عبدالهادي راجي لرئيس الوزراء: غيّر نافذتك

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/27 الساعة 01:10

أعد مركز الدراسات الاستراتيجية دراسة أكد فيها أن 67%من الشعب الأردني لا يثقون بحكومة الخصاونة, وأن 77% يعتقدون أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح..

حسناً في كل عام يعد مركز الدراسات الإستراتيجية دراسة عن الحكومات, والنتائج واحدة لم تتغير... بمعنى أن من كان قبل الخصاونة.. في الحكومة لم يكن أفضل.. ومن سيأتي بعده ستكون نتائجه مثل نتائج الرئيس الحالي وربما أسوأ... ما دام أنهم يعرفون الحقيقة مسبقاً ما هو الداعي لإنتاج دراسة..؟

إذاً أين يكمن الحل؟... لقد مررت على موقعين في حياتي, الأول وزارة التخطيط والثاني مركز الحسين الثقافي, كان مكتبي في وزارة التخطيط يطل على فندق الرويال.. وحين أدير الكرسي, أشاهد المدخل.. كل السيارات التي تأتي فارهة وعطر الناس كان يصل لأنفي, كان المبنى عالياً جدا.. وفيه من الفخامة ما يجعلك تتأمله طويلاً, وكنت أحياناً حين أستقبل صديقاً أدعوه لشرب القهوة في رواق فندق الرويال... تعودت شرب القهوة هناك, وأحياناً صرت أتناول الغداء أيضاً هناك.. لم تتجاوز خدمتي في تلك الوزارة الكثير وغادرتها بعد أقل من عام ونصف العام... لأني لبست ثوباً لم يكن ثوبي..

بالمقابل أمضيت (7) سنوات مديراً لمركز الحسين الثقافي, كان مكتبي في المركز يطل على الجبل الأخضر... وفي كل صباح لا بد من مشهد نساء, خرجن مع أول انبلاج للصبح النقي كي يقمن بنشر الغسيل.. لا بد من مشهد لواحدة منهن تمسك (البربيش) وتقوم برش النعنع, وأخرى تنشر (اليانس)...وأخرى صعدت لشبابيك منزل فقير ومعدم, ومسحت بالرضا الزجاج...

كان لا بد أن أشاهد الأطفال وهم عائدون من مدارسهم, وأشاهد مشاجراتهم الصغيرة.. وتنك الماء الذي تشعبطوا به, والبكم الأخضر الذي يبيع الخضرة.. لنساء الحي, وكيف يتقاطرن كلهن إليه.. كنت أشاهدهن وهن يخطفن الملفوف والزهرة... الجبل الأخضر لم يكن مكاناً, بل كان لوحة تشكلت فيها روحي.. وانسجم إيقاع اللون مع الحب الذي ينبت هناك مثل الشجر... صدقوني أن العصافير كانت تختلف.. وأسراب الحمام تختلف..

بقيت في مركز الحسين (7) سنوات, وأسست مشهداً مختلفاً فيه تحالفات أقيمت.. مع اليانس والعيون السود, وهوية البلد...

المهم في الحكومات أين تطل نافذتك؟ وماذا ترى... المكتب واحد, فمكتب رئيس الوزراء تطل نافذته على الرخام والحرس.. لا تطل أبداً على الناس.. فالوطن لا يرى في المكاتب يرى في الشوارع فقط.. كل رؤساء الوزارات في الأردن مكتبهم يطل على الورد... والحديقة الجميلة, والستائر المخملية... لو كان لهم نوافذ مثل نوافذ مركز الحسين الثقافي تطل على الفقراء وسعيهم للحياة... وعشقهم, وعلى صبر النساء وكد الاباء.. وشقاوة الأطفال, لأنتجوا تحالفات الحب مع الناس..

أنا أثق ببشر الخصاونة, بعكس الناس لأني أعرف بساطته وطيبته.. وأعرف أن قلوبنا أحياناً تخذلنا وليس المشهد فقط... ولهذا ودودت أن أقول له: غير نافذتك يا صديقي... هي النوافذ وحدها التي أسرتنا... وأبعدتنا عن الناس..

Abdelhadi18@yahoo.com

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/27 الساعة 01:10