هل ترتبط الأعاصير الكارثية بالتغير المناخي؟
مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/14 الساعة 15:26
مدار اتساعة - هل تسبّب التغير المناخي في الأعاصير الكارثية التي ضربت الولايات المتحدة أخيراً؟ رغم أن ظروف تشكل هذه الظواهر المناخية تتعزز بفعل الاحترار، يبدي العلماء حذراً شديداً من فرضية الرابط المباشر.
وأثبت العلماء أن التغير المناخي أدى هذا العام دوراً في موجة حر شهدها شمال غرب الولايات المتحدة، وفي الفيضانات التي أغرقت مناطق واسعة من ألمانيا، وبلجيكا. غير أن ظاهرة الأعاصير القمعية، هي من الأكثر عصيانا على التحليل.
ويوضح عالم المناخ في جامعة سنترال ميشيغن جون آلن 'خلال السنوات الأخيرة، سجلنا منحى تصاعدياً في الظروف المواتية لتشكل الأعاصير القمعية في وسط الولايات المتحدة الغربي وجنوب شرق البلاد'، مضيفاً أن 'هذا المؤشر أقوى خلال الشتاء'.
لكنه يشير إلى أن 'من المضلل نسبة هذا الحدث إلى التغير المناخي'.
ويرسم أستاذ علم المناخ في جامعة ولاية فلوريدا جيمس إلسنر مقارنة ذات دلالات هامة، فرغم أن عدد حوادث السيارات يميل إلى الزيادة بسبب الضباب، لكن كل حادث يقع في ظل الضباب قد يكون ناجماً عن سبب مختلف تماماً.
ولتحديد السبب، من الضروري التحقيق، إذ أن علم 'نسبة' الأحداث القصوى إلى التغير المناخي يأخذ منحى تصاعدياً. لكن مثل هذه الدراسة تستغرق وقتاً طويلاً في حال إجرائها.
في الانتظار، هل يمكن القول إن التغير المناخي سيزيد عدد الأعاصير القمعية في ظل الظروف المواتية؟
يجيب جون آلن 'الأدلة المتوفرة يبدو أنها تصب في هذا الاتجاه. لكني لا أظن أننا قادرون على الحسم بصورة نهائية'.
وأشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في آخر تقرير لخبرائها في أغسطس (آب) إلى 'درجة ضعيفة من الثقة' في ربط التغير المناخي بظواهر موضعية مثل الأعاصير القمعية. وهذا الأمر يسري على 'الاتجاهات المسجلة' وأيضاً على 'التكهنات' المستقبلية.
لم يسجل متوسط أعداد الأعاصير القمعية السنوية في الولايات المتحدة، والتي يحصل أكثرها في الربيع، زيادة في السنوات الماضية إذ بقي في حدود 1300.
ويقول جيف تراب الذي يرئس قسم علوم الغلاف الجوي في جامعة إيلينوي إن 'أكثرية الأشهر تشهد حتى تراجعاً' في أعداد هذه الأعاصير.
لكنه يشير إلى 'استثناء يشكله ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) اللذان سجلا زيادة في الأعاصير القمعية خلال العقود الثلاثة إلى الأربعة الماضية'.
ورُصد هذا المنحى في جنوب الولايات المتحدة، وهو ما 'يتناسب' مع 'تفسير محتمل مرتبط بالتغير المناخي'.
وفي الواقع، فإن المكونان المطلوبان لتشكّل الأعاصير القمعية هما الهواء الساخن والرطب قرب البر، والرياح التي تعصف في اتجاهات متضاربة على نقاط مختلفة العلو، ما يُسمى رياح القص الرأسية.
لكن تسجل اليوم 'زيادة في احتمالات الأيام الساخنة في فترات البرد، ما قد يدعم تشكّل العواصف والأعاصير القمعية'، وفق جيف تراب.
وتوضح الباحثة في جامعة كولومبيا كيارا ليوبوري، أن الأعاصير القمعية تتركز على ما يبدو ضمن نطاق زمني أضيق.
وعندما تتشكل 'ثمة ميل إلى تسجيل عدد أكبر منها' في الوقت عينه، وللأمر 'تبعات على صعيد حجم الأضرار'.
وفي النهاية، يلاحظ العلماء تمدداً جغرافياً لهذه الظواهر، نحو شرق المنطقة الأمريكية المسماة 'تورنادو ألي' 'ممر الأعاصير'، ما ينقلها إلى ولايات مثل أركنساو، أو ميسيسيبي، أو تينيسي التي تضررت كلها بالأعاصير في نهاية الأسبوع الماضي.
وتكمن مشكلة الباحثين عند دراسة الأعاصير القمعية في أنها عابرة وصغيرة لدرجة لا تظهر على النماذج المناخية المستخدمة عادة، ويُضطر العلماء إلى الاكتفاء بدراسة تطور الظروف التي قد تكون مواتية لتشكلها.
وبينت دراسة نُشرت في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) أن كل احترار بدرجة مئوية إضافية، يزيد احتمال تكون ظروف مواتية للظواهر المناخية القصوى، من بينها الأعاصير بنسبة تراوح بين 14 % و25 % في الولايات المتحدة.
ويلفت جيف تراب إلى أن دراسة أخرى ستُنشر لاحقا تبين أن 'الأعاصير القمعية قد تصبح أعتى في الظروف المناخية المستقبلية'. ولبلوغ هذه الخلاصة، اعتمد الباحثون هذه المرة على حدث مسجل أصلاً وحللوا أثر الظروف المناخية المستقبلية عليه.
لكن الأعاصير القمعية العنيفة ستبقى 'أحداثاً نادرة'، وفق توقعات تراب.
ويلخص جيمس إلسنر الوضع قائلاً :'لا نزال في بداية فهمنا للرابط بين التغير المناخي وما نسميه العواصف الحادة الموضعية' لكننا 'سنشهد بين السنوات الخمس والعشر المقبلة، على تقدم حقيقي'.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/14 الساعة 15:26