الدويري تكتب: معركة السموع وأبناء الضفتين في أرض الخليل

مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/17 الساعة 11:05
بقلم نور الدويري يقص التاريخ علينا أهمية مدينة نبي الله إبراهيم الخليل، في نشوء الأديان الإبراهيمية، حتى تعتبر قاعدة الدعوة للتعبد وحب الله، بعد أن دفن فيها أنبياء الله إبراهيم، واسحق، ويعقوب ... لتكون مدينة الأباء. في تاريخ الخليل مهما كتبت سأظل مقصرة، فالأرض التي ولدت أنبياء تراهم في قلبك عليهم الصلاة والسلام، فلا يجوز إلا الإيمان بهم، ولا يقبل أن لا تؤمن في تاريخ هذه الأرض، فهكذا هي الخليل نؤمن بها أرضا إبراهيمية يجوز فيها الحب والصلاة. اليوم تحديدا أكتب عن هذه الأرض لمصادفة مناسبة سياسية دفعت بقيام حرب ٦٧ وما بعدها ، حتى أطلق عليها معركة السموع، يوم لم يفرق لون الوشاح ولا أهتم أحد لمسماه، يوم كان الأبيض والأسود، أو الأحمر والأسود رداء الرجال الرجال . يحكي تاريخ الضفتين أنه منذ مطلع شمس ١٣ نوفمبر ١٩٦٦ اي قبل ٥٥ خريفا اجتاز الصهاينة خط الهدنة كعادة حفظناها عنهم، ليجتاحوا قلب السموع سعيا في تمدد الإحتلال الغاصب لأرض انبتها الله في الأرض مساحة مباركة. شعر الخليليون بالكارثة بعد قصف مغفر البلدة فاستنفرت القلوب والجهود، وما عرف عن أهل فلسطين إلا المقاومة، وتمدد الإحتلال بشهوة القاتل الغادر بحجة ضرب الفدائين، لتجتاح السموع بطائرات مقاتلة إسرائيلية لم تتمكن من إرعاب أطفالها مهما بكوا ، والذين تعلموا المشي خلف الدبابات ، وحجر الكرامة خشخشة العابهم. في مثل هذه الأيام امتزج دم أبناء الضفتين في أرض إبراهيم الخليل. ورغم قلة العتاد العسكري الأردني مقابل الإسرائيلي حينها إلا أنه تمكن من إسقاط ثلاث طائرات إسرائيلية تبنت الصهيونية عقيدة، ودخل ٤٠٠٠ صهيوني مدعمين بأسراب من الطائرات التي خشيت المقاومين، في تثبيت تاريخي للمرة المليون أن كل عتاد إسرائيل وجيشه لا يزال يخشى فدائيا ملثما سلاحه دعاء امه، وحجر ابنه، وبندقية وبضعة رصاصات . استشهد في السموع ١٣ جنديا منهم الرائد محمد ضيف الله الهباهبة، و الملازم الطيار موفق بدر السلطي، كرم الخليفات، سالم العموش، راجي الشموط، يونس العريقات عبدالقادر صدقة، وغيرهم أبدلهم الله حياة الأرض إلى حياة السماء، وأصيب العقيد قائد المعركة بهجت المحيسن، ورغم كل تجهيزاتهم أنسحب يواف شاهام الصهيوني، حتى صنفت هذه المعركة بالمفصلية والتي مهدت للأسف لإحتلال الضفة الغربية، حتى ذابت القلوب في حسرتها، والتزمت في دعائها، ومقاومة أهلها حتى هذا اليوم. يذكر أن الملك حسين بن طلال رحمه الله كتب عن هذه المعركة في كتابه حيث قال : ( أن أهم ما أسفرت عنه أحداث تشرين الثاني ١٩٦٦م ، كان إفلاس الوحدة العربية، وهو إفلاس احسسنا به في الداخل والخارج ، في الداخل أصبحت القضية الفلسطينية مستعصية الحل بعد حادث السموع، وفي الخارج أخذ الرأي العام يبتعد عنا). إنتهى الإقتباس. وحين زار الملك الباني موقع المعركة قال : ( لقد بدأت معركة إحتلال القدس ). إنتهت السموع منذ ٥٥ عاما طيب الله ثرى أهلها الشهداء، وشد ازر المرابطين والمقاومين حتى هذه اللحظة وما بعدها. إنتهت السموع وبدأ بالفعل إختلال واضح للوحدة العربية، وانهيار للقومية، ومحاولة اتهامات جزافية طالت وحدة الضفتين، إنتهت السموع ومهدت للقلوب بالفجع، والغضب، والثورة، إنتهت السموع وأتخذ البعض القضية لحافا لنسج تاريخ منفعل ، قتل فلسطين وصنع هذه الأيام العجاف الصعبة التي نعيشها اليوم، إنتهت السموع وبدأت مشوار القسوة والتفريق، والتخزيق، والتمزيق. اليوم بعد هذه ال٥٥ عاما من سحق القلب وكظم الغيظ، لابد أن نعترف أن أبناء الضفتين رغم أزمة المشاع، وتعاويذ الفرقة، كانوا وسيزالوا أرضا واحدة. وفي ضياء العينين، والرحم الذي أنجب الابنين، والوثائق الكثيرة ، وخلافات الفصائل، وجدال النخب، والجسر المبني، وتساؤلات أبناء الضفتين ستبقى السموع ذكرى أننا سنقاوم، وستعود الأرض بحجر وقلم، وبندقية يوما ما، وسنصلي في القدس جمعا، وستبقى الأردن أردن ، وفلسطين فلسطين.
  • سموع
  • لب
  • الأردن
  • الملك
  • عربية
  • حادث
  • لحظة
  • نعي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/17 الساعة 11:05