كبت وطني
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/19 الساعة 16:20
* هيا منير الكلداني
أشعر بالأسف تجاه شعبي وهو لا يجد متنفساً لكل هذا الكبت الوطنيّ سوى الهجمات الإرهابية التي تضربنا بين الحين والآخر.
بدون شك يحق لنا الاحتفال بانتهاء العملية الإرهابية، والحزن على شهداء الوطن والواجب، وشكر المدنيين الأحرار لوقفتهم إلى جانب جهاز الأمن، وتطريز كل هذا الحزن بكل الكلمات والتمنيات والدعم والتعاطف للضحايا، ولكنّ الشعب يحتاج لانتصارات حقيقيّة في التعليم والاقتصاد والثقافة والإعلام وكل ما من شأنه الحفاظ على كرامة المواطن وحقوقه وإنسانيته- لأنّ هذا الشعب يستحق، وهو أهلٌ لذلك. إن كميّة "الوطنية" المكبوتة تصرخ مستجديّة انتصاراً حقيقياً يعيد إلينا شيئاً من العز والشموخ.
جملة كنت أتمنى ألّا أقولها مرّة أخرى: "رحم الله شهداء الوطن وحمى الأردن من بعض أبنائه". لقد آن الأوان لبلورة كلّ ما قيل في السابق إلى رؤية وطنيّة شاملة ومُلزمة للتصدي للإرهاب يشارك فيها المختصون، وعدم الاكتفاء بالحلول الأمنية.
ومن نافلة القول إنّ الأجهزة الأمنية لا تُقصّر في عملها وليست بحاجة لنصائح من أحد، والله يعطيهم ألف عافية، فهم "في بوز المدفع" يتلقّون الضربة تلو الأخرى لننعم نحن بالأمان، ولكنّ العبء أكبر من أن تتحملّه مؤسسة واحدة، فالأمن يحتاج لإسناد مؤسساتي مجتمعي متكامل؛ فالأستاذ في مدرسته عليه أن يتصدّى للإرهاب، وكذلك الأب في بيته، والمختار في قريته، والإمام في مسجده، والنائب في دائرته، والإعلاميّ في قناته، فـ "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته".
إلّا أنّني لا أخفيكم تشاؤمي أنّنا سننعي مزيداً من الشهداء في ظل ما شهدناه في الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة من سيرك تحالفات الإسلام السياسيّ مع رؤوس الأموال ورموز القبائل على حساب الدولة المدنية والمصلحة العامة. كما وكم آلمتني محاولات البعض بالزجّ بجنسيات أخرى في كل مرّة يضرب فيها الإرهاب وكأنّ الأردن في منأى عن الإرهاب، ولا يوجد من أبنائه من أُصيب بهذه اللوثة! فكم من عائلة فُجعت بانضمام أحد أبنائها لداعش أو القاعدة وغيرها وتجرعت ألم فراق الأحبّة ومرّ الذكرى؟ وتلك خسارة أخرى للوطن.
وبقدر ما كانت الأجهزة الأمنية عند حسن الظنّ وأكثر، فقد خذلنا إعلامنا الرسمي مرّة أخرى، ممّا اضطُر جميع الأردنيين للبحث عن أخبار بلدهم عند القريب والبعيد وعلى الإنترنت ومحطات الستالايت وصفحات التواصل الاجتماعي.
أمّا وقد غضبنا وبكينا وعبّرنا عن تضامننا مع الوطن وشهدائه، ثم فرحنا للقضاء على الخليّة الإرهابيّة، فأتمنى ألّا نعود للانشغال بحياتنا وكأنّ شيئاً لم يكن، ولممارسة هواياتنا في المعارك الفيسبوكية وغيرها على خلفيات سياسية أو طائفية أو حتى "كروية"!
هذا هو أوان المراجعة والمحاسبة والتصحيح فليس لدينا متّسع من الوقت وعلينا التحرّك قبل أن يتّسع الخرق على الراتِق.
