الحجايا يكتب: 23 عاماً زاخرة بالعطاء والانجاز

مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/07 الساعة 00:15

 الدكتور عاطف عودة الحجايا 

مستشار جلالة الملك المعظم لشؤون العشائر
نقف مبتهجين ورؤوسنا تعانق السماء فخراً وكبرياء ونحن نحتفل بمناسبة ذكرى مرور )23) عاماً لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم لسلطاته الدستورية ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، وسيبقى يوم السابع من شباط من العام 1999م عالقاً في اذهاننا، فقد كنا شُهُوداً على تتويج ملكاً عظيماً كان خير خلفٍ لخير سلفْ، شبلٌ هاشميٌ منحدرٍ من سبط المصطفى صلى الله عليه وسلم. 
في هذه الذكرى تتناهى الى أذهاننا وتداعب مشاعرنا كلمات المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه في رسالته التي وجهها في السادس والعشرين من كانون الثاني عام 1999م  إلى سمو الامير عبدالله بن الحسين عندما اختاره ولياً لعهد المملكة الأردنية الهاشمية، قال فيها “ إنني لأتوسم فيك كل الخير وقد تتلمذت على يدي وعرفتَ أن الأردن العزيز وارث مبادئ الثورة العربية الكبرى ورسالتها العظيمة، وانه جزء لا يتجزأ من أمته العربية وأن الشعب الأردني لا بد وأن يكون كما كان على الدوام في طليعة أبناء أمته في الدفاع عن قضاياهم ومستقبل أجيالهم". 
منذ تلك اللحظة المفصلية من عمر مملكتنا الحبيبة ومع كلمات الراحل العظيم عندما قال بأن من حق الشعوب على قيادتهم أن تعمل لحاضرهم ومستقبلهم وتحقيق نهضتهم الشاملة حتى تتسنى لهم الحياة الكريمة وتصان حقوقهم التي كفلها لهم الدستور وأن تبقى جباههم مرفوعة لا تنحني الا لله، ولتقبيل ثرى الوطن العزيز، وانطلاقاً من هذا التوجيه وخارطة الطريق التي اختطها الحسين الباني لخلفه عبدالله الثاني المعزز أعز الله ملكه، وبناءً على هذه القناعة ووفاءً لمسيرة سلفه الحسين بن طلال رحمه الله في مقولته الشهيرة (الانسان أغلى ما نملك) والتي باتت تشكل أولوية استراتيجية للقيادة الأردنية، باعتبار أن الثروة الحقيقية للأردن هي الإنسان الأردني الواجب الاستثمار فيه، خصوصاً في بلد يعاني من شحّ الموارد والمصادر الطبيعية.
فمنذ اليوم الأول الذي تسلم فيه سلطاته الدستورية، فقد إختطّ جلالة الملك عبدالله الثاني ورسمَ بيديه وبفكره النير ورؤيته الاستشرافية ملامح مرحلة جديدة لإدارة الدولة الاردنية، وأخذ على عاتقه إدارة مسيرة التنمية الوطنية الشاملة من التحديث والتطوير، متسلحاً بإرادته الحقيقية نحو التغيير يكون الإنسان الأردني محورها الأساسي وأحد روافع عملية التنمية وهدفها ووسيلتها.
ومع احتفالنا بذكرى تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لسلطاته الدستورية، فأننا نقف اليوم شهود وبإكبار وإجلال على وفائه لسلفه من الملوك الهاشميين وتحمله لمسؤولية إكمال مسيرتهم بالحكمة والعزم والإصرار المعهودة عنه، فحمل لواء الدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكرّس جهوده للتأكيد على مركزيتها، وإصراره على ضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، يوازيه دعمه المتواصل للأشقاء الفلسطينيين لنيل حقوقهم العادلة والمشروعة على ترابهم الوطني. 
وانطلاقاً من عروبيته الصادقة وانحداره من سبط المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو الحفيد الحادي والأربعين للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ووارث الشرعية الدينية في ملكه ونسبه، فلم يغفل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ومنذ تسلمه لسلطاته الدستورية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، فوضعها نصب عينيه رعاية وعناية بمرافقها وتعهّد بحمايتها، وأخذ على عاقته المحافظة على حق الهاشميين في الوصاية التاريخية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية وضمان استمرارها وعدم المساس بها في وجه المحاولات البائسة لانتزاع هذا الحق التاريخي من الهاشميين الذين ارتبطوا تاريخياً بعقد شرعيّ، جيلاً بعد جيل مع المقدسات، وحفظوا لها مكانتها، وقاموا على رعايتها. 
