حتى لا تضيع فرصة تحديث المنظومة السياسية كما اضعنا الميثاق

مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/19 الساعة 01:01

 جدل الهوية ارتفعت وتيرته بعد الاعوام الثلاثة التي هزت المجتمع كما افردت في مقالة الامس, واستثمر هذا الجدل كل راغب بتحويشة صوتية لخوض الانتخابات او مقايضة رمزية التمثيل بموقع رسمي, وبدأ تذخير الاسلحة الاقليمية, ونما على الاتجاهين تحالفات تستثمر في حالة السيولة الوطنية الناجمة عن عدم تطبيق الميثاق الوطني على شكل برامج عمل ومنهج سياسي, وفي هذه الغمرة تفتّح ما يشبه الصدمة الاولى لعقل الدولة, فالجزء الاكبر من اللاجئين كان قد حسم خياراته باتجاه التيارات الاسلاموية, التي بقيت محافظة على شعار فلسطين من البحر الى النهر, بعد ان استشعرت هذه الكتلة البشرية الضخمة, غياب تمثيلها, بعد «كادوك» منظمة التحرير الفلسطينية, وانحياز الدولة الاردنية الى مجتمع دولة الوحدة عام 1950, اي ابناء الضفة الغربية.

 
وللتذكير فإن كلمة كادوك تعني الغاء مشروعية وشرعية تمثيل منظمة التحرير لابناء النكبة, وانحصر صراع التمثيل بين منظمة التحرير والاردن على ابناء الضفة دون غيرهم, فوزارة شؤون الارض المحتلة وخلفها القانوني دائرة الشؤون الفلسطينية كانت تستقبل وفود الضفة وتتعامل معهم, مكتفية بدور محدود في المخيمات في الاردن ولم تلتفت حتى في اتون دولة الوحدة الى مخيمات الضفة, من خلال التنسيب باعضاء لجان تحسين المخيمات والاشراف على عمل الاندية فيها, والتي – اي الاندية–سرعان ما تم الحاقها الى وزارة الشباب, وبدأ عنوان اللجوء بالخفوت مع السماح بالبناء الطابقي في المخيمات, ولولا بقاء مدارس الاونروا لفقدت هذه المخيمات رمزية وجودها, اي ان السياق العام كان متجها الى وضع كل البيض في سلة التفاوض, الذي اقصى حدوده دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية, وهذا لا يعبّر ولا يمثل 78% من المكون الغرب اردني.
 
منذ العام 1950 والسلوك الرسمي يتفاعل ويتعامل بمفهوم دولة الوحدة, نصف مقاعد البرلمان ونصف الاعيان تتقاسمه الضفتان, ولا احد يلتفت الى اللاجئين الذين اختاروا ما يشبه ادارة الظهر الى العمل السياسي, وهذا تفسير لعزوفهم عن المشاركة السياسية, سواء في الانتخابات النيابية او العمل الحزبي, ومن يقرأ نسب التصويت في دوائر الكثافة السكانية لهم يدرك ذلك جيدا, فقد نسيتهم المنظومة السياسية طوال خمسة عقود, بل ان التعسف في تطبيق قرار فك الارتباط, طال كثيراً منهم, ممن يحملون صفة اللاجئ/ النازح, فزادت غربتهم واغترابهم اكثر واكثر, قبل ان يستجمعوا قواهم وينحازوا الى الدولة في المفاصل الرئيسة كما ظهر في اتون الربيع العربي وقبلها في العام 1970 حين انحازوا الى الدولة وسلطتها, وقد اشار الراحل الحسين رحمه الله الى ذلك اكثر من مرة, فهم كانوا عماد الطبقة الوسطى التي انحازت الى الدولة سابقا ولاحقا.
 
هذا الاختلال في الفهم, على شدة اثاره السلبية سابقا, هو مفتاح الحل اليوم, بعد ان استقر وجود السلطة الوطنية الفلسطينية, حتى ولو بشكل مهزوز كما هو الحال اليوم, فقد حسم الداخل الفلسطيني موقفه بدولة فلسطينية ولعل الانتفاضة الاخيرة التي شهدت كل فلسطين قد اجابت على كل الهواجس, وبقي ان نحسم هواجسنا نحن في الاردن, بالمواطنة التي تستند الى هوية المقاومة, بعد انضاج ومراجعة الموقف من دولة الوحدة واعادة تعريف المواطنة على قاعدة الهوية الوطنية الاردنية, فلا هوية غيرها, وهي هوية مقاومة لكل مشاريع واشكال التمدد الصهيوني.
 
فمن يحب فلسطين عليه ان يؤمن بيقين ان قوة ومنعة الدولة الاردنية, هي مهمة وهدف, ومن يحب الاردن عليه ان يؤمن بيقين ان الدولة الفلسطينية هي مهمة وهدف, وهذا يتحقق بتقوية الهوية الاردنية الوطنية الخالية من اي لُبس ودنس, ودعم صمود الاهل هناك بكل ما نملك من قوة, واذا اضعنا فرصة الميثاق الوطني فعلينا الا نضيع فرصة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وحسم مفهوم ومصطلح الهوية الوطنية الاردنية.
 
omarkallab@yahoo.com
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/19 الساعة 01:01