* الكاتبة أردنية تقيم في استراليا
أشعر بالأسف تجاه شعبي وهو لا يجد متنفساً لكل هذا الكبت الوطنيّ سوى الهجمات الإرهابية التي تضربنا بين الحين والآخر.
بدون شك يحق لنا الاحتفال بانتهاء العملية الإرهابية، والحزن على شهداء الوطن والواجب، وشكر المدنيين الأحرار لوقفتهم إلى جانب جهاز الأمن، وتطريز كل هذا الحزن بكل الكلمات والتمنيات والدعم والتعاطف للضحايا، ولكنّ الشعب يحتاج لانتصارات حقيقيّة في التعليم والاقتصاد والثقافة والإعلام وكل ما من شأنه الحفاظ على كرامة المواطن وحقوقه وإنسانيته- لأنّ هذا الشعب يستحق، وهو أهلٌ لذلك. إن كميّة "الوطنية" المكبوتة تصرخ مستجديّة انتصاراً حقيقياً يعيد إلينا شيئاً من العز والشموخ.
جملة كنت أتمنى ألّا أقولها مرّة أخرى: "رحم الله شهداء الوطن وحمى الأردن من بعض أبنائه". لقد آن الأوان لبلورة كلّ ما قيل في السابق إلى رؤية وطنيّة شاملة ومُلزمة للتصدي للإرهاب يشارك فيها المختصون، وعدم الاكتفاء بالحلول الأمنية.
ومن نافلة القول إنّ الأجهزة الأمنية لا تُقصّر في عملها وليست بحاجة لنصائح من أحد، والله يعطيهم ألف عافية، فهم "في بوز المدفع" يتلقّون الضربة تلو الأخرى لننعم نحن بالأمان، ولكنّ العبء أكبر من أن تتحملّه مؤسسة واحدة، فالأمن يحتاج لإسناد مؤسساتي مجتمعي متكامل؛ فالأستاذ في مدرسته عليه أن يتصدّى للإرهاب، وكذلك الأب في بيته، والمختار في قريته، والإمام في مسجده، والنائب في دائرته، والإعلاميّ في قناته، فـ "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته".
إلّا أنّني لا أخفيكم تشاؤمي أنّنا سننعي مزيداً من الشهداء في ظل ما شهدناه في الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة من سيرك تحالفات الإسلام السياسيّ مع رؤوس الأموال ورموز القبائل على حساب الدولة المدنية والمصلحة العامة. كما وكم آلمتني محاولات البعض بالزجّ بجنسيات أخرى في كل مرّة يضرب فيها الإرهاب وكأنّ الأردن في منأى عن الإرهاب، ولا يوجد من أبنائه من أُصيب بهذه اللوثة! فكم من عائلة فُجعت بانضمام أحد أبنائها لداعش أو القاعدة وغيرها وتجرعت ألم فراق الأحبّة ومرّ الذكرى؟ وتلك خسارة أخرى للوطن.
وبقدر ما كانت الأجهزة الأمنية عند حسن الظنّ وأكثر، فقد خذلنا إعلامنا الرسمي مرّة أخرى، ممّا اضطُر جميع الأردنيين للبحث عن أخبار بلدهم عند القريب والبعيد وعلى الإنترنت ومحطات الستالايت وصفحات التواصل الاجتماعي.
أمّا وقد غضبنا وبكينا وعبّرنا عن تضامننا مع الوطن وشهدائه، ثم فرحنا للقضاء على الخليّة الإرهابيّة، فأتمنى ألّا نعود للانشغال بحياتنا وكأنّ شيئاً لم يكن، ولممارسة هواياتنا في المعارك الفيسبوكية وغيرها على خلفيات سياسية أو طائفية أو حتى "كروية"!
هذا هو أوان المراجعة والمحاسبة والتصحيح فليس لدينا متّسع من الوقت وعلينا التحرّك قبل أن يتّسع الخرق على الراتِق.
* الكاتبة أردنية تقيم في استراليا
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/19 الساعة 16:20