شغف الموزات

مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/23 الساعة 02:31
... لماذا نهتم (بالموزات)..؟ أمس كنت عند اللحام، وجاء رجل لشراء اللحم.. وحين أنهى اللحام التقطيع والتغليف قال له الرجل: (لو سمحت حط الموزات ع جنب)... لماذا؟ أنا شخصيا لا أعرف... حتى في طبخ المناسف، وحين كنا صغارا وتندلع (عزومة) حامية الوطيس، لدى أبناء العمومة، وتوقد النار تحت (القدور) الضخمة.. كنت غالبا ما ألمح رجلا بين الجموع، وظيفته أن يقول: (طلعوا الموزات لا يذوبن).. هذا الرجل من أبناء عم أبي, كانت هذه وظيفته.. لم اسمعه يوما يدلي برأي في الانتخابات, أو حتى في (هوشة) عشائرية, أو في مجلس للتسلية, أو لعبة هند.. فقط كان يتدخل في الولائم, ووظيفته هي: أنه المسؤول عن (الموزات)... اتذكر حين مات واصطحبانه للمقبرة, حاولت أن اتذكر سجاياه.. ما ترك من أثر طيب.. لكني لم اجد كل ما علق في ذاكرتي عن حياته هو أنه كان يتحمس جدا في الولائم الضخمة ويتفقد (الموزات)... حتى المطاعم.. هي الأخرى صارت تهتم (بالموزات), لدي صديق صاحب مطعم اسمه بشار العديلي, سألته أمس عن وجبة شهية تقدم في العشاء لصديق مهم فأخبرني بأن لديه وجبة يعدها فقط للحبايب وهي: موزات بالفخارة... تخيلوا حتى حين كانت الجموع تجلس في الولائم حول المناسف, كان ينطلق صوت من بينها يقول: (جيبوا الموزات ع سدر ابو محمد..), وأنا حقيقةً كنت استغرب لماذا يحب أبو محمد (الموزات).. وهل أكلها سيحوله إلى (جرندايزر) مثلا.. أو أنها طبخت لأبو محمد فقط... الأميركي يهتم كثيرا، بالقراءة.. والإنجليزي يهتم كثيرا بمشاهدة الدراما, والفرنسي يحب الجبن, والإيطالي يحب اجتماعات العائلة, الأردني بعكسهم تماما يحب (الموزات)... في رمضان الماضي, كنا في وليمة... وعلى طاولة قريبة مني اجتمعت عائلة مكونة من الأب والأم والأولاد, أكبرهم كان عمره لا يتجاوز الـ(15) عاما وأصغرهم كان (حمودة) وعمره (3) سنوات.. بعد أن ضرب مدفع الإفطار، بقي حمودة جالسا في حضن الأم, وكان كثير الحركة والشغب.. الغريب أن الوالدة كانت تصرخ بالأولاد: (هاتوا الموزة لحمودة).. والعائلة انشغلت بالبحث عن الموزة... يبدو أنها تعد الطفل حين يكبر.. لكي ينسف نظريات (نعوم تشومسكي) كاملة.. المهم أن الوليمة انتهت بصفعة لحمودة, لأنه حين انهى ابتلاع الموز قام بقضم يد الوالدة... تخيلوا حتى في إعلانات الأسواق, التي تقوم ببث العروض على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الرسائل القصيرة.. غالبا ما تأتيني بعض العروض من شاكلة: موزات استرالي, موزات روماني, موزات بلدي... الاهتمام بالموزات يتعدى الشأن الشعبي إلى الرسمي والنقابي والسياسي, وحتى البرلماني... هذا المقال هو مجرد تحذير للإخوة القراء, إذا التقينا في أي وليمة قادمة وقام أحدهم بوضع الموزة أمامي (قسما بالله لأسلخوا فيها بنص راسو)... لقد (جننونا) بقصة الموزات, لدرجة أني صرت أشعر.. بأنها (الكعكة الصفراء)... وليست قطعة لحم.. بالمناسبة الرجل الذي مات من أبناء العمومة, وكان كثيرا ما يهتم (بالموزات) أثناء الولائم الضخمة, جلست مع ابنه مؤخرا وتذكرنا والدي ووالده, وتحدثنا عن حبهما لبعض والتصاقهما بالعشيرة... وأنا عن دون قصد حاولت أن أرطب الذكريات وامتدح والده.. وعن دون قصد قلت له: (الله يرحموا كان يحب الموزات...).. المهم الأمور مرت بسلام.. Abdelhadi18@yahoo.com الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/23 الساعة 02:31