ما قصة عبدالهادي راجي والغنم والبكم

مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/22 الساعة 01:53
كنت فاشلاً في الرسم, كلما طلب منا الأستاذ في حصة الفن أن نرسم على دفاترنا لوحة, رسمت شجرة وقطيع غنم والراعي بالطبع... كانت هذه اللوحة الوحيدة التي أجيد رسمها, وبقيت طوال المرحلة الابتدائية أكررها بذات الألوان وبذات الخطوط... لم يكن أحد ينتبه لحصة الفن أصلاً, ولم يرسب أي واحد من الطلبة في مادة الفن... كانت تشبه (الحمولة الزايدة).. نعم هذه المادة كانت كذلك, لكنهم كانوا يضعونها في الشهادة المدرسية ويضعون لنا علامات. ذات يوم تنبه الأستاذ للوحاتي حين قلب دفتر الرسم الخاص بي, وقال لي: (فكنا من الغنم... ارسم جبل وعين ماء).. فعلاً قمت برسم الجبل, لم يكن متقناً كثيراً ورسمت عين ماء تنهمر من سفحه, وشعرت بأن اللوحة ناقصة... فأضفت لها الراعي والأغنام.. وحين قام الأستاذ بوضع العلامات على الدفتر.. شاهد لوحتي وناداني وقال لي: (يا ابني انت معلق براسك الغنم والراعي...). حين تركت المرحلة الابتدائية وقفزت للإعدادية, اكتشفت أن موهبتي لم تتطور... كان لا بد من إضافة شيء على اللوحة, فقررت أن اضيف للراعي والحمار والغنم والشجرة... (بكم), وقد اجدت رسمه... ليس بالمعنى الحرفي للكلمة ولكن من ينظر للوحة سيعرف أن هذا (بكم).. ولونته باللون الأحمر.. كل اللوحات التي رسمتها كانت تحتوي على الراعي والغنم والحمار, والتطورات التي شهدتها لوحاتي.. هي أني مثلاً في الصف الخامس بدأت بإضافة الذيل للحمار لأنه لم يكن موجوداً... أيضاً تطور البكم فقد صرت أميز بين (بكم حمولة 2 طن وبكم حمولة واحد طن).. مدارسنا لم تنتج (بيكاسو).. وحصة الفن لم تكن بذات أهمية حصة الرياضيات.. لدرجة أنه لم يكن هنالك أستاذ للفن.. كان من الممكن أن يعطينا الحصة معلم التربية الإسلامية.. الغريب أني حصلت على معدل (90%) في هذه المادة.. يوم أمس كنت أقلب في أوراقي, أنا ما زلت احتفظ بشهاداتي في المرحلتين الابتدائية والإعدادية وحتى الثانوية.. أتذكر دوماً أين اخفقت وفي أي المواد تفوقت.. ولكن لم يقل معدلي من الصف الأول الابتدائي عن (90%) في هذه المادة.. مع أني لم ارسم شيئاً يذكر ولم أحقق الإبداع المطلوب حتى احصل على هذه العلامة.. الغريب أنني كلما زرت متحفاً فيه لوحات فنية, تأملت كثيراً في اللوحات.... وامعنت في التأمل... الناس يعتقدون أني خبير في الفن.. لا يعرفون أني ابحث عن (البكم) في اللوحة. Abdelhadi18@yahoo.com الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/22 الساعة 01:53