الأمن القومي الأردني بين المصالح والعواطف

مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/01 الساعة 07:11

 يمكننا تعريف مفهوم الأمن القومي, بأنه الحماية التي توفرها الدولة لمواطنيها ولكيانها, بمختلف مكوناته, ضد أية مخاطر أو تحديات خارجية أو داخلية, سواء كانت سياسية أواقتصادية أو اجتماعية, بما تملكه الدولة من وسائل عسكرية ودبلوماسية, أو غيرها من الوسائل المشروعة، ولكن الأمن القومي للدولة ليس منعزلاً عن الأمن الدولي, فلا يجوز الإخلال بالالتزامات والقوانين والمواثيق الدولية, وبالأمن والسلم الدوليين.

 
وبخلاف ذلك فإن التوسع أو الانحراف في تأويل أو التوسع واستخدام هذا الحق, يجعل الدولة (مارقة), وقد يعرضها ذلك للعقوبات الدولية, وفقاً للبندين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة (العقوبات الاقتصادية والعسكرية).
 
نعلم جميعاً أننا كدولة, نكاد نكون حالة خاصة, تختلف عن دول المنطقة, فنحن نعيش في ظل تحديات داخلية وخارجية كثيرة وكبيرة ومستمرة, فرضتها علينا الجغرافيا, (فإسرائيل) تجاورنا من جهة, ودول عربية شقيقة من جهة أخرى محيطة بنا, كانت وما زالت تعيش في حالة من التوترات الداخلية والحروب.
 
ونعلم جميعاً أن مواردنا الاقتصادية محدودة, لا تكفي لمواجهة كافة هذه التحديات, بل لدينا تحديات واحتياجات ملحة ودائمة, من أهمها: قطاع الطاقة, الذي نكاد نعتمد بشكل كبير لسد حاجياتنا منه على الاستيراد من الخارج, وكذلك المشكلة التي لا تقل أهمية عن الطاقة المتعلقة بالمياه, فنحن نصنف من أفقر الدول مائياً على مستوى العالم, فشح المياه يكاد يكون حالة مستمرة, أدت الى استنفاد ما لدينا من إمكانيات مائية, حتى أصبح الخطر يهددنا في نقصان وارتفاع نسبة المياه الجوفية, بسبب الاستغلال الجائر لهذه المياه. وفي الآونة الأخيرة, ر?ينا كيف أنه حتى سدودنا نضبت, فنحن وللأسف نعتمد بشكل كلي على مياه الأمطار في توفير احتياجاتنا المائية.
 
لقد لجأت الحكومة في الآونة الأخيرة لمعالجة مشكلة المياه, لتوقيع مذكرة تفاهم بالأحرف الأولى, تمهيداً لعقد اتفاقية (الطاقة مقابل الماء), ونحن لا ننكر أنه كان هناك تقصير رسمي, من الحكومات المتعاقبة, في ترحيل المشكلة وعدم الاهتمام في إيجاد حلول جذرية لمشكلة المياه مثل: تحلية مياه البحر, وأنا أعلم شخصياً ومن مصدر موثوق, أنه وقبل إثني عشر عاماً, كانت هنالك محاولات لمساعدة الأردن في تحلية مياه البحر الأحمر من العقبة, وبتكلفة كانت قليلة آنذاك, ولكن للأسف تم إفشال المشروع من قبل الحكومة آنذاك, بالاعتماد على خيار جر?(مياه الديسي), الذي أصبح أيضاً الآن مهددا بالنضوب في ظل الاعتماد الأكبر عليه, لتزويد المملكة بالمياه.
 
إن مشكلتنا مستمرة مع الحكومات المتعاقبة, أنها تفكر بعقلية (السمكة), رغم أن جلالة الملك يؤكد في كل خطابات التكليف السامي للحكومات المتعاقبة, على إيجاد الحلول الإبداعية طويلة المدى, في معالجة المشاكل الملحة, فالاتفاقية سالفة الذكر وفي ظل قلة أو إنعدام الحلول وجدت الحكومة نفسها على قاعدة (مجبر أخاك لا بطل), هي الحل المتوفر لديها فالمصلحة العامة والأمن القومي للدول والعلاقات بين الدول, لا تقاس بالعواطف بل بالمصالح المتبادلة والتي لا تعني بالضرورة التنازل عن المبادئ والحقوق..
 
مستشار وأستاذ القانون الدولي العام
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/01 الساعة 07:11