فجلالة الملك عبدالله الثاني وبعد مرور 23 عاماً من تسلمه سلطاته الدستورية، كان خلالها هو الحافظ الأمين لحق الوصاية وبذل الغالي والنفيس في الدفاع عنها باعتباره وصياً وحامياً وراعياً لها، وتحمّل خلالها مسؤولية الحفاظ على الهوية العربية للقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم تثبيت سكانها، مسلمين ومسيحيين، وعزز وجودهم وصمودهم في مدينتهم. 
كما وأرسى جلالة الملك عبدالله المعزز خلال 23 عاماً مضت من مسيرته المكللة بالنجاح، دعائم النهضة الأردنية الشاملة، وسخر كافة الإمكانيات المتاحة لتحديث التشريعات الوطنية، وتعزيز المؤسسات الدستورية وترسيخ الديمقراطية والحريات العامة، وإرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات، واهمها انشاء المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب، وطرح الأوراق النقاشية السبعة والتي تناولت محاور هامة لتطوير الحياة في مختلف المجالات وترجم ذلك واقعا ملموساً عندما اصدر إرادته السامية بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي تعتبر ترجمة واقعية للإرادة الملكية الصريحة ورغبته الاكيدة على ان مسيرة الاصلاح والتطوير والتحديث ضرورة حتمية للأردن وأولوية وطنية وركيزة أساسية لتحقيق الاصلاح الشامل والتنمية المستدامة في مختلف المجالات ليكون الاردن مثالا يحتذى في الديمقراطية والتعددية والعدالة وتكافؤ الفرص. 
كما وضع جلالته الاصلاح السياسي والاقتصادي والإداري في مقدمة أولوياته، عبر اعتماده لخارطة طريق للتنمية والإصلاح الشامل، كخيار أردني وطني بامتياز، يحظى بتوافق الجميع، لتحقيق المستقبل الذي يستحقه الوطن، فالأردن بقيادة جلالته يعتبر الأقدر على تحويل التحديات إلى فرص والسير قدما في مسيرة الإصلاحات الدستورية الشاملة، باعتبارها نهجا لا رجعة عنها.
 وبمعاني الاكبار والاجلال نقف اليوم نقلب صفحاتٍ مُشرقةٍ ومواقفَ مشرّفة رسمها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه، صنع خلالها حالةَ هاشمية متفردة بحب الخير والعطاء الذي لا ينضب، وجعل من الحكمة والحنكة والصبر والعقل النيّر طريقاً للقيادة، وغرس حبه في قلوب الأردنيين بأحرف من ذهب وهو يرعى أبنائه الأردنيين من مختلف اصولهم ومنابتهم، فالأردنيون يستنيرون بقيادة جلالة الملك لأردن الخير والعطاء، متوكلين على الله مستندين الى الارث العربي الهاشمي العريق والتاريخ الزاخر من التضحيات والفداء.
فمنذ اللحظة الأولى التي تسلم فيها سلطاته الدستورية في العام 1999م فقد حرص جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على ادامة التواصل والتقارب مع أبناء شعبه الوفي في المدينة والريف والبادية والمخيم، والذين يبادلونه الوفاء بالوفاء والحب بالحب، كما كان حرصه شديد على ادامة التواصل والالتقاء معهم في مناطقهم وتفقد أحوالهم والاستماع لهم والوقوف على مطالبهم شخصياً بتواضع هاشمي كبير، جعل للقائد مكاناً في قلب كل اردني شريف لا يزعزعه احد، فقد رسم مشهد قل نظيره في العالم بالقرب والتواصل والتواضع والبساطة في كل محفل، فالمتابع لنشاطات القائد يعرف القلب الكبير الذي يمتلكه وهو يقف مع الصغير والكبير، ولا يغفل صغيرة ولا كبيرة الا وتجده أمامك، نعم أنه "الملك الانسان" عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم أعز الله ملكه.    
