مي الدبايبة تكتب: صاحب الخمسة أعوام صارع الموت خمسة أيام
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/07 الساعة 14:47
بقلم: مي عمر الدبايبة
صاحب الخمسة أعوام صارع الموت خمسة أيام
فمن رحاب الأرض إلى باطنها إلى جناتٍ عرضها السماوات والأرض
فلقد بات وحيداً في حفرة ضيقة جداً لا تتسع حتى لحجم أنفاسه الصغيرة ، فتسارعت دقات قلبه هلعاً وخوفاً وارتجفت يداه الماً وبرداً
فبات ينظر إلى كل ما حوله نظرة الوداع وكأنه يعلم أنه لن يخرج من هذا الجُبّ الموحش حياً يُرزق ، فلن يخرج منه الا جثة هامدة محمولة على الأكتاف
ولكنه مع كل ذلك بقيِّ بمفرده يصارع الخوف والظلام والألم
فخمسة ايام ولكنها كانت خمسه اعوام
خمسة أعوام من الجوع والعطش
خمسة أعوام من الخوف والألم
خمسة أعوام من البرد والظلام والوحدة
فكان كغيره من أقرانه ، فكانت أحلامه كبيرة وأمانيه كثيرة ، ولكنها ضاقت جداّ بضيق تلك الحفرة ، فأصبحت أقصى أمانيه هي الخلاص ولكنها كانت هذه الأمنية المستحيلة
فكان يعلم أن الحال الذي آل إليه هو ﴿ بداية النهاية ﴾
ومع كل هذا وذاك والعالم العربي بأكمله يترقب خروج ريان حياً يُرزق
ولكن قدر الله وما شاء فعل
وكل تلك المحاولات بائت بالفشل
فخانه جسده الصغير وتوقفت أنفاسه وارتحلت روحه الطاهرة والبريئة من باطن الأرض إلى أعالي السماء .
فضاقت الارض بما رحبت على اهله وذويه وعلى العالم بأسره
فأصبح ريان ذلك الطفل المغربي هو ابن الخليج وبلاد الشام والمغرب العربي وابن كل مواطناً عربي مسلماً كان أم مسيحي.
فأصبح أيقونة للوحدة ، فوحد الشعوب والأديان والمشاعر الإنسانية من مشارق الأرض إلى مغاربها
وفتح ملفات كانت مغلقة نوعاً ما
وأُدرجت في ادراج النسيان أو بالأحرى في ( ادراج التناسي واللامبالاة)
ففتح ملف اطفال اليمن الذين يعيشون كل يوم مأساة الحرب المشتعلة ...فمستقبلهم بات مجهول وحاضرهم موجع
وكأنهم يكررون مقولة (( الدكتور خالد الكركي)) في إحدى محافل الجامعة الأردنية " أنا لا انظر من ثقب الباب الى وطني بل انظر من قلبٍ مثقوب "
وكذلك فتح ملف ابرياء سوريا الذين يرتحلون إلى بارئهم جوعاً وبرداً في مخيماتهم التي كانت وما زالت لا تحمي من حر الصيف ولا برد الشتاء.
وأطفال فلسطين الذين باتوا تحت الحصار والتهديد
فكل هولاء يعيشون كل يوم مأساة ريان بل وأكثر من ذلك .. ولكنهم أصبحوا منسين في عالم بات ينظر إلى واقعهم على أنه شيء لا يستحق الاكتراث
فللأسف لقد اعتدنا على رؤية دموعهم وسماع اوجاعهم ..حتى تبلدت مشاعرنا وأصبحت اواجاعهم لا تحُرك فينا ساكناً
ولكن الله وحده يسمع أنينهم ويعلم حجم معاناتهم
فعند الله لا تضيع الحقوق...وسيأخذ كل ذي حق حقه
وفالنهاية يا صغيري .. لا يسعني القول الا لروحك الطاهرة السلام ....ولنا ولوالديك وذويك عظيم الصبر والسلوان.
فعزاءنا الوحيد أنا لله وأنا اليه راجعون
ولحكوامتنا العزيزة
في هذه الحادثة لا يسعني القول
الا ( درهم وقاية خيراً من قنطار علاج)
فتكلفة اغلاق الآبار المهجورة هو أقل بكثير من إنقاذ الأرواح العالقة فيها
فأتمنى أن لا نخسر مزيداً من الأرواح بسبب هذا الفساد والأهمال.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/07 الساعة 14:47