قانون الدفاع كضرورة حمائية للمواطنين

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/25 الساعة 07:08
منذ بدأ تسلل فيروس كوفيد 19 الى أجواء الأردن ثم ازدياده بشكل أوسع، بدأ الحديث آنذاك عن مقترح تطبيق قانون الدفاع، شخصياً لم أكن ممن يفضلونه على النطاق العام، ولكن السلطة دائما في يدّ المؤسسة الرسمية، ورغم نقاشاتنا حول المقترح وما بعده فقد تم تطبيقه بهدف حمائي وضرورة لحماية النظام العام في ظل تفشي الوباء، ما ساعد في وضع اليد العليا على مناحي الحياة بغية ضبط الحياة العامة وتدارك الآثار الجانبية للمعيشة اليومية للمواطنين، وصدرت اوامر الدفاع محصورة بالهدف الحمائي، ولكن بعد اكثر من عام ونصف العام على غيمة الفيروس الذي ما زال يصيب الناس فقد ثبتت صحة تطبيقه.

على أقل تقدير نرى أن بعض الأوامر الدفاعية خلال عام مضى قد جنبت وقوع المزيد من المواطنين في شرك البطالة، فقد منع أمر الدفاع رقم 6 وبعض مواده المؤسسات التشغيلية من اللجوء الى إنهاء عمل مئات آلاف العاملين فيها، ومنح بدائل لتخفيض الرواتب وغيرها من تقديم بعض المساعدة للمواطنين الذين تعطلت أعمالهم اليومية، ومنعت الأوامر اليد في اتخاذ الإجراءات المانعة لحرية المتعثرين ماليا، أكانوا مستأجرين أو مفلسين ترتبت عليهم أقساط مالية أو شيكات بنكية، وغيرها من المعضلات التي كادت أن تؤدي الى حالة من الاشتباك القانوني أو التصفيات المخيفة خارج القانون.

اليوم نرى أن هناك من يطالب بوقف العمل بقانون الدفاع كلياً، وهذه المطالبات تخدم فئة معينة قد تكون رأسمالية أو مؤسسات وقطاعات تضررت كما تضررنا جميعا، وتريد الانعتاق من مسؤوليتها في ضمان بقاء العاملين والموظفين بتعدادهم أو الاستغناء عنهم، وهذا كله في القطاع الخاص الذي يتحكم أخيرا بمزاجية الخيارات لمن سيبقى ومن يحال عن وظيفته مهما تضاءلت رواتبهم، وفي النهاية ستقع الطامة الكبرى التي منع وقوعها القانون عبر عام مضى، وسنرى اكتظاظ المحاكم والسجون وأخذ الحقوق بقوة اليد.

في تقدير موقف لإحدى الوزارات الهامة، فإن وقف العمل في قانون الدفاع وخصوصا الأمر رقم ستة، سيرفع معدلات البطالة الى ما يقارب ضعف المعدل المعلن، ناهيك عن معدل البطالة المقنّع أو العاملين بالأجور اليومية التي لا تكاد تكفي حاجة العامل لوحده دون أسرته، في ظل شبح شح السيولة وانخفاض القدرة الشرائية والارتفاع الجنوني في أسعار السلع، ولو خرجت بيانات إحصائية عن حالات الطلاق أو تفريغ المساكن وركود سوق الشقق والمنازل لفهمنا الى أين ينحدر الوضع المعيشي العام، بل ان العديد من أصحاب الأعمال والأموال قد أفلسوا تماما.

إن ضبط مشاركة المؤسسات وأصحاب العمل وإلزامهم بعدم تسريح الموظفين وتقديم الدعم المالي خلال فترة الجائحة، قد منع الكثير من الجرائم وستر على آلاف العائلات وأسس لنظرية أغفلتها القطاعات وأصحاب رؤوس الأموال وهي مسؤوليتهم الاجتماعية وضمان توفير الوظائف للشباب، وهذا ما كان لولا تطبيقات القانون الحمائية، وإذا كان هناك أوامر اخرى قد تتسبب في تعطيل الحياة العامة أو الحريات العامة أو ما لا ليس لها داع فتلك مسألة أخرى يمكن مناقشتها بشكل مفصل وليس كما يظهر اليوم باستهداف تطبيق القانون بكليته.

نحن نعلم جيدا أن هناك ممن أُتخموا طوال سنوات طويلة على حساب العامة، ومن أداروا أعمالا وشركات ومؤسسات مالية نقلتهم الى مراتب الطبقة الأغنى، ولكنهم اليوم يواجهون الحقيقة بضرورة أن يشارك الجميع في تحمل الأضرار، لا أن يبقوا على المقاعد الذهبية وغالبية المواطنين لا يسدون احتياجات خمسة أيام لعائلاتهم أو علاجهم، ولذلك يجب أن يبقى بعض مواد القانون لحماية الناس من الفتك ببعضهم لا قدر الله.

Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/25 الساعة 07:08