ففي عهدكم الميمون، أشرقت شمس الأمل التي حملت للأردن والأردنيين بشائر الخير من العون والعطاء من يديكم الكريمتين، فكانت المبادرات الملكية السامية تجوب محافظات ومدن وقرى وبوادي ومخيمات المملكة بحثاً عن كل صاحب حاجة وفقير يبحث عن مسكن آمن يقيه حر الصيف وبرد الشتاء، فكانت مساكن الأسر العفيفة التي تنتشر وتنثر الفرح في عيون الأطفال والنساء وأيديهم مرفوعة للمولى عز وجل بأن يحفظ جلالة الملك المعظم، والتي تضمنت انشاء مساكن ملائمة تجاوزت العشرة الآف مسكن بالإضافة الى مشاريع ريادية لتوفير الطاقة البديلة من خلال استخدام الطاقة الشمسية في تلك المساكن، كما وصلت طرود الخير الهاشمية للمحتاجين في بيوتهم على مدار العام. 
أما الواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين فقد كان ضمن أولى أولويات القائد العظيم، فأكد على ضرورة توجيه المبادرات الملكية السامية من المشاريع نحو المناطق المستحقة وشملت مختلف محافظات المملكة ومختلف القطاعات حيث كان التركيز على توفير فرص العمل من خلال انشاء مبادرة الفروع الإنتاجية في مختلف المحافظات والتي يعمل بها ما يزيد عن (6000) الاف فتاة حتى الآن، بالإضافة الى المشاريع الزراعية ومشاريع التحريج الزراعي، ودعم الجمعيات الخيرية والتعاونية، إضافة الى تأكيده على إيجاد المشاريع المدرة للدخل وخاصة في المناطق التي تعاني من مستويات عالية من الفقر والبطالة بين قطاعات الشباب، وكان من ضممن المبادرات الملكية السامية المعنية بهذا الجانب أنشاء صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية في العام 2001 والهادف الى تحقيق التنمية الشاملة في مختلف المحافظات وتحسين معيشة المواطنين. 
واستكمالاً للمبادرات الملكية وبهدف نشر ثقافة التميز وقياس مستوى وجودة الأداء للمؤسسات الفاعلة من القطاعين العام والخاص وتحسين فعاليتها وتنافسيتها فقد أمر جلالة الملك المعظم بأنشاء مركز الملك عبدالله الثاني للتميز في العام 2006م.
 كما وان زياراته المتواصلة للمدن والبوادي والمخيمات قد شكلت حافزاً للمزيد من العمل والانجاز، وتوجيهه للحكومات وفي جميع كتب التكليف السامي بضرورة تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين وبالمستويات الفضلى، فكانت مناطق البادية الأردنية ضمن أولويات جلالة الملك المعظم، انطلاقاً من حرصه على تحسين الظروف المعيشية لمناطق البادية واستغلال الفرص الاقتصادية فيها من خلال إقامة المشاريع التنموية لخدمة أبناؤها، وبناء عليه فقد وجه جلالة الملك المعظم الى انشاء الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية في العام 2003م.
وانطلاقاً من رؤيته الاستشرافية لتطوير قطاع التعليم فقد كان هناك العديد من المبادرات في القطاع التعليمي والتي شملت أنشاء مدارس نموذجية ومدارس مهنية وانشاء مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز، أما المبادرات الملكية لتطوير وتحديث القطاع الصحي فقد تضمنت انشاء عدد من المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية ودعم مبادرة اعتمادية المستشفيات بهدف قياس وتحسين جودة المؤسسات الصحية. 
أما الشباب الأردني فقد حضي على الدوام بالاهتمام والرعاية الهاشمية، وقد وضعهم ضمن اولوياته كونهم يشكلون الثروة الحقيقية للأردن، فحرص على تحفيزهم وتمكينهم واحتضان أفكارهم ودعم مشاريعهم، لتتحول إلى مشاريع إنتاجية مدرّة للدخل وذات قيمة اقتصادية، فرؤيته تقوم على ضرورة اشراك  الشباب المتميز في لقاءات وحوارات دورية لإيمانه المطلق بالحوار كسبيل للتطوير والبناء، وإطلاق المبادرات الهادفة لتفعيل دور الشباب في الحياة العامة والتركيز عليها من اجل إعطائهم الفرصة وتأهيلهم وإعدادهم كقادة للمستقبل، إضافة الى توجيهه للحكومات نحو دعم المؤسسات الشبابية والرياضية والارتقاء بمستوى الخدمات التي توفرها لقطاع الشباب فشملت المبادرات الملكية السامية نحو انشاء مراكز الشباب والشابات في مختلف المحافظات إضافة الى انشاء محطات المعرفة وانشاء مدن رياضية بهدف توفير المرافق المناسبة للشباب وتأهيلهم ورعايتهم. 
