كفافي يكتب: مستوى التعلم والتعليم في الأردن

مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/11 الساعة 20:24

مدار الساعة - كتب: أ.د. زيدان كفافي – رئيس جامعة اليرموك الأسبق..

 
يتحدث الناس سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي حول مستوى التعلم والتعليم في الأردن، وكل منهم يبحث عن السبب وترى بعضاً منهم يشير بإصبعه إلى الشخوص أو/والمؤسسات دون محاولة البحث والاستقصاء حول الأسباب التي أدت إلى هذا الهبوط . وللأسف فإننا نرى أن التعميم وإرجاع الأسباب على جميع المعلمين والمتعلمين والمدارس والجامعات منافً للحقيقة، لأن المسؤولية عامة وخاصة أقصد الدولة والمجتمع. 
 
والمتابع لمستوى التعلم والتعليم في مدارس المملكة الأردنية الهاشمية يجد أن هناك تدرج في مستوى التحصيل العلمي عند الطلبة ويختلف من مدرسة إلى أخرى، ومن جامعة لأخرى. ويذكر بعض المهتمين بهذا االأمر أن السبب في تراجع التعليم مرده إلى تراجع المقدرة على توصيل المعلومة، أي المعلومة الصحيحة لدى المعلمين. كما أن مصادر المعلومة وطريقة الحصول عليها شيء هام، فلم تعد طرق ووسائل التعلم هذه الأيام كما كان عليه الحال قبل حصول الثورة الرقمية.
 
وإذا جاز لي أن أذكر العوامل التي تتدخل في علو أو هبوط المستوى التعليمي، قياساً، فهي كالتالي:
1. العنصر البشري: وهذا يعني المتلقي (الطالب) والذي يجب أن تتوفر لديه الرغبة، والمعلم الذي يجب أن تتوفر فيه الكفاءة المعرفية الأفقية والعمودية، والكفاية التدريبية من حيث سيطرته على  طرق ووسائل التعلم الحديثة. وأما بالنسبة للشق الأول، وهو الطالب، فالأساس في تنمية الرغبة لديه البيت (الأهل) وكذلك المعلم. أما المعلم فمن واجب المؤسسة التي يعمل بها تأهيله تأهيلاً تربوياً من حيث عقد الدورات المتخصصة بطرق ووسائل التعلم الحديثة وتوفير وسائل التعلم له. 
2. الهدف من التعلم والتعليم: كان الناس ولا يزالون يرسلون أبنائهم للمدارس والجامعات أملاً في الحصول على وظيفة يستطيع أن يأكل منها أسباب معيشته. لكن هذا الهدف أخذ يتراجع في السنوات الأخيرة لكثرة الخريجين وتزاحمهم في الحصول على الوظيفية. وبناء عليه أخذ القائمون على التعليم في الأردن ينادون بضرور التركيز على الدراسة المهنية والحرفية من أجل الحصول على عمل أو وظيفة. إذن نستطيع القول أن الهدف من الدراسة الجامعية خاصة "الحصول على وظيفة"، أي ليس "التعلم من أجل العلم". ويبدو أن الناس لا زالوا يعتقدون أن الوظيفة مضمونة إذا ما درس أبنائهم الطب، أو الهندسة، أو الصيدلة، وبرأي أن هذه التخصصات ستصبح راكدة في المستقبل القريب ، إن لم تكن كذلك هي الآن. ومن هنا من الضرورة بمكان وضع استراتيجية وطنية لإرشاد الطلبة، وأهاليهم قبلهم، لمثل هذا الأمر.
3. المحتوى التعليمي: يسير العالم بخطوات واسعة نحو "عولمة التعليم"، ومن هنا نجد أن كثيراً من المعارف التي كانت تدرس في الماضي قد تراجعت أمام زحف علوم الثورة الرقمية. ومن هنا نرى أن تخصصات مثل " نظم المعلومات الإلكترونية" قد انهزمت أمام "الذكاء الصناعي" و "الأمن السيبراني". ليس هذا فقط، فقد اكتسحت التخصصات العلمية بمجملها تخصصات العلوم الانسانية والاجتماعية، وهذا أدى بالتالي إلى إندحار الفكر أمام العلم. وحتى أن بعض الجامعات لا تدرس لطلبة الطب والصيدلة والهندسة أية مساقات في العلوم الانسانية والاجتماعية، وإن درسها بعض الطلبة ضمن "متطلبات الجامعة الاختيارية" فالهدف منها هو رفع المعدل لا المعرفة. ومن هنا نرى أن بعض المدرسين يميلون إلى تسهيل الأمور على الطلبة، فهم بهذه الحالة لا يستفيدون منها سوى العلامة المرتفعة، ولا يهتمون بالمحتوى، وتراهم يسألون عن الأستاذ وعلاماته قبل سؤالهم عن محتوى المساق.
4. وسائل التعلم: فرضت جائحة كورونا على المؤسسات التعليمية ضرورة التدريس عن بعد، وهذا الأمر يتطلب ما يلي:
أ‌. تأمين منصات تعليمية خاصة ومناسبة.
ب‌. توحيد محتوى المساقات ذات الشعب المتعددة.
ت‌. تأهيل المدرسين حول كيفية التعامل مع وسائل التعلم الإلكترونية ومتابعة تطوراتها السريعة.
ث‌. لم يعد الطالب يشتري الكتب والدفاتر، ولم يعد المعلم يستخدم اللوح والطباشير والمساحات...وأصبح الطالب يتعلم بالنظر أكثر من الحفظ. 
5. لا بد من رفع مستوى المعلم المهني وراتبه الشهري حتى لا يحتاج أن يعمل سائق سيارة أو "دكنجي" بعد انتهائه من المدرسة. وبالمناسبة فإن رواتب المعلمين بألمانيا هي أعلى رواتب.
من هنا قبل أن نقول بأن التعليم في الأردن قد هبط أو ارتفع مستواه علينا أن نحاكم أنفسنا ونسأل:  هل حققنا الشروط المطلوبة لرفع مستوى التعلم والتعليم في الأردن؟
والله من وراء القصد

مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/11 الساعة 20:24