دور الإعلام المضلل في تغييب وعي الرأي العام
مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/06 الساعة 14:16
بقلم د. ثروت المعاقبة
هل سمعت بقول وزير الإعلام الألماني جوزيف جوبلز : (أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعي) إن هذه العبارة تعطيك إشارة واضحة لدور الإعلام في تغيير نهج كامل وفكر مجتمع بأكمله وعلى مر العصور تجد أن المعارك الكبيره انتهت لصالح من كان له إعلام كبير أرهب عدوه وجعل الاشاعة تدب في قلب خصمه.
إن الإعلام مهم جدا حيث يقوم بدور الساحر الذي يسحر أعين الناس ويضع في قلوبهم الخوف والرعب لذا تجد أن أول ما يسعى إليه أي نظام طاغي او مستبد هو امتلاك قنوات ومنظومة إعلامية قادرة على تغييب الوعي العام للشعب ليسهل إضلالهم من حيث لا يعلمون ولا يدرون ما يحاك من حولهم.
إن الآلة الإعلامية المضللة والمشككة دائما لديها القدرة على إقناع العامة بأنه لا فرق بين الخير والشر والخطأ والصواب، والاعلام المضلل يعمل على ترويج الاستراتيجيات التي تستخدمها الأنظمة المستبدة من أجل ترويض العامة وتدجينهم، وجعلهم مطية ذلولة لا تشتكي ولا تتمرد ولا تثور وترضخ لكل ماتريده الأنظمة المستبده في كل الأحوال والظروف.
ولكي يقوم الإعلام المضلل والمشكك بحجب الرؤية تماما عن العامة فإنه يستخدم مجموعة من الوسائل هي كما يلي:-
أولا - استغلال جهل الكثير من العامة وتزييف الحقائق والثوابت مهما كانت سواء دينية او اجتماعية، بما يتناسب مع السياسة المتبعه ويكون ذلك بتسليط الضوء على جانب دون آخر، أو التشكيك في صحة جانب وتكذيب آخر، أو طمس الجوانب المشرقة التي تهدد وجود السياسة والأنظمة المتبعة.
ثانيا- توجيه وتكريس الجهود للنيل من الشخصيات الناجحة والقيادات المتحررة التي لا ترضى بالظلم ولا تقبل العيش به، وتصوير هؤلاء على أنهم أصحاب مشاكل ولديهم أجندات لكي تجذب غضب العامه عليهم.
ثالثا- بث الخوف والذعر لدى الرأي العام وإقناع العامه بوجود خطر قادم سيقضي عليهم ..
رابعا-لعب الأدوار في ممارسة سياسة انتقاء الخصوم وافتعال المشاكل والأزمات وإدارتها بأسلوب يقنع الجمهور بأن هناك حرية وديمقراطية سائده في المجتمع، والأمر في مجمله ما هو إلا أدوار سبق الاتفاق عليها بطريقة مسرحية لا تمر بشكل سهل على أصحاب العقول والرؤى الثاقبة.
خامسا-من الضروري هنا اتباع سياسة إقصاء وشيطنة الخصوم الحقيقيين، وتأزيم الرأي العام عليهم، وعدم تقبلهم وحرمانهم من أي فرصة للتواصل مع العامة.
سادسا -العمل على تشكيل الخريطة الإعلامية بطريقة تمجد دور الفن على حساب دور الدين، وتعظم من دور العلم على حساب دور الإيمان، واستبدال كل ما هو هادف ليحل محله كل ما هو هابط ودنيء.
سابعا-سعي كل المنصات الإعلامية للعمل بهدف واحد وبنفس الوقت، وهنا قد يقوم رجل الدين بنفس الدور الذي يقوم به اللص مع اختلاف الأساليب والحيل الذي يتبعها الإعلام للمضلل.
ثامنا- العمل على ترويج مفاهيم مغلوطة والتلاعب بالألفاظ، فعلى سبيل المثال لو قام موظف بتصرف غير مسئول وكان توجه النظام هو النيل من طبقة الموظفين، فتتوجه جميع الأقلام وتتفرغ للتفتيش في ماضي الموظفين لتأجيج الرأي العام عليهم بحجة أن السيئة تعم والخير يخص، وإذا صدر نفس السلوك من شخص آخر من المحسوبين على النظام تجد أن نفس الأقلام تتجه وتروج لفكرة أن هذا تصرف فردي لا يجب القياس عليه ولا حتى تعميمه.
تاسعا- اغراق الساحة الإعلامية بالقدوات التافهة الضعيفة في كل طبقة ومن كل الأعمار، وتقديمهم على أنهم النخبة التي يجب أن يسمع لهم، والقدوة التي ليس لها مثيل على الإطلاق.
عاشرا- غض الطرف والتبرير والتستر على أخطاء النظام، وإظهاره دائما بالدور البطولي الذي إذا سقط سيسقط معه الجميع وسيكون الوطن مستباحا لغيره من الدول والشعوب.
ومن المهم جدا أن نعرف تأثير وسائل الإعلام الكبير على الرأي العام من خلال التأثير المباشر على الفرد، حيث تعد أداة اتصال بين الفرد ومن حوله في جميع أنحاء العالم، كما تتيح للفرد معرفة ما يدور حوله بشكل عاجلٍ وسريع بواسطة العديد من القنوات والوسائل الإعلامية، حيث أصبحت وسائل الإعلام جزءا أساسيا من الحياة ومصدرا مهما لاستقاء المعلومه، وتعتبر أيضا وسيلة تعليمية تصوب مسارات الأجيال القادمة، حيث تمتاز الصحف الإخبارية بأنها وسيلة تربط بين الحكومات والشعب من خلال حصولها على معلومات هامه يصعب على العامه الحصول عليها ونشرها لذا تعد مصدرا للمعلومه وهنا يتم التلاعب بها وبمضمونها.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/06 الساعة 14:16