فريحات يكتب: تراجيديا إقتصادية أردنية وحقائق تُذهل المواطن!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/15 الساعة 13:53

بقلم: محمد خير فريحات

الأرقام هي أفضل ما يتحدث عن واقع الإقتصاد في الاردن ومستوى معيشة المواطن.

عندما نتحدث بلغة الأرقام ونستعرض المعلومات والبيانات الموثقة حول إقتصاد المواطن الاردني، فإننا ندرك حقيقة حجم المعاناة وحجم الأعباء الكبيرة التي تثقل كاهل هذا المواطن!

حاولت في هذه العُجالة جمع وإختزال كثير من الحقائق المتعلقة بالاقتصاد الاردني ومعيشة المواطنين عموما، فجاء بعضها صادما، والبعض الآخر مذهلا بالمعنى السلبي للكلمة، وقليل منها يبعث ببعض الأمل في نفوس المواطنين، ويترك نورا طفيفا في آخر النفق!

١- يبلغ معدل البطالة في الاردن وفقا لدائرة الإحصاءات العامة 18.2% خلال الربع الأول من عام 2017.
٢- البنك الدولي يقول إن 40 % من الأردنيين يعيشون على دخل يتراوح بين 2 الى 10 دولارات يوميا. (تخيلوا أسرة أردنية مصروفها دينار و40 قرشا في اليوم! ماذا يمكن أن تفعل بهكذا مبلغ؟).
٣- ويؤكد البنك الدولي أن حجم الناتج المحلي الإجمالي للأردن يبلغ 38 مليار دولار.
٤- 5 آلاف دولار معدل دخل الفرد سنويا في الاردن، مقارنة بـ 9 آلاف دولار متوسط دخل الفرد عربيا، وذلك وفقا للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار.
٥- وفقا لوزارة المالية، فإن حجم مديونية الاردن يبلغ نحو 37 مليار دولار تمثل أكثر من 95% من الناتج المحلي الاجمالي، علما ان النسبة المسموح بها عالميا يجب ان لا تزيد عن 60%، والاردن بهذه المديونية يعد من أعلى 15 دولة في العالم.
٦- مسح ميداني محلي يقول إن نسبة الفقر في الاردن تصل الى 20%.
٧- المواطن الاردني يستهلك 115 كيلو غرام من الخبز سنويا، وهو ما يزيد بنسبة 50% عن معدلات الاستهلاك العالمية. (الفقر وقلة المال تجعل المواطن يستسهل اللجوء الى شراء رغيف الخبز أكثر من أي شيء آخر كلما شعر بالجوع).
٨- يبلغ متوسط استهلاك المواطن الاردني من الدجاج نحو 3.3 كيلو غرام شهريا (دجاجتين أو ثلاثة)، بينما يصل متوسط استهلاكه من اللحوم الحمراء الطازجة الى 330 غرام شهريا (أكثر من أوقية بقليل).
٩- صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد الاردني بنسبة 2.7% حتى عام 2018.
١٠- 12.6 مليار دولار حجم ميزانية الاردن في 2017.
١١- الاردن يستورد 98% من احتياجاته من الطاقة من الخارج.
١٢- الأدوية الاردنية هي الأدوية العربية الوحيدة التي تباع في صيدليات أمريكا وأوروبا الى جانب صناعات الأدوية العالمية الأخرى.
١٣- 4.5 مليار دولار حجم تحويلات الاردنيين العاملين بالخارج سنويا.
١٤- عمّان أغلى مدينة عربية من حيث الأسعار وكلفة المعيشة.
١٥- سعر ليتر البنزين في الاردن 1.25 دولار، وبذلك يحتل الاردن المرتبة 165 على السلم التصاعدي العالمي لأكثر الدول ارتفاعا في أسعار البنزين، أي أن ليتر البنزين يباع بأسعار أقل من الاردن في 164 دولة حول العالم.
١٦- الاردنيون ينفقون 320 مليون دولار سنويا على العمرة وفقا لجمعية وكلاء السياحة والسفر.
١٧- معدل التضخم في الاردن يبلغ 4.6%، بينما معدل التضخم الطبيعي يجب أن لا يزيد عن 3%، وهذا بدوره يساهم كثيرا في إضعاف القوة الشرائية للمواطنين.
١٨- متوسط معدل خروج المواطن الاردني لتناول طعام الغداء أو العشاء في مطعم مُصنّف لا يزيد عن مرة واحدة كل عامين، بينما يرتفع هذا المعدل في دول عربية تتشابه إقتصاديا مع الاردن الى مرة واحدة شهريا!
١٩- الاردن في المركز العاشر عالميا والثاني عربيا في مؤشر التلوث البيئي (نحتل مراكز متقدمة فقط في الأمور السلبية!).
٢٠ - 550 مليون دولار حجم الخسائر الناجمة عن الجرائم والمشاجرات التي يشهدها الاردن سنويا!
٢١ - البنك المركزي يؤكد أن إيرادات الحكومة الاردنية سنويا من الضرائب تبلغ 6 مليارات دولار.
٢٢- الاردني أكثر مواطن في العالم يدفع ضرائب ورسوم، يصل عددها الى حوالي 140 نوعا مختلفا.

