ماذا يدور في مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/15 الساعة 14:30
مدار الساعة - يُغلّف الكتمان نتائج الزيارة التي أجراها الموفد الأمريكي الخاص بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، عاموس هوكشتاين، إلى العاصمة بيروت، وسط غموض بشأن طبيعة الطروحات التي قدمها الأخير لحلّ المسألة العالقة.
ويوم الثلاثاء 8 فبراير/شباط الجاري، حطّت طائرة هوكشتاين في بيروت، واستمرت زيارته يوماً واحداً التقى خلالها مجموعة من المسؤولين، وقدمّ لهم اقتراحات جديدة بشأن قضية ترسيم الحدود، ضمن المفاوضات غير المباشرة مع تل أبيب.
وأعرب الرئيس اللبناني ميشال عون، عقب لقائه هوكشتاين في 9 فبراير، عن استعداد بلاده للبحث في النقاط التي طرحها الأخير، مؤكداً أنه "ستتم دراستها انطلاقاً من إرادة الوصول إلى حلول لهذا الملف، وسوف يستمر التواصل مع الجانب الأمريكي تحقيقاً لهذه الغاية".
بدوره، قال رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، خلال ذات اليوم، إنه سيتشاور بشأن المقترحات الجديدة مع كل من عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لتحديد الموقف اللبناني منها.
إلا أن "اللقاء المثمر" وفق السفارة الأمريكية في بيروت، كان مع قائد الجيش اللبناني جوزيف عون، إذ وصفت اللقاء بين الأخير وهوكشتاين بأنه "مثمر".
وذكرت السفارة أن "اتفاقاً على الحدود البحرية يمكنه أن يخلق فرصة تشتد الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان"، دون مزيد من التفاصيل.
وأكد قائد الجيش جوزيف عون لهوكشتاين أن المؤسسة العسكرية هي مع أي قرار تتخذه السلطة السياسية في هذا الشأن.
وبين لبنان وإسرائيل منطقة متنازع عليها تبلغ 860 كلم مربعاً، بحسب الخرائط المودعة من جانب لبنان وإسرائيل لدى الأمم المتحدة، وتعد هذه المنطقة غنية بالنفط والغاز.
وانطلقت من أجل ذلك مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين في أكتوبر/تشرين الأول 2020، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أمريكية، وعُقدت 5 جولات من التفاوض أحدثها في 4 مايو/أيار الماضي.
وكان وفد بيروت قدم خلال إحدى المحادثات خريطة جديدة تدفع باتجاه 1430 كلم إضافياً للبنان، وتشير إلى أن المساحة المتنازع عليها هي 2290 كلم، وهو ما رفضته إسرائيل وأدى إلى توقف المفاوضات.
رسالة لبنان لمجلس الأمن
قبل زيارة هوكشتاين بأيام، أرسل لبنان رسالة إلى رئيسة مجلس الأمن الدولي منى يول، أكد فيها تمسكه بموقفه من المفاوضات المتعلقة بالحدود البحرية مع إسرائيل وفقاً للخط الحدودي 29، الذي يعني أن المساحة المتنازع عليها 2290 كلم وليس 860 كلم مربعاً.
شبكة الجواسيس في لبنان
هذه الرسالة هي الأولى من نوعها، وفق محللين ومطلعين، باعتبار أنها تمثّل إعلاناً لبنانياً رسمياً بنقل التفاوض حول حدوده الجنوبية من الخط 23 إلى الخط 29، وتثبت مطلب وفده بالتفاوض على مساحة 2290 كلم مربعاً، لا 860 كلم.
كما دعا لبنان مجلس الأمن إلى مطالبة الجانب الإسرائيلي بالامتناع عن أي نشاط في المناطق المتنازع عليها، وفق ما ورد بالرسالة.
تكتّم حول الطروحات الأمريكية
يشير مصدر حكومي مطلع، للأناضول، إلى أن كلّ ما سُرب عن نقاط للطروحات التي قدمها الموفد الأمريكي للمسؤولين اللبنانيين، تأتي في إطار "التكهنات"، لأن هناك "تكتّماً رسمياً حول الموضوع".
