القضاة يكتب: الحياة العامة والخاصة للمسؤولين
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/30 الساعة 22:07
بقلم خالد القضاة
كلما ظهرت قضية تمس المسؤولين وكان لها أصداء في الرأي العام، ظهرت الحاجة مجددا للتفريق بين الحياة الخاصة والعامة وحدود التعبير والنقد لممارسات المسؤولين والتي قد تتعداهم لتصل لافراد أسرهم.
ولنعترف انه مثلما يقع العامة في اخطاء قد يجرمها القانون في التفريق بين الحياة العامة والخاصة وتكون سببا للملاحقة، فان المسؤولين انفسهم يقعون بذات الاخطاء ولكن بصيغ مختلفة سواء في السلطتنين التنفيذية والتشريعة.
فالحدود الفاصلة بين الحياة الخاصة والعامة ملتبسة عند كل الاطراف بما فيهم رؤساء الوزارات، بل وانهم في مطاردتهم لمنتقديهم صعبوا المهمة على العامة في الفصل بين حياتهم الخاصة والعامة.
لنورد هنا بعض الامثلة للتوضيح :
- اذا ذهبت زوجة رئيس الوزراء لحضور عرس اختها، فهذه حياة خاصة لا يجوز تناولها بأي حال، ولكنها اذا استخدمت سيارة حكومية وسائق يتلقى راتبه من الدولة، فتنقلب تلك الحالة الى حياة عامة ويجوز تناولها وتناول حتى مبررات وجود سيارات تابعة للدولة مع سائقيها لخدمة اسر المسؤولين.
- اذا تعرض وزير لوعكة صحية تبقى هذه الحالة في اطار الحياة الخاصة، ولكن اذا كان ذاك المرض سيؤثر على اداء الواجبات المناطة به فتنقلب السيرة المرضية من الخاصة الى العامة ويجوز تناولها والكتابة عنها او حتى المطالبة بعزله بسبب تلك الحالة المرضية والتي تكون لغيره حياة خاصة.
- اذا دخل مسؤول اي مكان عام او مناسبة عامة وعرف بنفسه، وبسبب ذلك التعريف تلقى عناية او خدمة خاصة ميزته عن باقي الحضور فيتحول وجوده في ذلك المكان من حياة خاصة الى عامة واصبحت كل تصرفاته عرضة للنقد.
- اذا سافر نائب على نفقة الدولة ليمثلها في اي مناسبة خارجية، فلا تعود له حياة خاصة على الاطلاق حتى خلال وجوده خارج اطار الاجتماعات المدعو لها، فشخصيته العامة تمتد الى المطعم والشارع، الان الدولة هي من تكفلت بنفقاته.
- اذا استفاد ابناء رئيس الوزراء من موقع والدهم وحصلوا على امتيازات اي كان نوعها وتم تفضيلهم عن غيرهم من المواطنين، فهذا ينقل حياتهم الخاصة الى العامة وتصبح تصرفاتهم والميزات التي حصلوا عليها عرضة للنقد والتداول.
- اذا توفيت شخصية عامة، فتوزيع تركته بين ورثته شأن خاص حتى لو حدث خلاف بينهم، ولكن اذا اظهر ذلك الخلاف ان ثروته جمعت بشكل غير مشروع او لم تتناسب مع ما كان يتقاضاه من رواتب اصبحت التركة ومصادرها والخلاف على توزيعها شأنا عاما.
الحدود الفاصلة بين الحياة الخاصة والعامة متحركة، فما ينطبق على المسؤول اليوم قد ينتفي عنه غدا، وقد ساهم نزق المسؤولين في التعاطي مع هذه القضايا واستخدام نفوذهم بالملاحقة، في حالة من الاحتقان سرعان ما تتحول الى محاكمات شعبية قد تطيح بحكومة باكملها او تعجل برحيلها.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/30 الساعة 22:07