سوريا.. الدجاج حلم وجلودها البديل، والفلافل وجبة الأغنياء
مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/05 الساعة 16:28
مدار الساعة - 'ماذا يأكل السوريون اليوم'، قد تكون الإجابة عن هذا السؤال ونحن ندخل عام 2022، مخجلة ومحزنة في الوقت نفسه، ويمكن أن يجيبنا البعض بأنهم لا يأكلون شيئاً، وبعضهم الآخر ينتظرون بقايا الأحياء الغنية والمتوسطة كي يطعموا أولادهم.
حملنا سؤالنا المحرج وجلنا به أسواق دمشق المتخصصة ببيع الخضار واللحوم، ولكن ليس من الضروري السؤال كثيراً؛ فحركة البيع الجامدة فضحت الإجابة، فقررنا أن نسألهم كيف غيَّرتم طريقة أكلكم وأي حلول ابتكرتموها للالتفاف على الغلاء.
في أحد محال بيع الدجاج أخبرتنا سيدة بأنها اليوم تحلم بشراء الدجاج الذي كانت تشتريه قبل سنتين، موضحة أن الوضع قبل سنتين ورغم سنين الحرب كان أفضل من اليوم.
وتتابع أنها كانت تشتري شرحات دجاج بالكيلو ولكن اليوم تشتري بالقطعة كي تمنح طبخته نكهة دجاج ولو بسيطة، وتدعمها ببودرة مرق الدجاج الذي تشتريه من محلات التوابل وليس المكعبات المغلفة؛ لأن هذه الأخيرة ارتفعت أسعارها كثيراً وخاصة الماركات المعروفة.
ويخبرنا صاحب المحل أن الوضع سيئ جداً وأن الارتفاع الأخير مصدره من المداجن التي رفعت أسعارها بسبب غلاء العلف وغلاء المحروقات المستخدمة في المداجن.
ويتابع المتحدث أن الكمية التي تُطلب منه مضحكة ومحزنة، فقد يطلب منه كباب بألف ليرة سورية، وهي كمية لا تُذكر ولكنه يضطر لتلبية طلب الزبون لعلمه بوضع الناس.
ويتابع بحرقة أن الطلب اليوم على جلود الدجاج وعظمه وهي عادة كانت تباع للقطط والكلاب، ازداد هذا العام بشكل كبير، وبعضهم يشتري أعضاء الدجاج الداخلية من أمعاء ومعدة ويطحنها كي يضيفوها للطعام.
وفي المكان نفسه أخبرنا رجل أربعيني بأنهم اعتادوا تناول الدجاج مرتين بالأسبوع لكن العدد تقلص اليوم لمرة بالأسبوعين، وأنهم نسوا طعم اللحم من عدة سنوات، وفي أحسن الأحوال يطحنون شرحات الدجاج بشكل ناعم لتمسي مشابهة للحم، ويستخدمونها بكمية قليلة كي تترك نكهة في الطبخ.
مونة في القمامة
اعتاد السوريون عادة في الصيف استغلال رخص أسعار بعض المأكولات، وتخزين بعضها في الثلاجات بما يُسمى 'المونة'، وهذه المونة تكفيهم عادة في أيام الشتاء، لكن الكهرباء في الصيف الفائت لم ترحهم، واستمرار انقطاعها لساعات طويلة دفع الغالبية لرمي كل ما عمل عليه من مونة في القمامة، هادرين بذلك ساعات طويلة من العمل وأموال اقتطعوها من لقمتهم اليومية كي يؤمنوا لهم شيئاً يسندهم بالشتاء.
وتخبرنا سيدة أربعينية، أنها أمضت الصيف وهي تجهز البازلاء وورق العنف والبامياء، لكن للأسف جهدها ذهب بدون مقابل، فبعد انقطاع الكهرباء لست ساعات متواصلة في كثير من الأحيان، تلفت كل مدخرتها ورمتها في القمامة.
وتنوه سيدة أخرى بأنها تعلمت من أخطاء السنوات السابقة وانقطاعات الكهرباء المستمرة فاعتمدت أساليب الجدات بالتيبيس والتجفيف، وكانت مونتها عبارة عن حبوب ومجففات، وختمت ساخرة: 'في هذه البلاد لا يمكن أن تضمني شيئاً'.
أكل العصافير
في كل دول العالم، ينثر المارة الطعام من بقايا خبز وحبوب للطيور كي يتغذوا عليها، لكن المنظر في دمشق مختلف، فثمة سيدة افترشت الأرضت كي تجمع ما نثره الناس وتطعم به أولادها.
لم تكن حصيلتها شيئاً مهماً، فهي مجرد بقايا خبز يابس أو ربما عفن والقليل من الحبوب، مع هذا رضيت السيدة بنصيبها، وجمعته في كيس بلاستيكي عتيق سيكون وجبة أولادها لهذا اليوم.
ويخبرنا أحد الباعة في المنطقة أن هذه السيدة اعتادت القدوم يومياً لهذا المكان لجمع هذه البقايا، ويأسف لعدم قدرته وقدرة غيره على مساعدة هؤلاء المحتاجين؛ لأن الجميع بات اليوم كما يقول 'على باب الله'، وغالبية الناس اختصروا وجبة من وجباتهم، والكثيرون نسوا معنى الحلويات العربية والشوكولا، وحتى الفلافل التي كانت وجبة 'الدراويش' بات يُحسب لها ألف حساب؛ فقرص الفلافل الواحد بحدود المئة ليرة، وأي شخص يحتاج لحوالي خمسة أقراص، وبالتالي أصبح السعر ألف ليرة دون حساب الحمص والخبز وبقية المكملات.
غير بعيد عن المكان تجمع عدة أطفال صغار لنبش حاوية قمامة ممتلئة، وقفز أحدهم لداخلها كي يُسرع عملية النبش لأصدقائه، وحينما عثر على شيء قابل للأكل وضعوه جانباً كي يأكلوه بعدما ينهون تفريغ هذه الحاوية ويبحثون عن حاوية أخرى.
المفركات
يمكن القول بأن 'المفركات' باتت سيدة المائدة في سورية، طبعاً مفركات من دون لحم، وهي أكلة تُصنع عادة من أحد أنواع الخضار مع قليل من اللحم والبصل، مثل مفركة البطاطا أو الكوسا وغيرها.
يخبرنا أحد المشترين أنه اعتمد لأسرته نظام المفركات فهي تملأ البطن نوعاً ما مع الخبز، وتقدم للجسم الخضار، وعن بدائل اللحمة ابتسم قائلاً:' الله يخليلنا الماجي'.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/05 الساعة 16:28