من أكثر هذه الضرائب غرابة والتي قد لا يعرفها المواطن الاردني أنه يتحمل دفع رسوم على عرض الاشرطة السينمائية، ورسوم بيطرية ومحاجر الحيوان، رسوم للامتحانات العامة، ورسوم حدائق، ورسوم مسالخ، بالإضافة طبعا الى رسوم التلفزيون سواء كان المواطن يمتلكه أم لا.

وبالمناسبة العديد من هذه الضرائب غير دستوري. فوفقا للمادة 111 من الدستور الاردني "لا تفرض ضريبة أو رسما إلا بقانون ولا تدخل في بابهما أنواع الأجور التي تتقاضاها الخزانة المالية مقابل ما تقوم به دوائر الحكومة من الخدمات للأفراد أو مقابل انتفاعهم بأملاك الدولة، وعلى الحكومة أن تأخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وأن لا تتجاوز قدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة الى المال".

طبعا لا أحد ينكر حاجة الدولة الى المال، فبفضل "الشباب الحلوين" واستمرارهم في الجلوس على المقاعد الوثيرة التي يشغلونها وإنتفاخ كروشهم وجيوبهم الى الحد الأقصى، فبدون أدنى شك ستبقى الدولة بحاجة الى المال، لكن ماذا عن قدرة المواطنين على تحمل تلك الضرائب؟! هذا سؤال أستطيع القول أن كل الاردنيين يجمعون على إجابته.

كما أن كثيرا من الضرائب والرسوم لا تفرض بقانون جديد، وإذا فرضت لا يتم الرجوع للبرلمان لإقرارها فتفقد صيغة تمثيل المكلف بالضريبة في قرار رفعها.

هناك معادلة اقتصادية تقول: "كلما باع التاجر سلع كثيرة بأسعار قليلة ربح كثيرا والعكس صحيح"، وهذا ما يؤكد مقولة إبن خلدون في كتاب "المقدمة" قبل ثمانية قرون بأن الحكومة قد تزيد من دخلها من الضرائب وتحصيلها إذا ما قللت نسب الضرائب، لكن الحكومة
الاردنية لدينا تعمل دائما بالمثل القائل "دَقّ الحديد وهو حامي"،… حكوماتنا تريد الجبابة فقط وجني أرباح ومكاسب أسرع من "غزو البدو"!، حتى الغزو عند البدو له تقاليد غير موجودة عند حكوماتنا!

لذلك لا بُد من مراجعة المنظومة الضريبية الأردنية اليوم وليس غدا.

إزاء هذا الواقع، لا شك أن الأردنيين سيبقون على المدى البعيد على الأقل حائرون، يفكرون، يتساءلون في جنون: مستقبلنا الاقتصادي كيف سيكون؟

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/15 الساعة 13:53