هؤلاء هم من يستهدفون الأردن
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/03 الساعة 00:47
كلما قلنا يا اهلاً وسهلاً بالأشقاء والأصدقاء، تخرج علينا أصوات بعض مسؤولي البلد وغيرهم ممن يطمحون للمسؤولية من سواد المتأهبين للصعود بالقذف الصاروخي لسدة المناصب تؤكد أن الأردن مستهدف، ويبنون نظرياتهم دون أي معلومات أو مؤشرات على مصدر الاستهداف، أو ما هو شكل الاستهداف وما هي الجهة التي تستهدفنا، ومن هو المتضرر الأساس بذلك الاستهداف، وكيف أثر استهدافهم على الدولة إن كان المستهدف هي الدولة، وهنا يأتي السؤال الذي لا نجد له إجابة هل مصدر الاستهداف خارجي أم داخلي؟
في طبيعة العلاقات السياسية الدولية فإن لكل دولة مهما علا شأنها أو صغر في هذا العالم، ترسانة من الاحتياطات الإجرائية لاستخدامها في النزاعات أو تحييد المصالح لصالحها بالتأثير على دولة أو دول أخرى، وعادة ما يأتي الاستهداف من الطرف الأقوى ضد الطرف الأضعف، ولكن عندما نسأل عن مصدر الاستهداف فإن الإجابة عادة تأتي بأنها أطراف خارجية، ولو وضعنا الأردن على قائمة العلاقات الدولية فسنجد أنها من أعلى الدول التي تربطها علاقات متينة وصداقات ممتدة مع غالبية دول العالم، فالولايات المتحدة تعتبر شريكا وصديقا داعما للأردن على المستوى الرسمي ومثلها بريطانيا والاتحاد الأوروبي وروسيا واليابان والصين.
أما العالم العربي فهو متباين بناءً على قربه أو بعده عن محيطه، ومع ذلك فإن علاقاتنا مع جميع الدول العربية على مستوى الأنظمة ما بين ممتازة وجيدة وهذا ليس من اليوم بل هو إرث تاريخي، والسياسة التي ينتهجها الملك مع الجميع تأتي بناء على تكاملية في الأدوار وإبقاء على المصالح العليا للدولة، ولكن ينسى بعض المسؤولين أنهم بتخبطهم وبعنادهم هم الذين يشكلون استهدافا داخليا غير مكشوف ينتج عنه إعاقة أي إصلاح أو مصلحة تعود على الوطن والشعب بأفضل نتيجة، ثم يتذرعون بأن هناك استهدافا دائما للأردن، وعليهم أن يغيروا هذه النغمة، فمشكلتنا نحن سببها.
من باب آخر يأتي الاستهداف الحقيقي عبر ثلاث جبهات: الأولى الاستهداف السياسي وما نراه من محاولات لتحييد مواقف الأردن للدفاع عن القضية الفلسطينية ووصايته على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف بإمكاناته المحدودة وإدانته للإجراءات الإسرائيلية في ظل علاقة باردة معها، والثانية اقتصادية من خلال تجفيف الموارد الخارجية التي كان الأردن يعتمد عليها والتحريض على عدم استمرار المساعدات الأميركية والغربية عموما، والمؤشرات على عدم استغلال موارده من المياه والطاقة بالشكل الطبيعي، والثالثة اجتماعية في محاولة لجعل الأردن مستوعبا كبيرا للاجئين، وإدخال مقترحات تغييرية في بنية المجتمع وأدبياته وأخلاقه عبر مؤسسات زرعت خصيصا برعاية خارجية.
لقد عانى الأردن منذ نشأته الأولى بالاستهداف الحقيقي عبر الخمسة عقود الأولى حتى بداية عقد السبعينات، فكانت علاقاته مضطربة مع الجميع، ومع هذا صمد الأردن بقيادة حكيمة ورجالات دولة صناديد، ومع الذكرى السادسة والستين لتعريب الجيش الأردني، قد لا ينتبه الكثيرون أن الملك الحسين قد أصدر قراره وهو في سن الحادية والعشرين بتعريب قيادة الجيش بالتنسيق مع الضباط الأحرار، وبعدما خلع «جون باغوت كلوب» عن رئاسة الفيلق العربي وبقية الضباط الإنجليز، عين أول ضابط أردني قائدا وهو الفريق راضي عنّاب، وأسماه الجيش العربي رسميا، حيث صعدت أسهم الحسين في العالم العربي لمستوى غير مسبوق، وخرج الشعب الأردني تأييدا لإجراءاته..
هنا علينا أن نعلم أنه عندما يكون بيتنا مبنياً على أساس قوي من الثقة والتعاونية والتشاركية مع اعتقاد وإيمان حقيقيين بأن هذا الوطن لنا جميعا، وأن أي خلاف بيننا هو على الطريقة وليس على الهدف، فذلك معناه أننا متحدون جميعا على حماية هذا البيت الكبير بأي طريقة صحيحة، لا بالتشكيك والتخوين والاتهامات الفضائية وتصيد الأخطاء لهذا الطرف أو ذاك..
وهذا ما يجب على المسؤولين المتقاعسين عن ترجمة الرؤى والجهود الملكية والمرتجفين خوفا من رد الفعل خشية الوقوع في الخطأ أو سلوك الطريقة الأسهل لهم ويتركون القضايا الأساسية، أن يفهموا جيدا أن إنجازاتهم وإخلاصهم ودفاعهم عن مصالح الشعب والدولة وزهدهم في المناصب هي المعيار لقوة الأردن وتصديه لأي استهداف يقف وراءه مسؤول عاجز أو موظف فاسد أو جهة استغلالية أو عدو خارجي.
Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/03 الساعة 00:47