أتخيل!
مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/03 الساعة 01:22
مدينة أفلاطون هي من الأحلام التي لا يمكن تحقيقها، ولا تنفيذها على أرض الواقع منذ عهد ليس فقط لأنها غير واقعيّة فهي أيضا لا تحاكي الفكر ولا السلوك البشري على الإطلاق.
لكن هي سنة جديدة وهي مناسبة لأن نطلق العنان لخيالات فليس فقط المنجمون هم من يفعلون ذلك بمزيد من الإثارة عن يوم أحمر وآخر دامٍ وزلازل وكوارث وإنقلابات وما إلى ذلك تحت شعار كذب المنجمون ولو صدقوا, لكن على الأقل نستطيع هنا أن نتخيل مجتمعنا بالحد الأدني الممكن تحقيقه إذا توافرت الإرادة وتحقق العمل من أجل الإنتاج حكومة وشعبا ومؤسسات, عل وعسى!
أتخيل أبسط ما يحب أن يراه المواطن في بلده ليس أكثر, وسأفتح عيني الآن لأرى شوارع نظيفة ليس فيها سوء ووسائط نقل متنوعة دقيقة في حركتها مثل الساعة لا تسمع بين الناس سوى كلمتين هما التحية مع ابتسامة مخلصة وشكرا.
أتخيل روافع البناء وقد علت سماء عمان والمدن وعمال مخلصين يبنون ويعمرون بلا كلل ولا تعب إلا وتعقبه لذة في الإنجاز، واستثمارات تتنافس على قائمة طويلة من المشاريع التي تطرحها حكومة لا هم لها سوى راحة الناس..
معدل دخل الفرد يتجاوز 70 ألف دولار في السنة وموازنة بلا عجز وميزان تجاري يحقق فائضا يوجه للمشاريع الإنتاجية ومديونية صفر وتخيل لو أن الأردن بلد دائن وليس مديناً.
بطالة بحدود 3% تشمل من لا يريد أن يعمل لكنه يتمتع أسوة بالجميع بتأمين صحي غير مكلف ورعاية حكومية بدخل مناسب, وضرائب ليس مهما أن تكون مرتفعة ما دامت الأعمال منتعشة والدخل ممتاز والأرباح جيدة.
مدن ذكية ونموذجية ومساكن ملائمة للجميع وخدمات تصل بلا تعب ولا كلل ومرة أخرى ليس مهما تكاليفها ما دامت تتوافر بأعلى جودة وأكثر سرعة, ونصيب الفرد من المياه يتجاوز المعدل العالمي وأكثر..
موظفون يتنقلون بين الدوائر بترف فقط لأنهم تلقوا تدريبا وخبرة مميزين.
يجهل المواطن عناوين الدوائر والمؤسسات لأنه لا يحتاج إلى مراجعتها فكل شيء يمكنه فعله عبر هاتفه وهو جالس يستمتع مع العائلة في المنزل، حكومة إلكترونية وخدمات أي تي!
لا رشوة ولا محسوبية, ولا واسطة بل استحقاق وجدارة وقناعة بأن الخدمة العامة المخلصة هي أسمى غايات العمل.
حكومة رشيقة وزراؤها مرفهون ما دام كل المجتمع كذلك لكنه منصب يستحقه الأكثر رغبة في خدمة الناس والمجتمع بالمعنى الكامل لكلمة تكليف وليس «تشريف».
هل هذا ممكن؟
هذه ليست تخيلا إذ يمكن تحقيقها وقد تحققت في دول كثيرة، قادت اقتصاديات العالم..
فقط.. إفعلوها.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/01/03 الساعة 01:22