أما القطاع السياحي فقد شملته المبادرات الملكية بهدف الارتقاء بهذا القطاع الهام والحيوي حيث تم خلالها دعم مجموعة من المشاريع السياحية في مختلف مناطق المملكة بهدف تطوير المعالم السياحية ورفع مستوى الخدمات مثل تطوير مراكز الزوار في المناطق السياحية والمحميات الطبيعية.
أما الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة فقد كانوا على الدوام ضمن أولويات جلالة الملك المعظم من خلال إنشاؤه مراكز الرعاية الخاصة بالأشخاص المعوقين إضافة الى توفير وسائل النقل المجهزة والمناسبة لهم.
أما الامن الوطني الداخلي والسلم المجتمعي بين أبناء العشائر الأردنية فكانت على رأس أولويات جلالة الملك المعظم، فقد كانت القضايا العشائرية العالقة وموضوع الجلوة العشائرية ضمن التوجيهات الرئيسية التي لا يكاد يخلو لقاء مع جلالته إلا ويؤكد على ضرورة إيجاد الحلول السريعة والناجعة لإنهائها، فكانت ارادته الحقيقية سبيلاً لإنهاء موضوع الجلوة العشائرية وإقرار وثيقة الجلوة والتي كانت سبباً في إنهاء معاناة ما يزيد عن  3000 شخص حتى الان واعادتهم الى منازلهم بعد معاناة دامت لسنوات طويلة، إضافة الى مشروع لقانون الديات والذي سيكون حال اقراره رسمياً مكملاً لوثيقة الجلوة العشائرية.
وحيث ان القائد العظيم هو أحد أبناء المؤسسة العسكرية والذين تتلمذوا على يدي الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه، فقد أولى الجيش العربي المصطفوي والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية وافر الاهتمام والرعاية، وكما كانت على الدوام باهتمام ورعاية الهاشميين منذ تأسيس الدولة الأردنية في العام 1921م، فقد واصل الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه اهتمامه بها ووضعها ضمن أولى أولوياته، فأولاها جل رعايته، وحرص على أن تكون في طليعة جيوش العالم إعداداً وتدريباً وتأهيلاً، لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على أكمل وجه، فأصبحت قوات تتميز بالحرفية والانضباط على مستوى جيوش العالم وسجلت حضورا ً متميزاً ضمن قوات حفظ السلام الدولية.
 وانطلاقا من الرؤية الاستشرافية لجلالة الملك المعظم لتحديث وتطوير الأجهزة الأمنية والمستندة على معايير التطوير والتحديث ومراعاة للتنسيق وتوحيد الجهود بينها، فقد تم دمج المديرية العامة لقوات الدرك والمديرية العامة للدفاع المدني ضمن مظلة الامن العام بحيث تعمل بحرفية أفضل وتحت قيادة موحدة بشكل يضمن تعميق التنسيق الأمني المحترف وبما ينعكس على تجويد الخدمة المقدمة للمواطنين.
ومن منطلق وفائه لرفاق السلاح الذين كانوا على الدوام نصب عيني القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، ونتيجة للعلاقة الوطيدة التي تجمع الملك عبدالله الثاني برفاق السلاح عبر عقود من الخدمة في الوحدات والتشكيلات العسكرية وبما تحمله من المعاني والدلالات والذكريات، فقد جاء الاهتمام الملكي السامي بإخوانه من المتقاعدين العسكريين وفاءً وتقديراً لهم، وحرصه على الالتقاء بهم تقديراً لعطائهم خلال سنوات خدمتهم العسكرية وتضحياتهم دفاعا عن الوطن، فقد تم تنفيذ عدة مبادرات لتحسين أوضاعهم المعيشية، وتخصيص يوم الخامس عشر من شهر شباط من كل عام يوما للوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى والاستفادة من خبراتهم الوطنية، وتكليف صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد المعظم لمتابعة برنامج رفاق السلاح تقديرا واكراماً  لهم.
ونظرا للأهمية التاريخية والوطنية لأراضي الغمر والباقورة والتي هي أراض أردنية وستبقى أردنية، ومن حق الأردن أن يمارس سيادته الكاملة عليها، والتي تعتبر من الأوليات العليا والتي تتمثل بحماية المصالح الوطنية، فقد اتخذ جلالة الملك المعظم قراره الوطني الجريء والذي يخدم المصالح الوطنية العليا للأردن عندما أعلن عن إنهاء الملحقين اللذين سمحا لإسرائيل باستخدام أراضي الباقورة والغمر وعودتها الى السيطرة والسيادة الأردنية بالكامل. 
