أزمة المناخ تلفت الأنظار من جديد نحو الطاقة النووية

مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/07 الساعة 16:23

 مدار الساعة - لأكثر من عقدين، شعر مروجّو الطاقة النووية ومقدموها بأنهم غير مرحب بهم في مؤتمرات الأمم المتحدة حول تغير المناخ، لكن في مؤتمر الأطراف كوب 26 المنعقد في غلاسغو، استُقبلوا بحفاوة.

أبقى شبح كارثتي تشرنوبيل وفوكوشيما النوويتين، ومشكلة النفايات النووية المستمرة، هذه الطاقة المتولدة عبر انقسام الذرات مهمشة، رغم أنها شبه خالية من الكربون.
لكن لأن أزمة المناخ تتفاقم والحاجة إلى الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري تصبح أكثر إلحاحاً، فقد تتبدل المواقف.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل ماريانو غروسي في مقابلة، إن "الطاقة النووية جزء من حل ظاهرة الاحترار المناخي، وليس هناك طريقة لتجنبها".
فالطاقة النووية تمثل ربع الطاقة "النظيفة" في كل أنحاء العالم. وأشار غروسي إلى أن مؤتمر الأطراف هذا هو الأول الذي "نشارك فيه، الآراء تتغير".
وللحصول على فرصة لحصر الاحترار العالمي بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، يجب خفض انبعاثات الدفيئة العالمية بالنصف تقريباً في غضون عقد، وفقاً للعلماء.
لكن الأمور تتحرك في الاتجاه الخاطئ. فقد أظهر تقرير الخميس أن الانبعاثات في 2021 تقترب من مستويات قياسية بينما قالت الوكالة الدولية للطاقة إن الانبعاثات قد تصل إلى آفاق جديدة بحلول 2023.
ومن شأن هذا الأمر المساعدة في إعادة تركيز الانتباه على الطاقة النووية.
وقال كالوم توماس رئيس شركة توظيف في قطاع الطاقة النووية يشارك في "كوب 26" ويرتدي قميصاً كتب عليه "لنتحدث عن الطاقة النووية"، إنه "في مؤتمر الأطراف الذي عقد في 2015 في باريس، لم تكن الطاقة النووية، موضع ترحيب".
وأضاف "كان هناك اعتقاد سائد أنه لا هناك حاجة إليها. لكن الآن، تبحث العديد من الدول فوائدها خصوصاً مع ارتفاع أسعار الغاز".
ومنذ توليه رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل نحو عامين، كان الدبلوماسي الأرجنتيني غروسي، مدافعاً شرساً عن هذا القطاع.
وفي مؤتمره الأول في مدريد ذهب رغم الافتراض العام بأن الطاقة النووية لن تكون موضع ترحيب.
لكن في غلاسكو حيث ما زال نحو 200 بلد يحاول إحياء اتفاق باريس في 2015، كان الوضع مختلفاً تماماً.
وقال غروسي: "لم تكن الطاقة النووية موضع ترحيب فحسب، بل أثارت أيضاً الكثير من الاهتمام".
ويقول غروسي إن هذه التكنولوجيا لا يمكنها تسريع الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري فحسب، بل أيضاً تعزيز البحوث في التقنيات اللازمة للتكيف مع تأثيرات المناخ، من إيجاد محاصيل مقاومة للجفاف إلى القضاء على البعوض، مقرا بأن الطاقة النووية تنطوي على أخطار كبيرة.
فقد أدى تدمير ثلاثة مفاعل في محطة فوكوشيما اليابانية للطاقة في 2011 عقب زلزال وتسونامي إلى زعزعة الثقة في الطاقة النووية بشدة.
عقبات 
كذلك، لم تجد الصناعة بعد طريقة للتخلص من النفايات النووية التي تبقى عالية النشاط الإشعاعي لآلاف السنين.
لكن غروسي أوضح أن هذه المسائل لا يجب أن تؤدي إلى استبعاد خيار استخدام الطاقة النووية، قائلا إنه بالاستناد إلى الإحصاءات، هذه التكنولوجيا لديها تداعيات أقل من العديد من أشكال الطاقة الأخرى.
كما قد تكون مكملاً لمصادر الطاقة المتجددة. وأضاف أن "الطاقة النووية تستمر وتتواصل طوال العام ولا تتوقف مطلقاً".
لكن، نظراً إلى الفترات الطويلة التي يحتاجها إنشاء محطات نووية، يقول كثر إن الأوان قد فات لبناء قدرة نووية كافية للانضمام إلى الجهود المبذولة لمكافحة الاحترار المناخي.
إلا أن غروسي قال، إنه يعتقد أن جزءاً من الإجابة يكمن في الحفاظ على المفاعلات الحالية قيد التشغيل.
لفت غروسي إلى أن العديد من محطات الطاقة المصممة للعمل 40 عاماً حصلت على ترخيص لتبقى قيد الخدمة 60 عاماً بموجب معايير أمان وطنية صارمة تشرف عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وسأل "ما الذي قد يكون أكثر فعالية من بناء منشأة تمنحك الطاقة لقرابة مئة عام؟".
وفي توقعاتهم بطريقة الحد من ارتفاع درجات حرارة الكوكب وتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة في الوقت نفسه، تأخذ وكالة الطاقة الدولية كل المصادر غير الكربونية.
كما أعطت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة مكاناً للطاقة النووية في نماذجها، حتى رغم قولها إن نشرها "قد يكون مقيداً بتفضيلات اجتماعية".
آراء مختلفة
في الواقع، تختلف آراء الدول تجاه الطاقة النووية بشكل كبير.
ففيما تعارضها نيوزيلندا وألمانيا، تجري الهند مناقشات مع مجموعة الطاقة الفرنسية العملاقة "أو دي إف" لبناء ما سيكون أكبر محطة للطاقة النووية في العالم.
في غضون ذلك، تطور كندا والولايات المتحدة ما يسمى بـ"مفاعلات نموذجية صغيرة" رغم أن روسيا هي الوحيدة التي تشغل مفاعلاً عائماً باستخدام هذه التكنولوجيا.
أما من ناحية كلفة بناء محطة نووية وتشغيلها فقال غروسي، إن ذلك لم يعد حاجزاً موضحاً أن "الدول ترى في الوحدات الأصغر بديلاً مثيراً للاهتمام، وهي تكلّف مئات الملايين فقط وليس مليارات...".
وأضاف "عندما يتعلق الأمر بمشاريع الطاقة، هذه الكلفة يمكن تحملها".
 
أ ف ب

مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/07 الساعة 16:23