الطاهات يكتب: رئيس الوزراء الأب والانسان

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/30 الساعة 21:30

  بقلم د. خلف الطاهات

 
اغتيال الشخصية للموظف العام سلوك لم نعهده من قبل بهذه الصفاقة في مجتمعنا اليوم، قديما كان الاختلاف مع اي انسان تحكمه خصومة روحها الرجولة وترتكز لمنظومة من القيم والاخلاق الراسخة التي تربينا عليها، خلافا لما نراه اليوم من استباحة وفجور وتجني دون رادع قيمي وبلا حدود اخلاقية، لا لشيء الا ان بعض راكبي موجة الصوت العالي هذه الايام  ظنوا ان امتلاك مساحة افتراضية تعطيه الحق في شتم فلان او تحقير علان ظنا منه ان الشتم والتحقير والفجور هي ممارسة حقيقية لمفهوم "الديموقراطية"!!
ياللهول!! اي غباء ذلك الذي ابتلتنا به منصات التواصل الاجتماعي حينما يطل علينا ارعنا لا يفقه بامور السياسة شيئا، او ازعرا وصاحب قيود يُنظّر علينا بالاخلاقيات وابجديات الاحترام، واي غباء وقلة ذوق باتت تفرض علينا عبر تصفح هذا العالم الافتراضي من راكبي امواج الصوت العالي. عالم سمائه صافيه لكنها تلوثت بسوء الاستخدام وارهقوا فضائه بالسطحية والاتهامية والجدل العقيم، فلا غرابة ان نرى صغارا في عالم السوشيال ميديا تفتي بشؤون العلماء والخبراء وحلوا مكانهم بكل شاردة وواردة!!
ما يتعرض له رئيس الوزراء من استباحة موغلة في الافتراءات والاكاذيب  كان بامكانه ان يتجاوزها كما تجاوز الاسوأ منها من قبل، لولا انها هذه المرة  مست موقعه الابوي والزوجي والانساني في شأن عائلي، وهي مسألة لن تكون الاول والاخيرة لمن يتولون مواقع صنع القرار والمسؤولية في الدولة الاردنية، فمن قبله تعرض مسؤولين بالدولة وافراد عائلاتهم لابشع حملة ممنهجة عبر منصات التواصل الاجتماعي حاولت المس باستقامتهم، وقبلها شخصيات اخرى لم تسلم من ادعاءات وتخرصات  وافتراءات ادخلت البلد في دوامه لا تنتهي من الاقاويل والمعلومات الكاذبة التي هدفها التشويش والمشاغبة وتسجيل المواقف.
نعم هناك حالة سخط وعدم رضا عام على الممارسات الحكومية وهي تراكمية ليست وليدة اللحظة، ويصبح المزاج العام اكثر حدة ونقمة وسخطا مع كل حكومة جديدة، لكن يشهد لرئيس الحكومة الحالي بالإستقامة وملف سلوكي مختوم بالنظافة طيلة خدمته العمومية، فهو ليس مسؤولا انتجته مزارع عمان النخبوية ولا لياليها الحمراء، ولم يكن وريثا لاقطاعات البنوك والشركات الراسمالية الجشعه التي اوغلت في تشريعاتنا وقوانيننا ومست حياتنا المعيشية، بشر الاب والزوج والاخ هو انسان اولا واخيرا و حوراني عشق الوطن.. والاخلاص للتاج توارثه من بيت عابق في السياسة والقانون والاخلاق! 
  اكتب هذا بعد ان قرانا وسمعنا وشاهدنا كيف عجت مواقع التواصل الاجتماعي بفبركات واشاعات تنتج بحرفية عاليه تمس بعض المسؤولين، متناسين ان من يجلس في موقع المسؤولية هو مواطن اردني وانسان من لحم ودم، وبني ادم له احاسيس الغيره والشرف والحرص على اهل بيته واولاده، فمن متى اصبح الاردني المسؤول "تهمة" يجب ان تحاكم زوجتك واولادك على قبولك الموقع وتصبح سمعتهم وشرفهم واعراضهم سلعة لقناصي الفرص وتجار المواقف والباحثين عن الشعبويات في عالم تحكمه الاشاعات!! 
ان منصات التواصل الاجتماعي خلطت الاوراق في مجتمعنا، واوهمت البعض وهو مخطيء ان شتم المسؤول والتعرض لخصوصيتة هو امر مستباح على اطلاقه لا تقيده قيود ولا تحيطه حدود، وانزلق البعض وبجهل كبير ان تسجيل الشعبويات يكون بحجم الاساءة البالغة والاذى الكبير الذي يستطيع ان يحدثه عبر هذا الفضاء الافتراضي بحق ابناء الوطن وخاصة اذا كانوا في مواقع المسؤولية وصنع القرار. 
مخجل جدا ان نترك الاداء العام للمسؤولين ونقده وتقييمه وندخل في سجالات لا تليق بقيم مجتمعنا ومنظومتنا الاخلاقية والتربوية، فاي مسؤول بالدولة صغر موقع مسؤوليته او  كبر، هو بالنهاية مواطن وانسان له خصوصياته التي لا تمت للموقع العام بصلة، وله تصرفاته بحدود القانون التي ليست من مسؤولياتنا تقييدها او تجريحها خاصة الشان العائلي واسرار البيت. وبالتالي ان الاثارة والاستعراض والتجرأ على اي انسان ليست شجاعة تستحق التقدير او الاشادة او التصفيق لها كما يفعل البعض على منصات التواصل بل تستدعي اعادة التربية وضبط السلوك ومراجعة جادة وحاسمة لهكذا حالات.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/30 الساعة 21:30