وقبل أن اختم هذه الاطلالة العاجلة للمحطات المضيئة لجلالة الملك المعظم ونحن نحتفل بالذكرى 23 لتسلمه لسلطاته الدستورية، فلا بد  لنا من التركيز على الدور الديني ومسؤوليته في الدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف في وجه الهجمة الشرسة التي تستهدف الإسلام، وتسعى الى تشويه سمعته، كيف لا وهو المنحدر من سبط المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو الذي حمل على عاتقه مسؤولية نشر رسالة المحبة والسلام والوئام بين الناس من اتباع الديانات السماوية، وعزز ايمانه من خلال ارساءه  للمبادئ والقيم التي تدعو لذلك، فاطلق المبادرات الملكية السامية التي تعنى ببيان الصورة المشرقة للدين الإسلامي الحنيف فأطلق "رسالة عمان" في العام 2004م، والتي تهدف الى  بيان الصورة الحقيقية السمحة المشرقة عن الإسلام في مواجهة الهجمة الشرسة التي شنها الغرب على الإسلام.
ولم يقف الملك المعظم عند هذا الحد، بل استمر في أداء هذا الدور المحوري فاتبع رسالة عمان بإطلاقه لمبادرة "كلمة سواء" في العام 2006 والتي تدعو اتباع الديانات السماوية الثلاث للالتقاء على كلمة سواء، والتي حملت دعوة للسلام والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وإيجاد أرضية مشتركة بين المعتقدين قائمة على وصيتين، حب الله، وحب الجوار.
ولم تتوقف جهود جلالة الملك عبدالله الثاني عند هاتين المبادرتين بل اطلق في العام 2010م مبادرة "أسبوع الوئام العالمي بين الأديان" والتي طرحها لأول مرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تبنتها بالإجماع بعد أقل من شهر من اطلاقها، ليصبح أول أسبوع من شهر شباط من كل عام، أسبوعاُ للوئام بين الأديان على مستوى العالم، فجعل جلالة الملك عبدالله الثاني من الأردن واحة للسلام في خطوة مهمة على طريق ترسيخ أواصر الإخاء والتسامح بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز رسالة السلام، التي تدعو لها جميع الأديان السماوية.  
كما وعمل جلالة الملك على تطوير منطقة المغطس وسعى وبجهد دولي كبير مع الفاتيكان لاعتماد الضفة الشرقية لنهر الأردن كمكان لعماد السيد المسيح عليه السلام، فباتت الأردن في عهده محجاً للمسيحيين حول العالم من كافة طوائفه، وأصبح الأردن أنموذج ومثالاً يحتذى في الوسطية والاعتدال، والعيش المشترك بين مكوناته الاجتماعية والدينية. 
 
وفي عيد ميلاده الستين اراد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم أن يشارك الأردنيين في ملامح ومستقبل الأردن بإطار رؤية وطنية شاملة يشارك فيها الجميع في رسالة وجهها لهم تضمنت رؤيته بإطلاق الإمكانيات لتحقيق النمو الشامل المستدام ومضاعفة فرص العمل وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمآن نوعية حياة أفضل للمواطن الأردني. 
محطات مضيئة وزاخرة بالعطاء والانجاز لجلالة الملك المعزز نستذكرها في ذكرى تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم عميد آل البيت الهاشمي سليل الدوحة الهاشمية، وستبقى الاسرة الأردنية الواحدة تذكرها بفخر واعتزاز من أجل رفعة الأردن ليبقى موئلاً للأحرار وأرض للعيش المشترك واحة أمن وأمان، مستبشرين بما تحقق من انجازات مؤكدين اعتزازنا بالدور الكبير الذي يقوم به جلالة الملك في ادارة شؤون الدولة عبر حماية منجزاتها وصون مكتسباتها ورعاية مصالح مواطنيها والدفاع عن قضايا الامتين العربية والإسلامية.
معاهدين المولى عز وجل بأن نعبر المئوية الثانية من عمر مملكتنا الزاهية بكم آل هاشم متسلحين بعزيمتكم الواثقة من تحقيق الانجاز، وبعزيمتكم الصلبة على تجسيد رؤيتكم الملكية السامية في بناء مشروع الدولة النهضوي ليكون الأردن في مصاف دول العالم المتقدمة، عاقدين العزم على المضي خلفكم بعزيمة الأردنيين المعهودة والواثقة من تحقيق المنجز.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/07 الساعة 00:15