«الشيعة الجدد» خطر مضاعف
في ظل الزخم الذي تدعمه الدولة الأردنية الرسمية لعودة الحياة والمواصلات مع الجانب الشامي في دمشق وبيروت، والجهود الاستثنائية لإعادة سوريا الأرض والشعب والحكومة إلى ما قبل العام 2010، وتسارع وتيرة العمل في دعم وصول الطاقة إلى لبنان عبر سوريا، وإذابة الجليد عن العلاقات العليا مع الرئيس الأسد وقيادات النظام، نجد أن هناك طرفا ثالثا يجلس في زاوية متحركة يتدخل في أي محور قد يجلب الهدوء والسلم لذلك البلد المنهك، وذلك الطرف بالتأكيد هو إيران التي يريد قادتها إبقاء قدمهم في كل مكان هناك.
في السنوات السابقة من الصراع الدامي على الأرض السورية، تدخلت إيران بالقوة الأولى بذريعة حماية نظام الأسد، وذلك أعطاها ذراعاً طويلة للسيطرة على مخرجات الصراع تحت مظلة الدمار الكارثي في البنى البشرية والحجرية، وقامت بمشروع تطهير عرقي ومذهبي في مناطق واسعة من شرق وشمال سوريا حتى العاصمة دمشق والزحف نحو الجنوب، حيث قامت بزرع سكان جدد من الشيعة، حسب معتقدهم، في بيوت السكان المواطنين الأصليين من مختلف مذاهبهم، وتلك العمليات لم تكن بدعوى حماية النظام، بل هو سياسة تمدد نحو بلد الأمويين لضمان وجود شيعي موال لها في بلاد العرب.
أخيراً شكلت القيادة الإيرانية لواءً مقاتلاً أسمته «لواء الهاشميون» تعداده من الشيعة الجدد الذين حولتهم المليشيات الإيرانية في المناطق السورية الشرقية شرق سوريا، من المذهب السني الى الشيعي الرافضي، وقد بدأت عمليات ذلك اللواء منذ شهرين لاستخدامه في العمليات العسكرية ومواجهة المواطنين منطلقاً من مركزه في مدينة البوكمال قرب الحدود العراقية، وفروع اخرى في دير الزور والرقة وحلب إضافة الى ريف دمشق عبر طوق جغرافي متاخم للمناطق والقرى السنيّة.
المعلومات الواردة من هناك تفيد بأن القيادات الجديدة للواء باتت تسيطر على كل مناحي الحياة، وانقلبت على اعقابها ضد المدنيين الذين شاركوهم مرّ الحياة وحلوها عبر عشرات السنين، وتتبع القوات الإيرانية سياسة التشييع للسكان العزل الذين لا يمتلكون أي غطاء قانوني ولا إنساني يحمي حريتهم المدنية أو الدينية، ما يشكل حالة استبدال ديماغوجي قهري لتغيير المذاهب لخدمة السياسة الإيرانية التوسعية بالقوة، وبهذا ينضم اللواء المسمى بـ «الهاشميين» إلى ألوية «حسينيون و فاطميون وزينبيون» فضلاً عن الأفغانيين، في تراجيديا المعتقدات الدينية التي تتلبس عمائم أرباب السياسة.
لقد لعبت إيران دوراً خبيثاً وخبيئا في تحويل السكان حيث تضع قدمها الى المذهب الرافضي، وهذا ما حصل في المناطق السورية عموماً، وهي تقوم بتقديم الدعم المالي والخدمات التي يحتاجها السكان من ذوي الحاجة والفقراء والمسالمين، والقضية ليست تحولا مذهبيا أو عقائديا فحسب، بل هي استهلال سيء لمستقبل الاستقرار والأمن الوطني لبلاد الشام التي عاشت سنوات طويلة متجانسة مع كافة الأديان والمذاهب دون حروب ولا صراعات، ولكن ما تفعله القيادات الإيرانية بات خطرا محدقاً على أمن الأردن وحدوده التي تشكل قلقاً يستدعي الجهوزية الكاملة والاستنفار غير الضروري.
عندما تم الاتفاق ما بين الأردن وروسيا كوسيط عبر غرفة العمليات المشتركة في ذروة الصراع الدموي على إبعاد القوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها أكثر من مئة كيلومتر عن الحدود الأردنية، أعطى الأردن مساحة واسعة للعمليات الإنسانية ودعم القرى المحاذية للشريط الحدودي بما يحتاجونه من المعونات الغذائية والطبية، وتم إدخال العديد من المرضى والمصابين للمشافي العسكرية الميدانية أو المستشفيات في المدن الأردنية، وتم ضمان أمن الحدود ضد كل العمليات الإرهابية التي كانت تقترب من حدودنا.
أما اليوم فإن ما يحدث بعيداً عن دمشق الرسمية من خرق بالقوة لسيادة الدولة السورية واللعب على فتنة المذهبية والطائفية الدينية سيكون خطراً على الجميع، وسيتجاوز إعادة الاستقرار المنشود للنظام السوري إلى استقرار الدول العربية المجاورة، فبعد الفشل الإيراني في تطويع المجتمع العراقي العربي لاستمرار سياستها الاستعمارية، وجدت في البيداء السورية جبهة جديدة لتثوير أمن بلاد الشام باستخدام جيوش المليشيات والعصابات، مستغلة حاجة النظام السوري للحماية بعكس التدخل الروسي الذي لعب دور الشرطة العسكرية، وهذا ما يدفعنا إلى التحذير من القادم رغم فتح الحدود مع سوريا والعمل على إبعاد أي مكونات قد تشكل خطراً على أمننا الوطني.
Royal430@hotmail.com
الرأي