الدنيا تتغيَّر.. والحكومات لا تتغيَّر!

مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/22 الساعة 10:41
كلما تأزمت الأوضاع وفشلت الحكومات بالوصول إلى الناس ألقت باللوم على الإعلام، وكأن الإعلام هو من يصنع الحدث لا من ينقله.
يطلبون من الإعلام أن يكون إعلام دولة أو إعلام وطن ولا ينفذون الشرط الأساس لتحقيق هذا المطلب وهو اطلاع الإعلام على ما يجري في الدولة.
الإعلاميون مثلهم مثل الشعب لا يدرون ما يدور حولهم وهم في غالب الأحيان ينقلون ما يصلهم دون تدخل، وهذا يضعهم في المكان الضيق أمام الشعب، الذي فقد الثقة بهم بعد ان فقدها بالحكومات ومجالس الأُمَّة ومعظم المؤسسات وبات لا يثق إلا بمؤسسة الجيش الذي ظل على طُهره بعيداً عن كل لغوصات السياسيين وألاعيبهم.
كيف يمكن للإعلام أن يشرح أو يُدافع عن اتفاقيات تعقد مع العدو يسمع عنها مثل كل الناس من إعلام العدو ومن مسؤوليه، وعندما يطرق أبواب المسؤولين الأردنيين للتحقق من صحة ما يسمع لا يجد جواباً؟.
وكيف للشعب أن يُقْبِلُ على وسائل الإعلام المحلية ويصدقها وقد حولوها إلى ما يشبه صحف الأحزاب الحاكمة ابان فترة الحكم الشمولي لدول انهارت نتيجة اتباع أسلوب تغييب الشعب وعزله ومنعه من التفاعل مع ما يدور في العالم الخارجي.
متى تقُر الحكومات بأنها هي من قتلت صحافة البلد وتلفزيونها، عندما سلبتها الحرية فلم يعد الشعب يتقبلها فكانت النتيجة تحولها الى ما يشبه الأطلال، ولماذا لا تبدأ بإحياء الإعلام الذي يحيا بالحرية قبل المال.
إن إعادة الاعتبار للإعلام لا يمكن أن يتم إلاّ بمغادرة الحكومات لنهج التضييق على القائمين عليه ومنعهم من ممارسة مهنيتهم وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم المخلصة للوطن والشعب أكثر من الذين ينسون الاخلاص بعد آداء القسم مباشرة.
ومتى تدرك الحكومات أن الزمن تغيَّر وعليها أن تتغيَّر معه، وتقلع عن أسلوب المنع والمصادرة الذي لم يعد ينفع في حجب المعلومة واخفاء الحقيقة؟. وأن العيش في زمن والتصرف وفق قوانين زمن مختلف يجعلها مضحكة ويسقطها من عين الشعب.
الغريب العجيب أن الذين يتولون المسؤولية يفقدون قدرتهم على التفكير والكلام فور جلوسهم على الكراسي الوثيرة، وما أن يغادروا مواقعهم، تنطلق السنتهم وكأنهم ليسوا اولئك الأشخاص الذين لم يكن لهم أي حس قبل وقت قليل.
حان الوقت كي تعرف الحكومات انها لم تعد تستطيع اعتقال الكلمة أو السيطرة على الهواء، وأن الخبر الذي يمنع نشره عبر وسائل الإعلام المحلية يجده المواطن في مئات الوسائل الأخرى بسهولة وسرعة ودون أي تكلفة، وبالتالي لا مجال إلاّ بالمصارحة والافصاح والكف عن الأساليب البالية لأنها لم تعد تصلح في هذا الزمن.
بدل ان تقمعوا المحتجين القلقين على وطنهم ومصير أبنائهم اشرحوا لهم ما هي الهوية الجامعة ولماذا التعديلات الدستورية المتلاحقة، ولماذا لم نصل اذا كنا نسير على الطريق الصحيح، كما تقولون، وكاشفوهم بالحقائق التي من حقهم أن يعرفوها واطلعوهم على الاتفاقيات التي عقدت أو يزمع عقدها مع الأعداء والأصدقاء والتي يسمعون عنها من وسائل الإعلام الخارجية، احترموا وعيهم وحاوروهم لأنكم لن تستطيعوا أن ترغموهم على الاقتناع بان وضع قواطع الكهرباء، ومفاتيح صنابير المياه بيد العدو هو لمصلحتهم، وأن اتفاقية الدفاع مع الجانب الأميركي هي لحماية وطنهم.
قوموا بواجبكم في تأمين لقمة العيش وحبة الدواء قبل أن تطلبوا من المواطن أن يقوم بواجبه.
أما أن يموت أمير لأن الدولة لا تستطيع أن تعالجه ومن هم مثله من المرضى، وان يظل المواطن يسمع كل يوم عن اتفاق جديد مع عدوه، وأن يمارس مرغماً رياضة الركض خلف الرغيف ولا يمسكه، ويمنع من الشكوى فهذا تناقض مع الطبيعة ما عاد مقبولاً فقد ولىّ زمن استعباد البشر عندما كان الحكام ينطقون باسم الآلهة وعلى الناس السمع والطاعة.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/22 الساعة 10:41