استجواب أمين عمان

مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/07 الساعة 00:38
تناقلت وسائل الإعلام قبل أيام خبرا مفاده أن أحد النواب قد قدم استجوابا إلى أمين عمان على خلفية فيضان الصرف الصحي في منطقة ماركا وحدوث حالات غرق متكررة لم تسفر عن وفيات، وبأن هذا الاستجواب يعتبر الأول في عمر مجلس النواب التاسع عشر.

إن هذا الخبر يفتقر للدقة في النقل ويخالف مجريات الواقع والمبادئ الدستورية الثابتة. فالاستجواب قد قدّمه النائب المعني إلى رئيس الوزراء وليس لأمين عمان، مستندا فيه إلى أحكام المادة (96) من الدستور والمادة (125) من النظام الداخلي لمجلس النواب. فعلى الرغم من أن مضمون الاستجواب قد انصب على وقائع تتعلق بالخدمات العامة التي تقدمها أمانة عمان الكبرى، إلا أنه قد جرى توجيهه إلى رئيس الوزراء باعتباره من قام بالتنسيب إلى مجلس الوزراء بتعيين أمين عمان. فالمادة (4/د) من قانون أمانة عمان تنص على أن يعين أمين عمان من بين أعضاء مجلس الأمانة بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب رئيس الوزراء.

إن الرقابة السياسية التي قررها المشرع الدستوري لأعضاء مجلس الأمة من أسئلة واستجوابات وطرح ثقة - بالنسبة للأعضاء المنتخبين - تقتصر فقط على رئيس الوزراء والوزراء. فالمادة (96) من الدستور تنص على أن لكل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أن يوجه إلى الوزراء أسئلة واستجوابات حول أي أمر من الأمور العامة وفقا للنظام الداخلي لكل مجلس.

إن مصطلح "الوزراء" الوارد في المادة السابقة ينسحب بالضرورة ليشمل رئيس الوزراء والوزراء، فلا يقبل من الرئيس أن يحتج بأنه خارج إطار الرقابة البرلمانية، وبأنه لا يجوز توجيه الأسئلة والاستجوابات له بحجة أن المشرع الدستوري قد اقتصر في المادة (96) على الوزراء وحدهم. فرئيس الوزراء هو الوزير الأول في الحكومة، وأن المشرع الدستوري قد استخدم مصطلح "الوزير" في العديد من المناسبات للدلالة على رئيس الوزراء والوزراء، ومثالها المادة (44) من الدستور التي تحظر على الوزير أثناء وزارته أن يكون عضوا في مجلس إدارة شركة ما أو أن يمارس عملا تجاريا أو ماليا. كما تنص المادة (49) من الدستور على أن أوامر الملك الشفوية أو الخطية ﻻ تخلي الوزراء من مسؤوليتهم. ومصطلح "الوزير/الوزراء" في هذه النصوص الدستورية يشمل بالضرورة رئيس الوزراء والوزراء.

ويبقى التساؤل الأبرز حول جدوى تقرير حق الاستجواب لأعضاء مجلس الأعيان، على اعتبار أن الاستجواب يعتبر الخطوة الأولى نحو طرح الثقة بالحكومة أو أي من الوزراء فيها، وبأن مجلس الأعيان لا يثبت له الحق الدستوري في التصويت على حجب الثقة عن الوزارة وأي عضو فيها.

إن الاستجواب بطبيعته يقوم على محاسبة رئيس الوزراء والوزراء أو أحدهم على تصرف له في شأن من الشؤون العامة، حيث يتضمن النظام الداخلي لمجلس الأعيان الأحكام ذاتها الواردة في النظام الداخلي لمجلس النواب باستثناء حكم المادة (98) من النظام التي تنص على ضرورة تبليغ رئيس مجلس النواب بنتيجة الاستجواب. وهنا يمكن نقل موضوع الاستجواب إلى المجلس المنتخب، وأن يقوم أي من أعضائه بتبنيه وتحويله إلى مذكرة لطرح الثقة بالوزارة أو أي من الوزراء فيها. كما أن ثبوت الحق للأعيان في استجواب أعضاء الحكومة سيبعد عنهم صفة التبعية للسلطة التنفيذية، على اعتبار أنهم معينون من قبل جلالة الملك.

إن أمين عمان وباقي كبار الموظفين في الدولة هم خارج نطاق الرقابة البرلمانية، إذ يتحمل المسؤولية السياسية عنهم رئيس الوزراء والوزير التابع له الموظف المعني.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/07 الساعة 00:38