كل هذا «التشظّي» الفلسطيني.. ماذا سيُقرّر «المجلس المركزي» اليوم؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/06 الساعة 01:12
اياً كانت ملابسات القرار الذي اتّخذه «حزب الشعب» كذلك «الجبهة الديموقراطية', في شأن مشاركتهما في اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية, الذي يلتئم اليوم في رام الله (بعد أن تمّ تفويضه صلاحيات المجلس الوطني في سابقة لافتة), فإن أحداً لا يتوقّع خروج اجتماع كهذا بقرارات «توفيقية» حتى لا نقول تحظى بالإجماع. خاصة أنّه يُعقد وسط مُقاطعة لافتة من فصائل وتنظيمات يصعب تجاهل ثقلها السياسي والجماهيري مثل الجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية والقيادة العامة، إضافة إلى حركتيّ حماس والجهاد، رغم أنّ الحركتين غير مُمثلتين في المجلس المركزي, ولم توجّه لهما دعوة لحضور جلسته المثيرة للجدل والخلافات الحادّة على ما أكّد عزام الأحمد عضو «المركزي» ومركزية فتح تنفيذية المنظمة.
وبصرف النّظر بل ثمّة ضرورة لصرف النظر عن التصريحات التي أدلى بها الأخير - الأحمد - بشأن اتّخاذ المجلس المركزي «قرارات حاسمة» وتكرار المعزوفة المعروفة حول «إعادة تنظيم العلاقة الفلسطينية على كافة المستويات, التي تشمل الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتّحدة والمقاومة الشعبية الفلسطينية والمصالحة» وغيرها من المصطلحات المُستهلَكة خاصّة التلويح بـ«تعليق» التنسيق الأمني، والاستعداد لحوارات مفتوحة مع «الأخوة» لإنهاء الانقسام، فإنّ الواضح الآن وبعد الخلافات غير الخافية على أحد بل المُعلنة, التي دبّت في صفوف فتح كما الديمقراطية وحزب الشعب وتهديد كوادر وأطر تنظيمية بالاستقالة «الجماعية» والانسحاب من صفوف تلك الفصائل، نقول: إنّ اجتماع المركزي اليوم يندرج في إطار «معركة الوراثة» التي يخوضها أركان الحزب الحاكم/حركة فتح، إذ يبرز «الثنائي» ماجد فرج وحسين الشيخ، حيث نجم الأخير آخذ في السطوع، خاصّة بعد ترشيحه لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير (لشغل مقعد من المقعديْن الشاغرين بوفاة صائب عريقات واستقالة حنان عشراوي)، وثمة تسريبات مقصودة بذاتها ولذاتها تتحدث عن «توجّه» لـ«انتخابه» أمينا لسرّ تنفيذية المنظمة، وهو الموقع الذي شغله لسنوات طويلة محمود عباس، ما أهّله لخلافة ياسر عرفات، شغله من بعده الراحل صائب عريقات.. إضافة بالطبع إلى انتخاب (اقرأ تعيين) روحي فتوح رئيساً للمجلس الوطني خلفاً لرئيسه المستقيل (بسبب الشيخوخة) سليم الزعنون/أبو الأديب، الذي استمرّ في موقعه منذ العام 1996 حتّى الآن، ما أعاد إلى الأذهان قرار مركزية فتح في العام 2008، إعفاء/روحي فتوح من مسؤولياته ومهماته الحركية بعد حادثة تهريب «ألفيّ هاتف خليوي» في سيارته الرسمية، تمّ تحميل «سائقه» مسؤولية التهريب فيما تنصّل هو من المسؤولية لكنّه قدّم «اعتذاراً» لرئيس السلطة..
وإذ واصلَت الفصائل التي قاطعت اجتماع المركزي إصدار التصريحات المُنددة والمُدينة لدوره اليوم, وصلت حدود التخوين واتّهام السلطة وفتح بـ«اختطاف مؤسسات الشعب الفلسطيني القيادية، وتفريغها من مضمونها وتهشيم تاريخها وتحويلها إلى أداة لتحقيق أجندات شخصية وترتيبات مستقبلية خطيرة» على ما ذهبت إليه حماس، فيما قالت حركة الجهاد أنّ الاجتماع تحت حِراب الاحتلال, هو ارتهان المنظمة ومؤسساتها لمشروع سياسي فاشل»، في حين اختارت المبادرة الوطنية في بيان مطول القول: «إنّها لن تُشارك في الاجتماع (الذي طالبت بتأجيله) احتراماً لمواقفها, وللإرادة الشعبية الفلسطينية الطامحة إلى إصلاح منظمة التحرير، وإلى تحقيق الوحدة الوطنية على أساس الشراكة الديمقراطية وبرنامج كفاحي لمواجهة الاحتلال ونظام الأبرتهايد العنصري».
ذلك كلّه لا يعني غضّ النظر عن «عملية المُساومة» التي لجأت إليها فصائل معروفة مقابل حضورها اجتماع المركزي، إن لجهة ضمان استمرار «تدفّق» المُخصصات المالية إلى صناديقها، أم خصوصاً لجهة «المناصب» التي يجب «تأمينها» لها في صفوف مؤسسات المنظمة كما مؤسسات السلطة. وهي مساومات تؤكد في النهاية بُعدها عن «حكاية» البرنامج والآليات والمشروع الوطني, وغيرها من المفردات والمصطلحات التي تعجّ بها بيانات تلك الفصائل والتصريحات العنترية التي يدلي بها قادتها على أكثر من منبر, وعبر أكثر من وسيلة إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة, ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي على نحوٍ خاص.
في المجمل.. أياً كان ثقة قادة فتح/والسلطة بتأمين الأغلبية العددية اللازمة لتمرير قرارات تصعيد مُرشّحيها لمناصب «رفيعة» في منظمة التحرير، وأياً كان «المعسكر» الذي سيفوز في النهاية في معركة «الوراثة» المحتدمة الآن، فإنّ الصدوع الآخذة في التعمق فلسطينياً.. أفقياً وعمودياً، ستُطيح كلّ محاولات «الأشِقاء» رأب تلك الصدوع وإنهاء الانقسام، خاصّة «حوارات الجزائر» التي تبدو سائرة نحو طريق مسدود... مسدود.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/06 الساعة 01:12