عبدالهادي راجي في رسالة مهمة إلى رئيس الوزراء
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/20 الساعة 14:15
مدار الساعة - كتب - عبدالهادي راجي المجالي
دولة الرئيس العزيز..
البارحة كنت أقرأ كذبة أنتجتها القوى التقدميّة والليبراليّة في الأردن اسمها (الشرف المفقود).. واختصار القصة أن سيدة ولدت في الأردن عام 71 اسمها نورما خوري، ألفت كتابا اسمه (الشرف الضائع) ونشرته مطلع التسعينيات.. ويروي سيرة ذاتية مرتبطة بهروبها من الأردن، وتفسر السبب: أن صديقة لها مسلمة احبت شابا مسيحيا.. وحين عرف الأهل قاموا بقتلها.. وتشبه المجتمع الاردني بالقبلي المتخلف المتعجرف، وتعرض معاناتها.. وتبين أن سبب هروبها من الأردن كان الحفاظ على حياتها.. هذه الرواية طبع منها مئات الالاف وحصلت الروائية على أرفع جائزة استرالية وكرمت في المحافل الأوروبية..
وفيما بعد تبين أن القصة كذبة، وأن خوري غادرت الأردن حين كان عمرها (3) سنوات.. وأن الأحداث هي من خيالها، والنتيجة كانت سحب الرواية من الأسواق الأسترالية.. وسحب الجوائز منها.. وتم تعريتها في المحافل الدولية الادبية، لأنها أنتجت كذبة عقيمة وسخيفة الهدف منها تشويه صورة شعب كامل ووطن عظيم..
دولة الرئيس العزيز..
المشهد اشبه برواية نورما خوري.. أحداث كاذبة تنسج، وتشويهات للمجتمع الأردني.. وتصوير كل من يدافع عن الهوية الوطنية بأنه رجعي ومتخلف وقبلي.. وسفارات تصفق ورأس مال مهاجر يحشر أنفه.. ألست من إيدون؟ ولك هوية واضحة محددة.. واسمر البشرة من الذين قال عنهم تيسير السبول : بدويا خطت الصحراء لاجدوى خطاه.. إذا ماذا ستخسر إن أفصحت عن وطنك.. وجبهتك وعيونك؟.. ماذا ستخسر الحكومة إن أعلنت موقفها من رأس مال غريب يقرر في سياقاتنا المعيشية ويوجه دعوات للتوطين عبر مقالات مشبوهة؟.. ماذا ستخسر إن واجهت الذين يلوكون هويتنا ومصائر عشائرنا وقرانا وبوادينا.. في ألسنتهم، ويقررون لون الرغيف عندنا، وشكل اللكنة، ولون البشرة..
الحكومات ليست وظيفتها أن توقع وأن تسيِّر المرافق والحياة.. إن أهم وظيفة للحكومات هي حماية الوجدان، وللأسف للآن لم تقدم شيئا تجاه الوجدان الأردني..
نورما خوري.. كانت أول مؤامرة تحاك على النسيج الاجتماعي والهوية، وكتابها طبع منه ما يقارب المليون نسخة.. كان ذلك في بداية التسعينيات.. لم ينتبه أحد للاسف، ولم تقرأ الدولة كيف بدأت المؤامرة.. ومن قام بتبرئتنا هم الأستراليون.. حين فضحوا القصة وبينوا أن الأمر مجرد تمويل لأجل التشويه، كان المطلوب وقتها تأديب الأردني على موقفه من العراق.. وخسئوا أن يعاقبونا على أنفاس قومية، استنشقناها من الولادة..
دولة الرئيس العزيز..
