عاصمتنا الجديدة.. بماذا ننتظر؟
نكتشف مع مرور الوقت، أن فكرة إقامة عاصمة جديدة لم تكن فكرة عبثية، بقدر ما كانت تحمل تطلعات ورؤية مستقبلية لمواجهة كل ما نشاهده اليوم من اكتظاظ سكاني وازدحامات سير خانقة، بالإضافة إلى محدودية التوسع الأفقي أو العامودي.
انذارات مبكرة تطلقها العاصمة عمان في كل يوم جديد، التقطتها حكومات سابقة وأهملتها حكومات أخرى، غير أن الأمر مختلف هذه المرة تماما، فالعاصمة لم تعد تحتمل المزيد من البناء والاكتظاظ السكاني وازدحامات المرور، ولم تعد قادرة على تقديم المزيد من الخدمات من صحة وتعليم وبنية تحتية وغيرها من الخدمات التي تسعى لتقديمها لقاطنيها نتيجة ارتفاع عدد السكان فيها بشكل كبير، ما تسبب بارتفاع أسعار الأراضي والمساكن فيها لمحدودية المساحات المرخصة للإسكان.
حكومات سابقة قررت المضي في طرح الفكرة وإدراجها على جدول أعمالها، بل ان حكومة الدكتور هاني الملقي ذهبت في هذه الفكرة إلى مراحل متقدمة عندما حددت مكان اقامتها وسط تصور استثماري قائم على الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، غير انه سرعان ما تم وأد الفكرة لأسباب غير معلومة، بالرغم من حاجتنا إلى بدء مثل هذه المشاريع، لما لها دور كبير في تحريك عجلة الاقتصاد وتشغيل الأيدي العاملة ورفع معدلات النمو الاقتصادي كما حصل في الجارة والشقيقة مصر التي استطاعت وبفضل هذه المشاريع واستحداثها لعاصمة إدارية جديدة من رفع معدلات النمو والتشغيل فيها إلى معدلات كبيرة بالرغم من الظروف الاقتصادية العالمية السائدة..
نحن اليوم نقف أمام أزمة سكنية مقبلة تلوح في آفاق العاصمة عمان، وهذا ما صرح به رئيس جمعية مستثمري الإسكان سابقا، نتيجة محدودية المساحات وارتفاع أسعار الأراضي والتي تنعكس على أسعار المساكن وأجرتها الشهرية مقابل محدودية دخول الأفراد، بالإضافة إلى توقع حدوث أزمة وتراجع في الخدمات، وعدم القدرة على التوسع فيها وخاصة المدارس والمستشفيات لارتفاع أسعار الأراضي، ما يجعل من استحداث هذه الخدمات أمرا مكلفا على الخزينة، وهذا ما يدفعنا للتساؤل لمَ ننتظر؟ ومن يمنع إقامة مثل هذا المشروع القومي، الذي سيعيد الأمور إلى نصابها حتى في الأسعار والمبالغة فيها من قبل مالكي الأراضي والشقق والمحال في عمان، مستغلين شح المساحات واكتظاظ العاصمة؟
ليس نحن من يحتاج العاصمة الجديدة، فقد اعتدنا ازدحامات وأكتظاظ عمان، غير أن اقتصادنا يحتاج ويتوق لمثل هذا المشروع لقدرته على تنشيط القطاعات وتشغيل الأيدي العاملة ومواجهة تضخم أسعار الأراضي والشقق والمحال التجارية والتي أصبحت عائقا لأي تقدم ونمو اقتصادي نطمح إليه.
اقتصادنا يحتاج إلى مشروع حيوي وقومي قادر على جعل عجلته دائرة لعشرات الأعوام كمشروع عمان الجديدة، فماذا ننتظر؟ وخاصة أن كافة المؤشرات والحقائق تنذرنا بوجوب البدء به على الفور.
الرأي