في «إسرائيل».. كيف ينظرون إلى «الأزمة الأوكرانية»؟

مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/16 الساعة 01:27
لم تغب إسرائيل عن مشهد الأزمة الأوكرانية المُتدحرجة, والمُرشحة أميركياً وأوروبياً للوصول إلى ذروتها اليوم الأربعاء, بما هو «الموعد» الذي حدّدته الدوائر السياسية والاستخبارية، والإعلامية الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لِتباشر روسيا «غزواً» لأوكرانيا, وبخاصّة بعد تسريبات مُبرمَجة ومقصودة لوسائل الإعلام الغربية واسعة الانتشار والتأثير, بمواظبتها نشر تحليلات ونصوص وأخبار مُتشابهة المضمون والمصطلحات, كان أحدثها قبل ساعات يقول نصّها: إن القوات الروسية المُحتشدة على طول الحدود مع أوكرانيا, اتخذت وضعا قتالياً مُتأهباً, إنتظاراً لـِ'أمر العمليات» الذي قد يصدر في أي لحظة. إسرائيل، التي طلب رئيس حكومتها مِن وزرائه «عدم» التحدّث أو إبداء آرائهم علناً حول الأزمة الأوكرانية، أعلنت على لسان وزير خارجيتها لابيد أن أوكرانيا طلبت «مساعدة عسكرية» من تل أبيب, وأن الأخيرة تدرس الطلب الأوكراني من مختلف جوانبه. نقول: إسرائيل انضمّت إلى جوقة الدول الغربية التي طالبت رعاياها بمغادرة الأراضي الأوكرانية في أسرع وقت. ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»: إن الاستجابة إلى طلب كهذا كانت «خجولة». فيما تراجعت احتمالات قيام الرئيس الأوكراني زيلنسكي بزيارته الأولى للكيان الصهيوني، كان سيقوم بها الممثل الكوميدي/اليهودي بعد انتخابه رئيساً عام 2019, وهي زيارة كانت تل أبيب تُعول عليها إعلامياً ودبلوماسياً, خصوصا وأن أوكرانيا اعترفت بالقدس عاصمة «وحيدة ومُوحدة» لإسرائيل, وكان زيلنسكي سيفتتح مُمثلية لبلاده في المدينة المحتلّة. وسائل الإعلام الإسرائيلية دأبت منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، وبخاصة في الأسبوعين الأخيرين, على إلقاء المزيد من الأضواء على تداعيات الأزمة/إسرائيلياً, والآثار المترتبة على «تآكل» الدور الأميركي في المنطقة حال «نجاح» الرئيس بوتين في تغيير قواعد اللعبة، وبخاصّة التوصل إلى «اتفاق سيء» مع إيران (المقصود المباحثات الجارية الآن في فيينا لإحياء الاتفاق النووي) سيكون ضاراً بإسرائيل, وسيُطلق يد طهران بدعم من موسكو في تعزيز نفوذها في المنطقة والاستمرار في برنامجها النووي. وإذ تتباين وجهات النظر والتحليلات من وسيلة إعلامية صهيونية إلى أخرى، وبخاصّة في الوقوف إلى جانب موسكو أم انتقادها وبثّ المزيد من ثقافة الـ«روسيا فوبيا», التي باتت تسِم تحليلات/وأخبار غالبية الصحف الغربية الأميركية/والأوروبية وبخاصّة البريطانية، ناهيك تلك -على قلّتها- التي توظِّف أبعاد الأزمة وتجلياتها, لنقد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وحصار غزّة وقمع الفلسطينيين والتنكيل بهم، فضلاً عن ممارسات عديدة تكاد تصل إلى ما «عاناه» اليهود في أوروبا قبل وخلال الحرب العالمية الثانية. تبرز هنا مقالة لأحد كتّاب «يديعوت أحرنوت» الرئيسيين والمتخصص في الشؤون الاقتصادية (سيفر بلوتسكر)، على نحو ينحاز بوضوح إلى الرواية الغربية، إذ قال في مقالة 14/2 تحت عنوان «بوتين سيكتشف أنّ بايدن لن يتراجع»: «ما الذي يريده الرئيس بوتين؟.. تطلّع لأن يُخضِع أوكرانيا بالتهديد.. بالضغوط، ويمكن أيضاً بعملية هجومية محدودة على مؤسسات الحكم في كييف، رداً مزعوماً على استفزاز أوكراني لا أساس له من الصحة، وكلّ ذلك -يُضيف- كي يجعلها دولة تسير في ظلّ روسيا, ومنطقة فاصلة بينها وبين دول شرق أوروبا الأعضاء في حلف الناتو. فيما يذهب «روغل إلفر»/هآرتس يوم 14/2 إلى القول: «الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا, هي تذكير بأنّ إسرائيل عالقة في نظام عالمي من القرن التاسع عشر، ربما بالتحديد النووي الإيراني سيَفرِض عليها «إيجاد طرق أقل عنفاً لتسوية النزاعات» العنيفة والكثيرة التي تتعرض لها». أمّا الكاتب تلّ ليف رام/معاريف 14/2 فينظر للمسألة من جانب آخر, وإن كان يصبّ في النهاية لصالح قراءة منحازة، قائلاً: «إن المواجهة الحادّة التي من شأنها أن تتطوّر بين الولايات المتّحدة وروسيا، قدّ تمسّ بمصالح إسرائيلية صرفة، بل - يستطرِد - وتؤثر على العلاقات مع روسيا أيضاً. إسرائيل هي الأخرى -يُواصل- تبقى على خط حذِر جداً كي لا تمسّ بالعلاقة مع حكم بوتين، وإذا ما اضطرّت إسرائيل لأن تختار طرفاً, فإنّ هذا سيكون بشكل واضح في صالح الأميركيين، وفي غير صالح إسرائيل أن تجد نفسها في منطقة بين القوتين العظمَيين». في السطر الأخير.. تبدو مقالة الجنرال عاموس جلعاد/رئيس معهد السياسة والاستراتيجية في مركز هرتسليا متعدد المجالات, والمسؤول الأمني السابق في وزارة الحرب الصهيونية، التي نشرتها يديعوت أحرنوت «14/2» تحت عنوان «لعبة الشطرنج العالمية وآثارها على إسرائيل» أكثر إثارة, إذ قال: من المهم الإشارة إلى أنّ روسيا تبرز كعامل مُسيطر إلى جانب الولايات المتّحدة والغرب, في تحقيق اتفاق للجم مساعي إيران لنيل سلاح نووي أيضاً. في المحور الاستراتيجي موسكو- بكين - أضاف - يتخذّ الصينيون نهجاً حذِراً كعادتهم، لكن رئيسي الصين وروسيا يُقدِّمان زخماً للتقارب الشامل بين الروايتين, في وجه الخصم المُشترك للولايات المتّحدة، وكل ذلك انطلاقاً من الافتراض بأنّ أوروبا شريك ذو قوة محدودة. kharroub@jpf.com.jo الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/16 الساعة 01:27