قال أحد الأحرار العرب حين علق جمال باشا السفاح مشانقه في بيروت ودمشق، وقبل أن يصعد للحبل: (إن الدول تبنى على الجماجم.. وإن جماجمنا هي اساس استقلالنا فليحيا العرب).. كانت هذه الجملة تدرس في كتاب التاريخ لطلبة الصف الثالث الإعدادي وفيما بعد شطبت، في الوقت الذي كان العرب يقبلون فيه على الموت.. كانت أوروبا الديمقراطية تتوسل.. عبر رئيس الوزراء (الدو مورو).. تتوسل من الطليان الرحمة.. اقرأ رسائل الدور مورو من معتقله عام (1977) وحين اختطفته الألوية الحمراء.. الدو مورو رئيس وزراء إيطاليا الذي أرسل برسالة للبابا ولرئيس الوزراء بالوكالة (جوليو أندريوتي).. وللشعب، وختم الحديث باخر رسالة كتبها: (كل شيء باطل إذا لم يشأ المرء أن يفتح الباب) وأوروبا وقتها ام الديمقراطية وحقوق الإنسان رفضت فتح الباب وتركته لمصيره.. وإذا قدر لنا أن نفتح صفحات الهوية الوطنية.. فسنقرأ أعظم إرث أردني في الشهادة وهو (هية الكرك).. أتدري أن أبشع إعدام عرفه التاريخ كان في هذه الهية.. فقد قررت تركيا، أن ترمي الثوار من اسوار القلعة.. وتتركهم في قاع الوادي.. من دون دفن من دون تكريم للجثث الطاهرة الشريفة، وهجرت النساء والأطفال.. ومع ذلك لم تستطع أن تلوي شعفة الكرك.. الذين يتحدثون عن الحقوق والواجبات وعن الدستور والقوانين.. هل يعرفون كم بقيت جثث الثوار في قاع الوادي؟.. وحتى الدفن حرمته علينا تركيا ؟.. لدرجة أن حابس المجالي ولدته أمه في سجن معان.. وقد مشت في شهرها التاسع حافية القدمين إلى السجن في عز البرد والقهر.. وأنجبته عجرفة على الجلاد..
هذا هو تاريخنا الذي صغناه وللأسف لم تستطع الحكومات التعامل معه، في حين أن أتباع نورما والحاملين لنظرية نورما.. ومن يصيغون حاضرنا بنفس ما صاغته نورما.. يرتفع صوتهم كثيرا وكثيرا وجدا.. ومصير الروافع الغربية والأوروبية الحاملة لهم.. سيكون مثل مصير (الدو مورو).. سيتخلى عنهم الغرب مثلما تخلى عن الدو مورو.. وحتما ستسقط كل هذه الدعوات مثل سقوطه المريع.. يظنون أن أمريكا ستفتح لهم بابا، ولا يدركون أنها من تحترف إغلاق الأبواب.
دولة الرئيس..
أنا من بقايا الذين سال دمهم في قاع الوادي.. عام (1910).. أنا من حسين الطراونة الذي أطلق معارضة لها هوية وموقف وضمير.. أنا من صالح شويعر الذي قاتل منفردا بدبابته.. أنا من عطالله غاصب وكاسب صفوق.. من شفيق ارشيدات.. من علي خلقي الشرايري.. من عوده ابو تايه الذي غادر إلى فلسطين زحفا على الرصاص.. وكان يشتهي ترابها مستقرا اخيرا.. أنا من بني صخر وسيوفهم عصية أسنتها على الإنكسار.. أنا من حوران البهية ومن معان الجميلة.. من ابن قلاب.. وأخو ارشيدة، أنا من عباد التي تزحف حين يكون الزحف واجبا.. أنا من البدو ومازلت أرى وجه حامد الأصفر.. واستمع لترحيب فيصل الدغمي.. وأعرف ان أعد عشائر الخرزات.. واعرف مكان ابارهم.. أنا من حوران العفيفة.. وأحفظها كما احفظ كف دمي.. أنا من جرش.. من الكتة.. أنا من كل كتاب وتاريخ وسيف وطلقة تحدرت..
كل ذلك يجيز لي أن اقف في وجه من يروجون نظرية نورما خوري، من هم باسم المال السحت الحرام ينظرون في الوطنية والوطن.. وسأقف.. كما وقف أهلي في وجه تركيا وارتضوا الموت.. ولا أن يقال عن الكرك أنها حنت الجبهة..
كل هذا التاريخ الذي تملكه، لا يبيح لك الصمت أبدا.. لا يبيح لك إلا أن لا تكون بنفس صلابة شجر إيدون وقساوة الصخر فيها.. كل هذا التاريخ لا يبيح لك.. ان تكون موظفا متلقيا تلجأ لفنون التسكين في السياسة.. مثل التي تعلمناها في اللغة (سكن تسلم).. السياسة لايوجد فيها تسكين بل موقف ومبدأ..
ودعني أختم مقالي بجملة قالها وصفي التل حين نهوه عن السفر قال لهم على سلم الطائرة : (مادام سراجنا فيه زيت خلوه ضاوي).. لا نورما ولا السفارات ولا التيارات الدخيلة ولا اللجان ولا المال السحت.. سيطفئ النار التي في سراجنا.. نار للوطن والملك والأرض وفلسطين..
