في الأردن.. ’السوشال ميديا‘ وسيلة معايدات لمشاعر قليلة الدسم
مدار الساعة - بعد أن كانت تتصدر الزيارات العائلية وصلة الأرحام عناوين الأعياد العريضة، بدأت هذه المظاهر والطقوس تتراجع، مقابل اكتساح مواقع التواصل الاجتماعي وتدفق رسائل المعايدات، التي حلت محل التخاطب المباشر والحضور بشكل شخصي لمجالس العيد وتبادل التهاني والسلام والعناق التي تشعر الإنسان بحرارة اللقاء وتنشر فرحة العيد.
ولم يعد للأواصر الاجتماعية والروابط العائلية نفس الأولوية كما في السنوات السابقة بالرغم من أن البعض ما يزال يحتفظ بجزء من تلك العادات والتقاليد، إلا أن العديد استغنى عن هذه العلاقات المباشرة، بتواصل افتراضي، من خلال ضغطة "زر" واحدة، أو إجراء مكالمات هاتفية قد تستغرق بضع دقائق في عصر تزاحمت فيه المهام.
وأصبح لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل التكنولوجيا الحديثة التأثير الأكبر على جُل حياتنا اليومية، ويؤكد أستاذ علم الاجتماع، الدكتور سائد الورور، أن مظاهر الاحتفال بالعيد اختلفت بسبب التطور السريع والمخيف لـ"السوشيال ميديا" فلم يعد في مظاهر الاحتفال والمعايدة بين الآخرين الإحساس بالإنسانية، ففي الماضي كانت تنتقل عبر اللقاءات والزيارات المليئة بالود والمحبة والتي قضت عليها المعايدات عبر صندوق الدردشة بـ "السوشيال ميديا".
وأوضح الورور لقناة "رؤيا" أن أغلب الأفراد في العالم بأكمله تحولوا إلى آلات خالية من مشاعر الود والمحبة، مبينا أن المعايدة عبر مظاهر التكنولوجيا أصبحت نظام سائد في معظم العائلات، وأن هذا النظام التكنولوجي لم يعد حكرا على الأعياد أو المناسبات الدينية فقط، بل طال المواساة بالتعازي والتهنئة بالأفراح وغيرها العديد من الأمور التي كانت أساس ترابط الحياة.
وبرغم الإيجابيات الكثيرة لوسائل التواصل الاجتماعي، والتي بدورها سهلت الحياة المعيشية للناس وقلصت الفوارق الزمنية بين الناس والمسافات، لكن تبقى سلبياتها ومفسداتها أكثر، وتضعف العلاقات الاجتماعية، وتسبب الانطوائية والعزلة وتؤدي إلى تراجع الأداء الفردي من حيث التواصل الاجتماعي والمهارات السلوكية بحسب الورور.
يقول الحاج أبو مصطفى: "مما لا شك أن للأعياد المباركة رمزية مميزة، حيث أن للعيدين الفطر والأضحى فرحة عظيمة في النفوس، ليس فقط عند الأطفال، بل عند الشباب والرجال وحتى الشيوخ.
يتابع الحاج: "رغم تغير ظروف الحياة لا زلت أحرص على الحفاظ بالحد الأدنى من الموروثات والتقاليد المصاحبة للاحتفال بالأعياد، وأسعى لزرع تلك القيم والموروثات بعقول أبنائي وأحفادي، وسبق أن أظهرت لهم غصة قلبي التي آلمتني عندما قام أكبر أحفادي بمهاتفتي لمعايدتي قبل عامين، إذ لم اعتبرها تهنئة او معايدة، بل اعتبرها حينها الطوبة الأولى لبناء حاجز العلاقات الأسرية العميقة".
وينهي أبو مصطفى حديثه بأنه لا يمكنه أن يشعر برونق وبهجة العيد، إذا لم يجتمع في منزله أبناءه وبناته وأزواجهم وأحفاده، حيث ازد حام عائلته في بيته يعني ازدحام المحبة في قلبه.
أما الشابة راية، ترى أن بهجة العيد تغيرت كثيرا، إذ أن بهجة العيد باتت محصورة في اليوم الأول فقط، على عكس ما كانت عليه الحال في الماضي، كما أن النفوس اختلفت وحتى الناس في فرحتهم اختلفوا، إضافة إلى عصر السرعة والسوشيال ميديا الذي قد دمّر كل الطقوس التي كنا نمارسها.
تقول: "في الماضي على أقل تقدير كنا نركب السيارة ونتوجه بها إلى منزل الأهل أو بيوت الأصدقاء لتقديم التهاني والتبريكات، متنقلين من شخص إلى آخر ومن منزل إلى منزل، لكن اليوم تم اختصار كل ذلك من خلال رسالة جماعية يتم إرساله خلال دقائق فقط على مجموعات "الواتس اب"، إلى جانب منشور واحد في إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.