«شيغيلا».. النسخة الجديدة من مصائبنا
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/19 الساعة 01:01
على مدار أيام خلت وكوادر وزارة الصحة تلهث وراء معرفة السبب في إدخالات مرضية لطلبة صغار وأشخاص مخالطين إلى المستشفى من أهالي قرية جبه في جرش، وفي قرى من محافظة عجلون التي تشكل أكبر مصدر لإنتاج الأوكسجين عبر غاباتها الندية، ثم أخيراً بعد التحليلات الطبية المتضاربة رسا الرأي على أن سيل الزرقاء ذا اللون الداكن هو من يتحمل المسؤولية الأولى في انتشار العدوى لاحتواء مياهه شبه العادمة على جرثومة الشيغيلا التي تسببت بإمراض العديد من الأطفال والسكان وانتشار العدوى التي تضر بالأمعاء وقد تؤدي الى أخطر من ذلك إن لم تعا?ج فوراً.
سيل الزرقاء لم يكن يوما غائباً عن الوجود، فهو اسوأ مثال على تلوث المياه في بلد لم يصل بعد الى حالة الارتواء المائي، فمسير الوادي الكبير يبدأ من مصارف المياه في مدينة عمان المختلط بها كل ما يخطر على البال، ليصل الى غرب مدينة الزرقاء لينحدر غرباً تجاه جرش، وكل من يسلك شارع الجيش في عمان أو طريق عمان إربد لا بد وأن يغلق أنفه عن الروائح الكريهة التي تنبعث من مجرى السيل أو من محطات التنقية للمياه العادمة التي باتت تشكل خطرا مضافا على الصحة العامة خصوصا بالسماح لري الزراعات الحشائشية التي توضع على المائدة.
اليوم يقاتل الأردن للحصول على حصته في المياه، بل ويشتري من الكيان الصهيوني خمسين مليون متر مكعب إضافية لسد العجز، في ظل هجوم سياسي يقوده الليكود الصهيوني لمنع إيصال المياه للأردن بذرائع شتى، ففضلاً عن نتنياهو الذي عاد لتصريحاته بعدم السماح للأردن أخذ المياه المتفق عليها، يخرج جلعاد آريئيل شارون ليكتب في يديعوت احرونوت أمس أن على الأردن ان يعطينا المياه من جنوب المملكة لسقي الجيوب المقابلة من الاراضي المحتلة، والمفارقة لذلك الذي ورث مزارع والده، أن والده هو الذي سمح بإعادة ضخ المياه بزيادة عما كان الأردن ال?ياسي يأخذه، بعد رفض نتنياهو منح الأردن أي زيادة في حكومته الأولى.
في كثير من دول العالم الغني بالموارد المائية يتداركون قضية التلوث المائي ويركزون على جودة المياه لصالح الصحة العامة من خلال إبعاد مجاري الصرف الصحي عن مسالك المياه الجارية كالأنهار، ولكن العكس يوجد عندنا فتجد أمطار الشتاء تتداخل عبر شبكات الصرف المائي لتتعانق مع الصرف الصحي في أي مرحلة من المراحل، وهذا واحد من حالات العجز لدى مسؤولي الصحة والبيئة والرقابة الصحية، فلا يقبل أن تبقى الروائح الكريهة تسير عبر انفاق تحت الشوارع في العاصمة أو تمتد الى مدن أخرى.
إن قضية تلوث المياه عبر محطات التنقية غير المحكمة والسماح بالزراعات غير العلفية منها، ستشكل تهديدا قادما لانتشار الأوبئة القاتلة، والمشكلة أن وزارات البيئة والزراعة والصحة والمياه لديها الكوادر التي تستطيع أن تشكل لجاناً مشتركة لتعقب مصادر المياه النظيفة وطرح حلول لإعادة تصحيح الخطأ التاريخي الذي ساوى ما بين مياه الامطار ومياه الصرف الصحي وجرهما بالتوازي، من خلال دراسات ومشاريع تحفظ سلامة المياه، فلا يعقل ان تدخل الجراثيم والبكتيريا الى خزانات المدارس أو البيوت، ولا أن تترك برك مياه محطات التنقية مكشوفة في?العراء لمزيد من التلوث وانتشار ناقلات الأمراض.
