سياسة اقتصادية بـ”القطعة”

مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/23 الساعة 02:49
لا يمكن اعتبار برنامج الأولويات الحكوميّة خطة اقتصاديّة تحفيزية، أو إجراءات تنمويّة سيكون لها أثر مباشر في المسيرة الإنتاجية في البلاد، فهي لا تعدو كونها برنامج عمل مجمع لكافة الوزارات ضمن فترة زمنية قصيرة المدى، وهي ضمن محددات الموازنة العامة وليس خارجها كما يتصوره البعض، بدليل أن أثرها في النموّ الاقتصادي معدوم، ولم تولّد أي قيمة مضافة جديدة على الاقتصاد. لكن مع ذلك، فأي برنامج عمل حكومي تنفيذي تلتزم الحكومة بالسير به وفق ما هو محدد ومستهدف يبقى عملا جيدا، لأن عدم كفاءة الإدارة التنفيذية الرسميّة الاقتصاديّة بسبب عدم التزامها بأي برامج أو خطط تضعها سواء أكانت قريبة المدى أم بعيدة، فلا يوجد عمل مؤسسي في إدارة الاقتصاد الذي يعتمد في غالبية أعماله وأنشطة إدارته على الفزعة والشخصنة. هناك غياب واضح في التنسيق ووضوح الرؤية لدى الحكومة في الشكل الاقتصاديّ الذي ترغب به الدولة أن يكون عليها اقتصادها الوطنيّ، فكل وزير يعمل لوحده وبغياب كامل عن باقي الوزارات التي تعمل كل واحدة منها وكأنها في جزيرة معزولة عن الأخرى، فلا يوجد فهم مشترك للسياسة الاقتصاديّة التي يجب ان تتبناها الحكومة ووزرائها بشكل جماعي وتضامني، ويسعى الجميع لتحقيق أهدافها والدفاع عنها. فوزير الماليّة يسيطر على السياسة الماليّة وينفذ قانون الموازنة ويكافح لضبط العجز والمديونية وتوفير المخصصات الماليّة اللازمة للخزينة للوفاء بتعهداتها الداخليّة والخارجيّة، لكن المخالفات التي تأتي من الوزارات بسبب تنامي الإنفاق العشوائي خارج الموازنة هو مؤشر ودليل واضح على عدم تفهم باقي أعضاء الحكومة لتلك السياسة، وعدم مبالاتها بتلك المخالفات التي سيكون لها تداعيات ماليّة جسيمة على الخزينة. وزير الاستثمار يرغب أن يكون هناك قانون عصري للاستثمار يحفز بيئة الأعمال في المملكة وله نظرته الخاصة بكيفية تحقيق ذلك، لكن هذا لا يكفي أبدا، فهذه النظرة يجب أن تكون مشتركة ما بقي طاقم الحكومة، وأن تطرح عملية النقاش حول شكل قانون الاستثمار المستهدف على طاولة مجلس الوزراء، ويكون النقاش مفتوحا للجميع، فمشاركتهم ضرورية لتحمّل المسؤولية تجاه تنفيذه في المستقبل، فوزارة الاستثمار لوحدها لا تستطيع الخروج برؤية تنفيذية لها طالما كان بقية الوزراء مغيبين عن تحمّل مسؤولياتهم تجاه ترويج وتسهيل العملية الاستثماريّة في البلاد. حتى سياسة التشغيل والتوظيف، فهذه ليست مسؤولية وزارة العمل لوحدها، بل هي مسؤولية كل الوزارات التي يجب أن تعمل ضمن خطة عمل رسميّة متفق عليها ومدعومة من مجلس الوزراء. لا يمكن أن يحقق أي وزير نجاحا في عمله طالما بقي كل واحد منهم يعمل لوحده دون التنسيق الشامل مع باقي طاقم الحكومة، فسياسة الوزير هي جزء من سياسة الحكومة التي يجب أن يكون الجميع متضامنا عليها ونتفق على بنودها، وغير ذلك ستبقى سياسة القطعة التي تمارس الآن هي الشكل السائد في تنفيذ كل وزارة لسياستها دون أن تلقى تأييدا أو تفهما من باقي الطاقم الوزاري، فالعمل الجماعي هو أساس النجاح لأي سياسة اقتصاديّة رسمية. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/23 الساعة 02:49