يحدث فقط في زمن ترامب

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/14 الساعة 04:01

ياسر الزعاترة

تندلع الأزمة بين الأشقاء في الخليج، فيخرج ترامب بتغريدات تتهم قطر بدعم الإرهاب، وما هي سوى ساعات حتى يخرج وزير الدفاع ليقول شيئا آخر عن الشراكة مع قطر في محاربة الإرهاب، من دون أن يوجه انتقادا لكلام الرئيس. بعد ذلك يغيّر الرئيس موقفه، ويتصل بأمير قطر، ويطلب منه زيارة واشنطن، ويتم الإعلان عن صفقة طائرات ضخمة لقطر.

بعد ذلك بيومين يعود الرئيس نفسه ليتهم قطر برعاية الإرهاب، فيخرج وزير الخارجية بكلام مختلف، داعيا إلى ضرورة رفع الحصار عنها، ثم يعود الرئيس ليؤكد اتهامه لقطر.

الصحف الأمريكية الكبرى، والفضائيات سخرت بدورها من هذه التناقضات، وكثير منها يتفنن يوميا في هجاء الرجل وتناقضاته؛ ليس حيال هذه الأزمة، بل حيال سلوكه السياسي برمته.

في مؤتمر صحفي مع نظيره الروماني سئل ترامب عن برنامج تبادل التأشيرات، فأجاب: “نحن لم نناقش هذا الأمر”، أما ضيفه فأجاب، نعم.. تطرقنا لهذا الأمر. وهذا أمام الصحافيين!!

قبل شهور، كان ترامب يصف السعودية بأنها تمول الإرهاب، وبعد زيارة الرياض غيّر رأيه، ولا تسأل عن مجموع التناقضات الغريبة التي يتورط فيها يوميا. وفي الملف الفلسطيني تحديدا، هناك سيل من التناقضات أيضا، تستحق وقفة لوحدها، وإن كانت الروحية العامة هي الانحياز لهواجس الكيان.

والحال أننا لا نتحدث عن تناقضات شخصية في المواقف، وتغريدات مثيرة يخرج بها هذا الرجل الذي يملك حسابين على “تويتر”، أحدهما شخصي والآخر رسمي، فقد يحدث مثل ذلك في حالات أخرى، أو حدث مع رؤساء سابقين، لكننا نتحدث عن تناقضات داخل إدارته ذاتها، وهي إدارة هو من عيّن عناصرها، لكن المؤكد أن الدولة العميقة التي لا تزال تلاحق قصة علاقاته مع الروس، ليست راضية عن سلوكه السياسي الذي يعكس جهلا بأبجديات السياسة لدولة كبرى مثل الولايات المتحدة.

من اللافت بالطبع أن جل اهتمامات الرجل منذ مجيئه إلى السلطة لا تزال منصبة على شؤون هذه المنطقة على وجه التحديد، في وقت كان برنامجه هو التركيز على شؤون الداخل، وهذا بطبيعة الحال يعكس إيمانه بخدمة الكيان الصهيوني؛ ليس حبا وحسب، بل قبل ذلك إدراكا منه لحقيقة أن انقلاب الصهاينة ضده سيجعل مصيره على كف عفريت.

هل تذكرون وعوده بمواجهة إيران في قمة الرياض؟ ماذا نفذ منها إلى الآن؟ لا شيء عمليا، مع أن ذلك جزءا من برنامج خدمة الكيان الصهيوني، ولا صلة له بالعرب عمليا، لكننا نتحدث عن رجل يتحرك بسياسة مرتبكة على كل صعيد، ومن ضمن ذلك التصدي للصعود الروسي والصيني الذي ينبغي أن يكون جوهر استراتيجيته.

خلاصة القول إننا إزاء رئيس لا يدري ماذا عليه أن يفعل، وهو مرتبك، وخائف على مصيره، وليست لديه أية استراتيجية واضحة على أي صعيد، ما يعني أن بقاءه سيمثل أزمة كبرى لبلاده، فيما سيكون التخلص منه محطة بالغة السوء، ولها ثمنها من هيبة البلد ومصالحه أيضا. وفي الحالتين نحن سعداء بكل تأكيد، فهذه دولة لنا معها ثارات بلا حصر، ولم يتوقف استهدافها لنا منذ عقود طويلة، ولا يبدو أنه سيتوقف.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/14 الساعة 04:01