الشيف

مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/16 الساعة 02:30
كلما فتحت (الفيس بوك), ظهر لي فيديو عن طبخة تعدها الشيف: (....) يا إلهي كم أنتجنا من برامج متعلقة بالطناجر في الأعوام الأخيرة...

وأنا بطبعي أحب (الطبايخ).. لكن ما يلفت انتباهي, أن السيدة الفاضلة التي تقوم بدور شيف, لايوجد في يدها جرح من سكين, لا يوجد حرق صغير من (شواية) الغاز, والأظافر بكامل طولها.. أنا لا أعرف كيف يصبح فرم البندورة طبيعيا بوجود ظفر تجاوز طوله (4سم).. وكيف من الممكن أن تعلمنا هذه السيدة طبخبة (الشوشبرك) بشعر خرج من عند الكوافير، وبكامل المكياج والأناقة... وربما لو أن المايكريفونات تبث العطر مثل الصوت لفاح العطر أكثر..

في طفولتنا اعتدنا أن نرى أمهاتنا في المطابخ, كانت نكهة طعامهن أجمل.. لأن الرضى فيها, ولأن جملة: بسم الله.. كانت تقال قبل وضع الملح أو سكب الماء... الأمهات حين يدخلن المطبخ, لايقمن بطلي وجوههن بكامل مستحضرات التجميل... أبدا.

حتى برامج الطبخ فشلنا فيها, والغريب من كل ذلك... أنهن يطالبن بوضع (البابريكا).. أمي لم تكن تعرف (البابريكا) وكان طعامها أشهى من دونها.. كانت تعرف الرضى, وتطبخ لكافة مرتبات العائلة... دون أن تلوي لسانها... بكلمات غريبة من شاكلة: (وهيك بتكون الفوتو تشيني جاهزة)..

مشكلتنا أننا في برامج الطبخ نقلد لبنان ونريد من المنسف أن يتحول لتبولة... وفي البرلمان... نحول الحوارات لضربات متعلقة بحجم النقاط.. في التعليم نريد أن نكون مثل اليابان, ونطرح مبادرات مثل التعليم الإلكتروني.. والتعليم عن بعد, والتطور... وفي الحب نريد أن نكون مثل الإسبان وتنتهي قصص الغرام لدينا بالطلاق... وفي الزراعة نريد أن نكون مثل الولايات المتحدة... وفي منسوب الرفاه نريد أن نكون مثل الكويت...

أنا لا أعرف هل يراقب مخرج البرنامج يد تلك الشيف, هل يراقب كفها.. هل يجوز مثلاً أن تقدم لنا سيدة طريقة عمل المنسف بمصاحبة (الدلع)..؟

الغريب أننا وطن مبتلى بالفقر ونقص الماء, مبتلى بالبطالة.. ويقاتل أهله لأجل الحفاظ على نسيجهم ووحدتهم, وتنام فيه على هواجس فاتورة الكهرباء وأقساط الأولاد.. وفي الصباح تصحو على الشيف علا أو منى أو نهى.. لا أعرف الأسماء حقيقة, كي تقدم لك طريقة عمل: (البيف ستراجنوف)..

ويتهموننا في النهاية بأننا نرى الجزء الفارغ من الكوب... للعلم أنا لا أشرب من الأكواب أشرب من (الزجاجة مباشرة) وأحيانا من (الكيلة).. وفي طفولتي كنت أشرب من (البربيش)... ترى الشيف (الدلوعة) ماذا ستقدم لنا غداً.. ربما ستعلمنا (السوشي)..

Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/16 الساعة 02:30