النباتات، لتنتج الغذاء مع توفر غازالأوكسجين في الجو،حيث اكتملت كل أسباب الحياة للدواب، فخلق الله الدواب. فكانت أول بقعة خلقها الله على الأرض مكة المكرمة (الحرم المكي)، ثم القدس لعمارة المسجد الأفصى لتكون أماكن للعبادة بإستخلاف الإنسان عليها، وتطبيق نظرية الوجود البشري إياك نعبد وإياك نستعين. لقد كشف الله سبحانه وتعالى الغطاء للناس عن الدنيا الفانية عندما أتاهم الموت ودفنوا في القبور ( حياة البرزخ) دار النفوذ إلى الدار الباقية (الآخرة)، فدل ذلك على البعث والجزاء بالأعمال في دار باقية غير فانية. ليشمل ذلك كل المتكاثرون والمفتخرون في الأموال، والأولاد، والأنصار، والجنود، والخدم، والجاه، مكاثرة كل واحد للآخر. ودليل ذلك الحديث النبوي:)) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِيَ مَالِي إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاس ((. فالقبر أول منازل الآخرة تدفن فيه؛ وسيأتيك ملائكة تسألك: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فنجاة الإنسان تكمن بشراء قبر ليكون سبباً لثبات كلمة التوحيد فيه، ويظهر على جوارحك بالأعمال الصالحة: حيث يكون لما خُلق من أجله ويعمل لآخرته ويثبت في قبره. وبهذا يحيا الإيمان في قلوبنا فلا نكون من الغافلين وإذا رسخ الإيمان في القلوب فهو أعظم سبب للتثبيت في القبر. وعكس ذلك، يكون القبر قطعة من النار بسبب إنحيازك للتفاخر بالدنيا الفانية. فالله سبحانه وتعالى مالك الخير المطلق، خلق الخلق ليسعده. حينما يأتي مَلَك الموت ، فأما إن يكون الخلق من المقربين، أو من أهل التكذيب والضلال. لذا؛ فنحن خلقنا في هذه الدنيا من أجل الابتلاء ؛ أي أن تمتحن فإما أن تستقيم أو تنحرف، إما أن تصدق أو تكذب، إما أن تنصح وإما أن تغش، إما أن تعطي أو تمنع، إما أن ترحم أو تقسو، إما أن تعدل وإما أن تظلم، إما أن تحسن أو تسيء. ثم ذكرنا لصاحبنا المتبجح بالتكنولوجيا: أن الأقوياء في العالم كله قد ملكوا الرقاب بقوتهم، والأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم، وكل واحد منا إما تابع لنبي، أو تابع لقوي، فالمؤمن تابع لنبي يملك القلوب بكماله، وأي إنسان يملك شيء من القوة يملك الرقاب بقوته. فالناس رجلان برٌ تقي، كريم على الله، وفاجر شقي، هين على الله. ثم وصفنا له: أنه عند قيام الساعة؛ تزلزل الأرض نتيجة لتحريكها الشديد المناسب لعظمتها وإخراج أثقالها: كنوزها وموتاها ملقية بها على ظهرها، لتشهد وتخبر عن كل عبد أو أمة بكل ما عمل عليها من خير وشر بأمر ربها. يومئذ يصدر الناس: متفرقين فآخذ ذات اليمين إلى الجنة وآخذ ذات الشمال إلى النار، ليروا جزاء أعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرة خير: ير ثوابه في الجنة ، ومن يعمل مثقال ذرة شر: ير جزاءه بالنار. مما حدث على محيا صاحبنا علامات الدهشة والاستغراب حيث أخبرنا أنه لأول مرة يسمع بهذه الدلائل الدامغة البيان، وذهبنا نبحث عن شراء قبر يهوَن علينا الحياة البرزخية التي سوف تغشانا عما قريب لا محالة، وتركنا صاحبنا مطبق في تفكير عميق.
  • الدين
  • أعمال
  • مال
مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/30 الساعة 14:37