يبدو أخيراً أن جرثومة شيغيلا التي سمعنا بها مجددا جاءت لتكشف «عورة» يحاول بعض المسؤولين إخفاءها، في ظل تراجع المزاج الصحي لدى الوزارات التي عجزت عن إعادة ضبط النظام، فهي نسخة جديدة لحالة الانبطاح على البطن والشخير من المعدة الملوثة في الإدارة العامة.
Royal430@hotmail.com
الرأي
سيل الزرقاء لم يكن يوما غائباً عن الوجود، فهو اسوأ مثال على تلوث المياه في بلد لم يصل بعد الى حالة الارتواء المائي، فمسير الوادي الكبير يبدأ من مصارف المياه في مدينة عمان المختلط بها كل ما يخطر على البال، ليصل الى غرب مدينة الزرقاء لينحدر غرباً تجاه جرش، وكل من يسلك شارع الجيش في عمان أو طريق عمان إربد لا بد وأن يغلق أنفه عن الروائح الكريهة التي تنبعث من مجرى السيل أو من محطات التنقية للمياه العادمة التي باتت تشكل خطرا مضافا على الصحة العامة خصوصا بالسماح لري الزراعات الحشائشية التي توضع على المائدة.
اليوم يقاتل الأردن للحصول على حصته في المياه، بل ويشتري من الكيان الصهيوني خمسين مليون متر مكعب إضافية لسد العجز، في ظل هجوم سياسي يقوده الليكود الصهيوني لمنع إيصال المياه للأردن بذرائع شتى، ففضلاً عن نتنياهو الذي عاد لتصريحاته بعدم السماح للأردن أخذ المياه المتفق عليها، يخرج جلعاد آريئيل شارون ليكتب في يديعوت احرونوت أمس أن على الأردن ان يعطينا المياه من جنوب المملكة لسقي الجيوب المقابلة من الاراضي المحتلة، والمفارقة لذلك الذي ورث مزارع والده، أن والده هو الذي سمح بإعادة ضخ المياه بزيادة عما كان الأردن ال?ياسي يأخذه، بعد رفض نتنياهو منح الأردن أي زيادة في حكومته الأولى.
في كثير من دول العالم الغني بالموارد المائية يتداركون قضية التلوث المائي ويركزون على جودة المياه لصالح الصحة العامة من خلال إبعاد مجاري الصرف الصحي عن مسالك المياه الجارية كالأنهار، ولكن العكس يوجد عندنا فتجد أمطار الشتاء تتداخل عبر شبكات الصرف المائي لتتعانق مع الصرف الصحي في أي مرحلة من المراحل، وهذا واحد من حالات العجز لدى مسؤولي الصحة والبيئة والرقابة الصحية، فلا يقبل أن تبقى الروائح الكريهة تسير عبر انفاق تحت الشوارع في العاصمة أو تمتد الى مدن أخرى.
إن قضية تلوث المياه عبر محطات التنقية غير المحكمة والسماح بالزراعات غير العلفية منها، ستشكل تهديدا قادما لانتشار الأوبئة القاتلة، والمشكلة أن وزارات البيئة والزراعة والصحة والمياه لديها الكوادر التي تستطيع أن تشكل لجاناً مشتركة لتعقب مصادر المياه النظيفة وطرح حلول لإعادة تصحيح الخطأ التاريخي الذي ساوى ما بين مياه الامطار ومياه الصرف الصحي وجرهما بالتوازي، من خلال دراسات ومشاريع تحفظ سلامة المياه، فلا يعقل ان تدخل الجراثيم والبكتيريا الى خزانات المدارس أو البيوت، ولا أن تترك برك مياه محطات التنقية مكشوفة في?العراء لمزيد من التلوث وانتشار ناقلات الأمراض.
يبدو أخيراً أن جرثومة شيغيلا التي سمعنا بها مجددا جاءت لتكشف «عورة» يحاول بعض المسؤولين إخفاءها، في ظل تراجع المزاج الصحي لدى الوزارات التي عجزت عن إعادة ضبط النظام، فهي نسخة جديدة لحالة الانبطاح على البطن والشخير من المعدة الملوثة في الإدارة العامة.
Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/19 الساعة 01:01