رفقا بما تبقى !!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/21 الساعة 06:11
ما يفزعنا من المستقبل ومن الكمائن التي تتربص بأحفادنا ليس ما يجري في عالمنا العربي على اختلاف خطوط الطول والعرض في تضاريسه السياسية، فقد حدث من قبل ما هو اقسى واشد، ما يفزعنا ويقضّ مضاجعنا بالكوابيس هو الكيفية التي نقرأ بها ما يجري، فهناك قطيعة بل طلاق بين المرض والتشخيص واخيرا بين المرض ووصفات علاجه. والسبب على ما يبدو ليس التخلف فقط، لأن لدينا من الجامعات والمتعلمين ومنابر الاعلام ما يجزم بأن الخطر ليس قادما هذه المرة من الامية والجهل بل من التواطؤ، ومن احتراف النخب لتجنب قول الحقيقة، لأنه باهظ التكلفة، ولو اخذنا عيّنات عشوائية من المعالجات والمقاربات الاعلامية لما يجري لوجدنا انها من نمط غير مسبوق لأنها تقول الشيء ونقيضه في اللحظة ذاتها وتبعا لآخر مكالمة هاتفية تحدد تجاه سهم البوصلة. ان اساليب التعامل مع المصائب تفتضح احيانا مصائب اعظم، وهذا بالفعل ما قاله احد المؤرخين عن جيبون عندما كتب عن سقوط الامبراطورية الرومانية، فقد قال ان اسلوب معالجته للسقوط يشي ويفتضح سقوط الحضارة التي ينتمي اليها والتي اتت بعد قرون طويلة من الرومان. وحبذا لو يلوذ بالصمت من ليس لديهم خيل يهدونها ولا مال لهذا العربي الجريح النازف من الخاصرتين، ما يحدث رغم فظاعته قابل للفهم اذا توافرت الاداة اللازمة وهي الوعي في اقصى درجات تجلياته، لكن العسير على الفهم والهضم هو هذا التنطع الذي يمارسه الهواة والباحثون عن مصدر للرزق والتكسب حتى لو كان من الدم. والتاريخ لن ينتهي غدا او بعد قرن، وستأتي لحظة فارقة يفرز فيها الشحم عن الورم والقمح عن الزؤان، والسراب عن الماء ... ويخطىء من يتصور بأنه سوف يهرب بجلده من تورط في التواطؤ او عرض قلمه للايجار، ولا اتصور ان هناك اختبارا اخلاقيا ومعرفيا مرّ بنا كهذا الاختبار العسير والذي بلغت فيه نسبة الرسوب مستوى كارثيا ينذر بما يعجز الخيال حتى لو كان كافكاويا عن بلوغه. فاتقوا الله ورفقا بأحفادكم وما تبقى في قبور امهاتكم ايها الراقصون على كل الحبال !! الدستور
  • تقبل
  • عرب
  • لحظة
  • مال
مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/21 الساعة 06:11