سلاح روسيا المرعب قد يستخدم في هذه الحالة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/27 الساعة 15:42
مدار الساعة - دخل الهجوم الروسي على أوكرانيا يومه الرابع، ولا يبدو في الأفق أن العملية العسكرية التي أطلقها بوتين تقترب من نهايتها، فهل تلجأ روسيا إلى سلاح يوصف بأنه وحشي ومرعب؟
وكان الهجوم على أوكرانيا قد بدأ فجر الخميس، 24 فبراير/شباط، فيما وصفه الرئيس الروسي بأنه "عمليه عسكرية هدفها منع عسكرة أوكرانيا"، بينما تصف أوكرانيا والغرب ذلك بأنه عدوان روسي هدفه الغزو الشامل للأراضي الأوكرانية وإسقاط الحكومة، وتنصيب حكومة مطيعة لموسكو.
ولم يكن الهجوم الروسي مفاجئاً لا لأوكرانيا ولا للغرب ولا للعالم، فالأزمة الأوكرانية مشتعلة منذ عام 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم ودعمت حركات انفصالية في دونيتسك ولوغانسك بإقليم دونباس شرق أوكرانيا، وكان اعتراف موسكو بتلك المناطق مقدمة للعملية العسكرية، التي أصبحت حرباً شاملة بالفعل.
والأزمة الأوكرانية هي بالأساس أزمة جيوسياسية تتعلق برغبة الحكومة الأوكرانية -المدعومة من الغرب- الانضمام لحلف الناتو، بينما تعتبر روسيا ذلك خطاً أحمر، لأنه يمثل تهديداً مباشراً لأمنها، بحسب وجهة النظر الروسية.
أسلحة غربية إلى أوكرانيا
توجد فوارق شاسعة بين الجيشين الروسي والأوكراني لصالح الأول، الذي يحتل المركز الثاني بين جيوش العالم، بينما الجيش الأوكراني يقبع في المرتبة 22 عالمياً، وهذه الحقيقة جعلت التوقعات بالحسم السريع لتلك المواجهة هي السيناريو الغالب حتى الآن.
لكن القراءة في مسار العمليات العسكرية حتى يومها الرابع ربما يشير إلى أن تلك التقديرات قد لا تكون دقيقة تماماً، في ظل تدفق المساعدات العسكرية الغربية على أوكرانيا، وبخاصة صواريخ جافلين وستينغر الأمريكية، وكلاهما سلاح مدمر للمدرعات وللطائرات العمودية، وكان لصواريخ ستينغر تحديداً دور هام في هزيمة القوات السوفييتية على الأراضي الأفغانية.
وكانت كييف، منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، قد دعت حلفاءها الغربيين مراراً إلى دعمها عسكرياً، ورغم أن الغرب حسم أمره منذ البداية بأنه لن يرسل قوات له إلى أوكرانيا، فإن دولاً عدة فتحت مخازنها لكييف، بهدف تصعيب المعركة على الروس.
وقد دفع الهجوم الروسي ألمانيا إلى التخلي عن سياستها التقليدية الرافضة إرسال أسلحة إلى مناطق الصراعات، وأعلن المستشار أولا شولتس، السبت 26 فبراير/شباط، عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة للتصدي للهجوم الروسي. وقالت برلين إنها سترسل إلى أوكرانيا ألف صاروخ مضاد للدبابات، و400 قذيفة "آر بي جي"، إضافة إلى 500 صاروخ أرض جو من طراز "سيتنغر" المضاد للطائرات.
وتعتبر صواريخ "ستينغر" أقوى الأسلحة التي قررت ألمانيا إرسالها إلى أوكرانيا، فهذا الصاروخ الأمريكي الصنع قادر على التأثير في نتائج المعارك لكونه يستهدف الطائرات، وكان أحد أبرز الأسلحة التي ألحقت بالقوات السوفييتية خسائر على الأراضي الأفغانية، ويُنظر إليه على أنه شكّل كابوساً للسوفييت قبل الانسحاب من أفغانستان.
أوكرانيا تقول إنها أوقفت الهجوم الروسي
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كان قد ألقى تصريحات فجر الجمعة، أي بعد 24 ساعة فقط من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، شن من خلالها هجوماً عنيفاً على قادة الغرب، واتهمهم بالتخلي عن بلاده، وناشد بوتين أن يرد على اتصالاته، وأبدى استعداد كييف للحوار مع موسكو.
تلك التصريحات من جانب الرئيس الأوكراني كانت مؤشراً واضحاً على أن الحرب لن تكون طويلة الأمد، وأن تسوية ما في طريقها لأن تتم، لكن هذه النبرة من جانب الرئيس الأوكراني سرعان ما تبدلت وحلت محلها نبرة تحدٍّ واضحة، وصاحب ذلك بيانات متلاحقة من جانب وزارة الدفاع الأوكرانية، ترصد خسائر فادحة في صفوف القوات الروسية.
إذ صرح نائب وزير الدفاع الأوكراني، الأحد 27 فبراير/شباط، أن روسيا فقدت نحو 4300 جندي و146 دبابة منذ بدء "الغزو الروسي"، على حسب وصفه. وقال مستشار للرئيس زيلينسكي إن الوضع لم يتغير بدرجة كبيرة في أوكرانيا، والبلاد تسيطر على الأراضي غربي كييف، والقوات الروسية لم تتقدم جنوباً.