وكانت وسائل إعلام محلية نقلت العديد من الطروحات التي نُسبت إلى هوكشتاين بشأن ترسيم الحدود، منها التخلي عن "خط هوف" ومنطقة "860 كلم" مقابل رسم خط جديد متعرج، أو نقل التفاوض من الخطوط إلى الحقول أي "حقل مقابل حقل" وغيرها من الطروحات، التي لم تلقَ أي تأكيد رسمي.
وفي عام 2012، قدمت الولايات المتحدة، عبر موفدها آنذاك فريدريك هوف، اقتراحاً لحل النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل، وذلك بتقاسم المنطقة المتنازع عليها، برسم خط عرف في حينه بخط "هوف"، يعطي لبنان حوالي 500 كلم مربع، وإسرائيل حوالى 360 كلم مربعاَ من أصل كامل مساحة 860 كلم مربعاً.
ويضيف المصدر الحكومي، الذي فضّل عدم ذكر هويته كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن لبنان استمع إلى طروحات هوكشتاين، التي هي قيد التشاور والمتابعة من قِبل الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان نبيه بري.
وعن السؤال حول حقيقة إمهال الجانب اللبناني من 4 إلى 6 أسابيع للرد، يقول المصدر إنه "لا مهلة محددة، لأن الموضوع قيد التشاور وغير مرتبط بأي مهلة".
ومقابل التكتّم اللبناني، برز أيضاً حرص من الوسيط الأمريكي على عدم الإفصاح عن الاقتراحات التي أبلغها إلى المسؤولين، مكتفياً بالقول إن مفاوضات ترسيم الحدود بين الجانبين "في نهايتها" و"الثغرات قُلّصت".
تمسك بعدم التطبيع
من جهته، يلفت النائب قاسم هاشم، المقرب من بري، إلى أن "ما طرحه الموفد الأمريكي عبارة عن آراء وليس بالضرورة أن تكون نهائية أو كلمة الفصل لترسيم الحدود".
ويشدد في حديثه للأناضول على أن رئيس البرلمان يؤكد أحقيّة وصول لبنان إلى ثروته وفق القوانين الدولية ووفق ما يملك من معطيات ومن أدلة ووثائق حول هذه الثروة وحدوده البحرية.
ويؤكد هاشم أن "لبنان ومنذ المرحلة الأولى لبدء المفاوضات اتخذ موقفاً موحداً، وهذا ما كان الورقة الرابحة له وعامل القوة للوفد اللبناني الداعم له للمفاوضات غير المباشرة".
وعن احتمال شراكة لبنان وإسرائيل في أحد الحقول، يقول إن "لبنان لا يمكن أن يفتح باباً للتطبيع مع إسرائيل ولا القيام بأي مفاوضات مباشرة معها".
ارتباط خارجي
بينما يرى الصحفي والمحلل السياسي طوني عيسى أن "زيارة الموفد الأمريكي إلى لبنان ليس بالضرورة أن تكون ناجحة، لأن المعيار الأساسي والآخر لها هو أن تفرج إيران (إشارة لحليفها حزب الله) عن اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل".
ويلفت للأناضول إلى أن الموضوع مرتبط بالخارج وليس بالداخل، معتبراً أن الخطوط والحقول التي يتم الحديث عنها هي جزء من التفاصيل، فالأساس هو نضوج "الطبخة" لتفرج بعدها إيران عن التسوية المتعلقة بالنفط، وفق قوله.
ويعتبر مراقبون أن الاتفاق على ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يتعلق بتطورات إقليمية ودولية، خاصة بمفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني في العاصمة النمساوية فيينا.
ويذكر عيسى أن لدى إسرائيل استحقاقاً في مارس/آذار المقبل، وهو بدء التنقيب عن النفط في حقل كاريش، وهدف تل أبيب عدم تفويت الفرصة للبدء بالمشروع بسبب أهميته، المتمثلة بدخول إسرائيل بمنظومة الغاز الإقليمية.
وفي 14 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت شركة "هاليبرتون" فوزها بمناقصات للحفر والتنقيب عن الغاز والنفط في حقل كاريش البحري قبالة ساحل إسرائيل والتي تعد منطقة متنازعاً عليها مع لبنان.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/15 الساعة 14:30