فتات موائدكم يكفي نصف الاردنيين وتصيحون فليحيا الوطن
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/19 الساعة 11:41
المحامي هيثم منير عريفج
جاء تقرير ديوان المحاسبه الذي صدر مؤخراً ليقدم نماذج صارخه عن الفساد والهدر في القطاعات الحكومية المختلفه، بينما لم تجد حكوماتنا الا جيبي وجيبك لتسديد تلك الفواتير، وقد جاء التقرير عشية احتفال العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد والذي تتسابق حكوماتنا المتعاقبة على التباهي بانجازاتها الدونكشوتية في مجالات مكافحة الفساد، والنزاهة والشفافية و تقليص النفقات، هذه الانجازات التي لا تظهر الا كشعارات فوق رسائل حكوماتنا الترويجية لانجازاتها، حتى وصل الامر الى حد تباهي الدكتور نسور بعدم احالة اية قضية فساد في عهده، معتبراً ان ذلك انجازاً و بطولة .
الأرقام التي وردت في التقرير مخيفه و الوضع على حافه اللاعودة، اذ ان ما يصل من تقارير وتحليلات اقتصادية تنبئ ان وضعنا المالي في اسوء الاحوال، رواتب القطاع العام على المحك، بالاضافة الي ما عجزت عنه الحكومات من وضع خطة استراتيجية لتنمية الاقتصاد و تحسينه .
لو اخذنا وضع السوق العقاري على سبيل المثال والذي يعاني من الركود، وقد وصلت بعض الشركات العقارية الى الحد الحرج الذي لن تستطيع معه سداد القروض والفوائد المتراكمة، مما سيضعها تحت رحمة البنوك من حيث الجدولة، ولكن الى متى؟
من الطبيعي ان تحجز البنوك على الشقق المتراكمة في عمان والمدن الاخرى والتنفيذ عليها، و من ثم بيعها خلال المهملة التي حددها البنك المركزي وهي عامان، هذا سيؤدي بالتأكيد الى انهيار اسعار الشقق الفارغة.
سينعكس هذا الامر على اسعار الشقق التي تم بيعها للمواطنين باسعار فلكية من خلال قروض طويلة الاجل. وسيؤدي لان تصبح قيمة تلك الشقق اقل بكثير من قيمة الفوائد، مما يجعل امر سداد تلك القروض مستحيلاً و قد ندخل في دوامة انهيار السوق العقاري لاسمح الله .
هذا الخطر القادم، بالإضافة إلى زيادة الأسعار بطريقة جنونية، وزيادة المديونية وعجز المواطن عن سداد احتياجاته الأساسية، سيزيد من مشاكل الاقتصاد وبالتالي المديونية التي وصلت الى الحافة ايضاً، ثم يخرج علينا قائل بأن عام 2017 عام صعب وعلينا تحمله .
فما الذي أدى إلى ذلك؟، وما الذي أنتجته سياسات الحكومات برفع الأسعار؟ الا مزيد من التورط مع البنك الدولي وصندوق النقد وغيرها، ومزيد من سياسات التغول على جيب المواطن دون أن تبذل الحكومات ما عليها من واجب بخفض الإنفاق ومكافحة الفساد .
عودة الى تقرير ديوان المحاسبة فيما يخص الجامعات، فان ما يحدث فيها مثال على هذا الفساد، فحجم فاتورة الهاتف و الضيافه يسد عجز ميزانية الجامعة دون اللجوء إلى رفع الأقساط ، ودون ان نتهم المواطن انه مقصر في دوره الوطني في دعم الوطن و اقتصاده . ليس من المنطق أن تستمر السياسات الاقتصادية و الضريبية الجائرة مبررين لانفسنا وللمواطن ان عليه الصبر، وان المواطن لا يريد اي خلل أمني لا سمح الله .
ان حدث الجوع و الانهيار الاقتصادي فإنه حتما سيؤدي إلى انهيار أمني، وهنا نحن نحذر من ذلك و نلفت نظر صاحب القرار إلى ذلك . والا آلت الامور الى ما لا يحمد عقباه . فالمواطن وصل الى الفتحة الاخيرة في حزامه المشدود، ولم يعد هناك ما يستطيع تقديمه لاقتصاد الوطن الذي ياكله المتنفذون وهم يتباهون ويصرخون ليل نهار فليحيا الوطن.
رئيس الوزراء يصرح في خطاب الثقة اننا لن نسمح التعدي على جيب المواطن. سؤالي على جيب من اذاً يا دولة الرئيس يتم الاعتداء؟
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/19 الساعة 11:41