موريسكي
فى احدى زياراتي للمغرب كنت فى زيارة الى طنجة هذه المدينة المتوسطية الجميلة التى يمكنك من فوقها مشاهدة الحد الفاصل بين اللون الازرق الداكن والازرق المايل للخضرة فى مشهد يجسد اية (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ) وفى مضيق جبل طارق الذى يقف على الحد الفاصل بين العالم القديم وبرزخ العالم الجديد الذى كان يمنع الوصول لامريكا الى حين ان اذن برؤيتها واكتشافها فى مشهد يمزج الكثير من الرؤية فى اية .
وعندما تطل من شرفة طنجة فانك تستطيع مشاهدة العالمين القديم والجديد كما يمكنك مشاهدة الارث العربي بواقعه فى الاندلس وستعود بك الذاكرة وانت تتجول فى اسواقها الى غرناطة حيث كان اخر معقل من معاقل المسلمين هناك لاسيما واذا كنت تجلس فى احد المقاهى المطلة على البحر وتاكل الحلزون او تفعل كما فعلت و تذهب للتسوق فى شارع محمد الخامس وتقف على باب احد المحلات هناك وتبدا باثارة الاسئلة لتتفاجىء بحجم المعلومات التى اهل طنجة هناك واهل المغرب بالعموم .
وعندما سالت احدهم عن عمر هذا المحل وعن انتاجه وما الذى يعنيه ! فانك تتفاجأ باجابة تاريخية من رجل مثقف تراه يجلس فى محل (مورسكي) ليس لصناعة جلود او لبيع منتج لكن ليروي رواية تاريخية ويجيب هذا الانسان العربي المغربي الاصيل عن ما الذى تعنيه مورسكي فاجاب قائلا وهو التاريخ ايها (الشامي) الذى جعلنا هنا والذى يجب علينا ان لا نبتعد عنه ليبقى فينا لحين عودة ارثنا ومجدنا وذاتنا الينا ولا تكون حالة موريسكي نهاية ما لدينا من قيم ومكانة فى التاريخ ومن ثم بدا يصب شاى الضيافة المغربي واخذ ينشد علي قصة الموريسكي ومكانتهم فى التاريخ .
وهو التاريخ الذى كان مع نهايات مجد العرب فى الاندلس والذى حدث فى غرناطة حيث اسس بنو الاحمر الخزرجية مملكة قوية عرفت بالتاريخ بمملكة قشتالة وكانت هذه المملكة اخر معقل للمسلمين فى شبة القارة الليبيرلية والتى عرفت بالأندلس الى ان حكمها ابو عبدالله الصغير الذى اتفق فى حينها مع الملك فرناند وايزابيلا للخروج بسلام من الأندلس بعد سقوط اشبيلية وبدا بتنفيذ محاكم التفتيش التى كانت تفصل على الديانة والعرق واللغة .
ورغم محاولات ابن ابى الغسان بتوحيد المسلمين فى غرناطه اخر معاقل المسلمين فى الاندلس وبعد 600 سنة من توارث النشاة جاء الكاردنيل خمنيس ليحرق كل الكتب العربية وتم عزل المسلمين فى منطقة البايزيدي الى ان قام الملك فرناند باقامة محاكم التفتيش بعد ثورة البايزيد وتم توقيف ممارسة الشعائر الاسلامية ومنع استخدام اللغة العربية واصبح مطالب الجميع بالاكراة ان يكون نصراني هنا برزت فئة تبطن اسلامها وتظهر ممارساتها المسيحية وهى ما عرفت بالمورسكيين الذين حاولوا طلب النصرة من قنصوة الغولي الا ان سليم الاول اشتبك معة على السلطة فى معركة برج دابق وانتهى امل انقاذ المورسكيين فى غرناطة وتم تشتيت معظهم بقاء قلة وكان يميز رداءهم للطربوش الاحمر والسروال الابيض واشتهروا فى صناعة الجلود ومنها احذية (موريسكي الشهيرة ) .
موريسكي لم تكن عرق بل كانت حالة ربما يعبر عنها الباسك فى اقليمهم او الكتالونيين فى برشلونا لكن فى مضمونها كانت حالة امة انكسرت فتحوصلت عندما اختزلت مجدها فى قلبها فكان ان عبرت عن خوفها فى ظاهرة حملت موريسكي اسمها فكانت ذلك الحذاء الاشهر فى العالم .
كتابي جملة فى رواية
الدستور