دولة الرئيس العزيز..
البارحة كنت أقرأ كذبة أنتجتها القوى التقدميّة والليبراليّة في الأردن اسمها (الشرف المفقود).. واختصار القصة أن سيدة ولدت في الأردن عام 71 اسمها نورما خوري، ألفت كتابا اسمه (الشرف الضائع) ونشرته مطلع التسعينيات.. ويروي سيرة ذاتية مرتبطة بهروبها من الأردن، وتفسر السبب: أن صديقة لها مسلمة احبت شابا مسيحيا.. وحين عرف الأهل قاموا بقتلها.. وتشبه المجتمع الاردني بالقبلي المتخلف المتعجرف، وتعرض معاناتها.. وتبين أن سبب هروبها من الأردن كان الحفاظ على حياتها.. هذه الرواية طبع منها مئات الالاف وحصلت الروائية على أرفع جائزة استرالية وكرمت في المحافل الأوروبية..
وفيما بعد تبين أن القصة كذبة، وأن خوري غادرت الأردن حين كان عمرها (3) سنوات.. وأن الأحداث هي من خيالها، والنتيجة كانت سحب الرواية من الأسواق الأسترالية.. وسحب الجوائز منها.. وتم تعريتها في المحافل الدولية الادبية، لأنها أنتجت كذبة عقيمة وسخيفة الهدف منها تشويه صورة شعب كامل ووطن عظيم..
دولة الرئيس العزيز..
المشهد اشبه برواية نورما خوري.. أحداث كاذبة تنسج، وتشويهات للمجتمع الأردني.. وتصوير كل من يدافع عن الهوية الوطنية بأنه رجعي ومتخلف وقبلي.. وسفارات تصفق ورأس مال مهاجر يحشر أنفه.. ألست من إيدون؟ ولك هوية واضحة محددة.. واسمر البشرة من الذين قال عنهم تيسير السبول : بدويا خطت الصحراء لاجدوى خطاه.. إذا ماذا ستخسر إن أفصحت عن وطنك.. وجبهتك وعيونك؟.. ماذا ستخسر الحكومة إن أعلنت موقفها من رأس مال غريب يقرر في سياقاتنا المعيشية ويوجه دعوات للتوطين عبر مقالات مشبوهة؟.. ماذا ستخسر إن واجهت الذين يلوكون هويتنا ومصائر عشائرنا وقرانا وبوادينا.. في ألسنتهم، ويقررون لون الرغيف عندنا، وشكل اللكنة، ولون البشرة..
الحكومات ليست وظيفتها أن توقع وأن تسيِّر المرافق والحياة.. إن أهم وظيفة للحكومات هي حماية الوجدان، وللأسف للآن لم تقدم شيئا تجاه الوجدان الأردني..
نورما خوري.. كانت أول مؤامرة تحاك على النسيج الاجتماعي والهوية، وكتابها طبع منه ما يقارب المليون نسخة.. كان ذلك في بداية التسعينيات.. لم ينتبه أحد للاسف، ولم تقرأ الدولة كيف بدأت المؤامرة.. ومن قام بتبرئتنا هم الأستراليون.. حين فضحوا القصة وبينوا أن الأمر مجرد تمويل لأجل التشويه، كان المطلوب وقتها تأديب الأردني على موقفه من العراق.. وخسئوا أن يعاقبونا على أنفاس قومية، استنشقناها من الولادة..
دولة الرئيس العزيز..