أوليكسي أريستوفيتش أضاف: "حقيقة وصول وفد روسي إلى جوميل باقتراح لإجراء محادثات سلام لا يعني، من وجهة النظر العسكرية، سوى شيء واحد: أنهم فقدوا عنصر المبادرة، وهم غير قادرين الآن على مواصلة العمليات القتالية"، بحسب رويترز.
بشكل عام، تصب مجمل التصريحات الأوكرانية خلال اليوم الثالث والرابع للهجوم الروسي في اتجاه الصمود، وتحقيق مكاسب كبيرة، وإيقاع خسائر ضخمة في صفوف القوات الروسية، فهل يرجع ذلك إلى تدفق الأسلحة الغربية، ما أدى إلى هذا الصمود؟ أم هل تكون البيانات الأوكرانية بشأن الخسائر الروسية مبالغاً فيها، بهدف بث الحماس في نفوس الجنود والشعب الأوكراني؟
فعلى الجانب الآخر، وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد أيضاً، الشكر للقوات الخاصة الروسية، وخصّ بالذكر من "يؤدون واجبهم العسكري ببطولة" في أوكرانيا، وبث الكرملين الكلمة المتلفزة على موقعه على الإنترنت، بحسب رويترز.
ما هي الصواريخ الحرارية؟
المسار الذي قد تتخذه الحرب في أوكرانيا سيحدد إلى درجة كبيرة لجوء روسيا إلى استخدام بعض من الأسلحة التي تعتبر أكثر فتكاً ووحشية، ولا يتفوق عليها أي سلاح آخر سوى السلاح النووي، بحسب الخبراء العسكريين.
وقد نشرت صحيفة The Independent البريطانية تقريراً عنوانه "ما هي الصواريخ الحرارية الضغطية؟ السلاح الجديد الذي قد "يطلقه بوتين على أوكرانيا" ألقى الضوء على واحد من تلك الأسلحة التي توصف بالمرعبة.
وقد حذر خبراء قلقون من أن الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا قد يتفاقم إذا استخدم فلاديمير بوتين أسلحة حرارية ضغطية لتدمير أوكرانيا، جمهورية الاتحاد السوفييتي سابقاً. فالأسلحة الحرارية الضغطية تعد واحدة من أشد أسلحة الحرب وحشية، ولا يفوقها فتكاً إلا الأسلحة النووية.
وهذه الصواريخ تُعبّأ بوقود شديد الانفجار، وخلطة كيميائية، وعند انفجارها تسبب موجات انفجارية فوق صوتية، تبيد كل شيء في طريقها، بما في ذلك المباني والبشر، وتُعرف أيضاً باسم القنابل الجوية أو القنابل الفراغية.
وكانت قاذفات القنابل الحرارية الضغطية TOS-1 من بين الأسلحة الروسية التي شوهدت أثناء نقلها باتجاه العاصمة كييف ومدن أخرى. وهي لا تُستخدم في الضربات الدقيقة، ولكن يمكن استخدامها لتطهير مساحات من الأرض.
وقد أوضح بيتر لي، من جامعة بورتسموث، كيف تعمل هذه القنابل عام 2016، بعد ظهور مزاعم بأن روسيا استخدمتها في سوريا، بحسب الصحيفة البريطانية: "تخيل أن تأخذ نفساً عميقاً ثم تغطس في المياه، وبعدها يخرج كل الأوكسجين من جسمك دفعة واحدة، وجرّب أن تأخذ نفساً آخر، ولكن عوضاً عن أن تمتلئ رئتاك بالمياه الباردة تبدأ الجزيئات السامة الملتهبة في قتلك من الداخل".
ويُزعم أن روسيا استخدمت هذه الصواريخ في الشيشان وسوريا. وقال إن آر جينزن جونز، الخبير في استخبارات الأسلحة والمدفعية، للصحيفة: "شوهدت مجموعة كبيرة من العتاد العسكري في الهجوم الروسي، ومن ضمنها قاذفات القنابل الحرارية الضغطية من سلسلة TOS-1. ورغم أن الضربات محدودة نسبياً حتى الآن فاستخدام قاذفات TOS-1 قد يؤدي لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، لا سيما بالنظر إلى استخدام روسيا لها في الماضي (في الشيشان مثلاً)".
ويرى أغلب المراقبين أن إطلاق بوتين تلك الصواريخ الحرارية في أوكرانيا أمر وارد في حالة واحدة فقط، وهي أن تفشل الخطة العسكرية القائمة على شل الدفاعات الجوية الأوكرانية، والسيطرة السريعة على العاصمة كييف، وإسقاط الحكومة، وبالتالي دفع قادة الجيش الأوكراني إلى التسليم بالأمر الواقع والموافقة على التفاوض مع موسكو.
وكان بوتين قد وجه بالفعل الدعوة إلى القادة العسكريين في أوكرانيا للانقلاب على الحكومة، وقال لهم إن "التفاوض سيكون أسهل لو استوليتم على السلطة"، لكن الواضح حتى اليوم الرابع من الهجوم الروسي على أوكرانيا هو أن مثل ذلك التحرك من جانب هؤلاء القادة قد لا يكون وارداً.
الخلاصة هنا هي أن استخدام القوات الروسية أسلحة فتاكة قادرة على إسقاط عدد هائل من الضحايا وإحداث أضرار مادية مدمرة، ومن بينها الصواريخ الحرارية الضغطية أو القنابل الفراغية، متوقف بالأساس على مسار العملية العسكرية، ومدى قدرة الروس على تحقيق أهدافهم دون تحول الأراضي الأوكرانية إلى مستنقع كما يأمل قادة الغرب.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/27 الساعة 15:42