هذا ما حدث في الكويت

مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/31 الساعة 01:30
في الكويت يوجد النفط بكثرة, والمال أيضاً.. والشوارع متسعة جداً، وحين تدخل مول (الأفينيو) تكتشف بأنه أهم تحفة عمرانية في المنطقة... وكل (الماركات) موجودة هناك, وأنت إن كنت موظفاً أو مواطناً بسيطاً أو حتى مقيما تجرؤ أن تخرج بطاقة (البنك), وتشتري ما تشاء, وتأكل ما تشاء... في الكويت أيضا, ركوب السيارة لا يعتبر حلماً بعيد المنال, والسفر لبلاد بعيدة وقضاء الصيف يعتبر أمرا في متناول صغار الموظفين.. والصبايا هناك مازلن يحترفن البداوة, ويحفظن الشعر النبطي.. ويؤسسن لحضور نسوي مهم في مختلف مرافق الدولة.. وينافسن الرجل في التفوق والإبداع... في الكويت, هذا موسم البر والكل له خيمة في الصحراء, وأنت في أي لحظة تستطيع أن تدير محرك (الجمس) وترحل مع الأصدقاء إلى هناك, ويزول الصداع منك فوراً... والصحراء تحتضنك, والقهوة العابقة بالهيل تدخل في رأسك مباشرة وتمنحك الهدوء.. لكن الكويت مع كل ذلك تقرر في لحظة ان تحتفل بمحمد العوضي وتنسى كل ذلك, لأنه رفض أن يلعب مع إسرائيلي في منافسة عالمية للتنس الأرضي, لا أعرف كم عمر محمد العوضي؟ ولكنه ما زال في المدرسة.. ما زال صغيراً, وقرر أن يوظف سمرته الجميلة والعيون البدوية, لأجل العروبة وفلسطين... لو أن محمد العوضي كسر ذاك الحاجز ولعب مع الإسرائيلي.. ربما لتلقى دعوات هائلة، وربما سيصنفه اتحاد التنس العالمي كموهبة خطيرة.. وسيقدم للعالم على أنه اللاعب المنفتح الذي يفهم معنى الرياضة وقيمها.. أشكرك يا محمد العوضي, لأنك روح الكويت والتعبير الحقيقي عن الخطى التي خطها أهلك في صحراء متعبة وتركوا أثرهم.. واشكرك لأن المال والثراء لم يمنعاك عن تقديم موقف قومي نبيل، ربما عجزت عن تقديمه في لحظة قامات.. واشكرك يا سيدي, لأنك كنت وفياً وتأكد أن أحدا لن يلومك لو لعبت مع اليهودي.. سيقولون هو مجرد طفل يحب اللعبة, لكنك لم تكن كذلك لم تكن بالطفل الذي يبحث عن شغفه, بل كنت رجلا يترجم قوميته بالمواقف والمبادئ.. كأنك يا رفيق قررت أن تخيط روحك وجسدك مع تراب فلسطين.. وفعلتها, حين رمى البعض القضية عن كتفيه ومضى.. والسؤال لماذا مجتمعات الرفاه هذه بالرغم من كل النفط.. تقرر أن تعلن مقاومتها دون التفات للأثمان الغالية التي ستدفعها؟ لسبب بسيط.. وهو أن الدولة هنالك لا تناكف كويتيا في حسه القومي, أو مواقفه تجاه فلسطين.. أو تجر أحدهم ليحمل موقفا رسميا هو لا يقتنع به... منذ أمس والفتى محمد العوضي, ينتج مشهدا في الكويت.. يجعلك تفتخر به وتفتخر بوطن, ذاق من الجراح ما ذاق وشرد أهله.. وعانى من احتلال مرعب.. مع ذلك ظل الناس هناك على عروبتهم وبداوتهم ووفائهم. سنعلم أولادنا أن يكونوا مثلك يا محمد, حماك الله.. وحمى التراب الذي انجبك واحتضنك وشكل سمرتك البدوية, وأخرجك للدنيا بكل هذا الكبرياء.. وكل هذا الألق لقد كنت سيد القبيلة وفارسها, وأمضى سيوفها.. وأجمل ما انتج الحب. Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/31 الساعة 01:30