قال أحد الأحرار العرب حين علق جمال باشا السفاح مشانقه في بيروت ودمشق، وقبل أن يصعد للحبل: (إن الدول تبنى على الجماجم.. وإن جماجمنا هي اساس استقلالنا فليحيا العرب).. كانت هذه الجملة تدرس في كتاب التاريخ لطلبة الصف الثالث الإعدادي وفيما بعد شطبت، في الوقت الذي كان العرب يقبلون فيه على الموت.. كانت أوروبا الديمقراطية تتوسل.. عبر رئيس الوزراء (الدو مورو).. تتوسل من الطليان الرحمة.. اقرأ رسائل الدور مورو من معتقله عام (1977) وحين اختطفته الألوية الحمراء.. الدو مورو رئيس وزراء إيطاليا الذي أرسل برسالة للبابا ولرئيس الوزراء بالوكالة (جوليو أندريوتي).. وللشعب، وختم الحديث باخر رسالة كتبها: (كل شيء باطل إذا لم يشأ المرء أن يفتح الباب) وأوروبا وقتها ام الديمقراطية وحقوق الإنسان رفضت فتح الباب وتركته لمصيره.. وإذا قدر لنا أن نفتح صفحات الهوية الوطنية.. فسنقرأ أعظم إرث أردني في الشهادة وهو (هية الكرك).. أتدري أن أبشع إعدام عرفه التاريخ كان في هذه الهية.. فقد قررت تركيا، أن ترمي الثوار من اسوار القلعة.. وتتركهم في قاع الوادي.. من دون دفن من دون تكريم للجثث الطاهرة الشريفة، وهجرت النساء والأطفال.. ومع ذلك لم تستطع أن تلوي شعفة الكرك.. الذين يتحدثون عن الحقوق والواجبات وعن الدستور والقوانين.. هل يعرفون كم بقيت جثث الثوار في قاع الوادي؟.. وحتى الدفن حرمته علينا تركيا ؟.. لدرجة أن حابس المجالي ولدته أمه في سجن معان.. وقد مشت في شهرها التاسع حافية القدمين إلى السجن في عز البرد والقهر.. وأنجبته عجرفة على الجلاد..
هذا هو تاريخنا الذي صغناه وللأسف لم تستطع الحكومات التعامل معه، في حين أن أتباع نورما والحاملين لنظرية نورما.. ومن يصيغون حاضرنا بنفس ما صاغته نورما.. يرتفع صوتهم كثيرا وكثيرا وجدا.. ومصير الروافع الغربية والأوروبية الحاملة لهم.. سيكون مثل مصير (الدو مورو).. سيتخلى عنهم الغرب مثلما تخلى عن الدو مورو.. وحتما ستسقط كل هذه الدعوات مثل سقوطه المريع.. يظنون أن أمريكا ستفتح لهم بابا، ولا يدركون أنها من تحترف إغلاق الأبواب.
دولة الرئيس..
أنا من بقايا الذين سال دمهم في قاع الوادي.. عام (1910).. أنا من حسين الطراونة الذي أطلق معارضة لها هوية وموقف وضمير.. أنا من صالح شويعر الذي قاتل منفردا بدبابته.. أنا من عطالله غاصب وكاسب صفوق.. من شفيق ارشيدات.. من علي خلقي الشرايري.. من عوده ابو تايه الذي غادر إلى فلسطين زحفا على الرصاص.. وكان يشتهي ترابها مستقرا اخيرا.. أنا من بني صخر وسيوفهم عصية أسنتها على الإنكسار.. أنا من حوران البهية ومن معان الجميلة.. من ابن قلاب.. وأخو ارشيدة، أنا من عباد التي تزحف حين يكون الزحف واجبا.. أنا من البدو ومازلت أرى وجه حامد الأصفر.. واستمع لترحيب فيصل الدغمي.. وأعرف ان أعد عشائر الخرزات.. واعرف مكان ابارهم.. أنا من حوران العفيفة.. وأحفظها كما احفظ كف دمي.. أنا من جرش.. من الكتة.. أنا من كل كتاب وتاريخ وسيف وطلقة تحدرت..
كل ذلك يجيز لي أن اقف في وجه من يروجون نظرية نورما خوري، من هم باسم المال السحت الحرام ينظرون في الوطنية والوطن.. وسأقف.. كما وقف أهلي في وجه تركيا وارتضوا الموت.. ولا أن يقال عن الكرك أنها حنت الجبهة..
كل هذا التاريخ الذي تملكه، لا يبيح لك الصمت أبدا.. لا يبيح لك إلا أن لا تكون بنفس صلابة شجر إيدون وقساوة الصخر فيها.. كل هذا التاريخ لا يبيح لك.. ان تكون موظفا متلقيا تلجأ لفنون التسكين في السياسة.. مثل التي تعلمناها في اللغة (سكن تسلم).. السياسة لايوجد فيها تسكين بل موقف ومبدأ..
ودعني أختم مقالي بجملة قالها وصفي التل حين نهوه عن السفر قال لهم على سلم الطائرة : (مادام سراجنا فيه زيت خلوه ضاوي).. لا نورما ولا السفارات ولا التيارات الدخيلة ولا اللجان ولا المال السحت.. سيطفئ النار التي في سراجنا.. نار للوطن والملك والأرض وفلسطين..
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/20 الساعة 14:15