نحو شارع البحتري..

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/11 الساعة 02:00
.. أول أمس حضرت توقيع كتاب الزميلة رلى سماعين, كان الحفل راقيا مهذبا والذين تحدثوا فيه, قدموا إضاءات على الكتاب..

تحدث مثلا الوزير الأسبق جواد عناني وكان يرتدي ربطة عنق خضراء جميلة, وتحدثت الوزيرة ياسرة غوشة واعتذرت عن نسيان نظاراتها.. لكن كلمتها كانت مختصرة وعميقة، وبعد ذلك تجاذبنا أطراف الحديث مع الزميلة رلى وبعض الحاضرين.. كان منهم الزميل ناصر رحامنة، وعبدالحكيم حفار...

ذهبت بعد انتهاء الحفل إلى المقهى الذي أرتاده في جبل عمان–منطقة الدوار الثاني–وكأني سافرت من فندق الشيراتون لوطن آخر.. في شارع البحتري وفي المقهى, الطاولة التي بجانبي كان عليها مجموعة يتحدثون لغة غريبة وحين سألتهم تبين أنهم (صوماليون).. وعلى الطاولة الأخرى مجموعة من الاشقاء الذين جاءوا من اليمن واستقروا هنا... وعلى الطاولة التي تقع عند الباب.. جلس مجموعة من الشباب السوريين, واسترقت السمع لهم كانوا يتحدثون عن معركة درعا.. ويبدو أنهم من المعارضة..

المقهى أممي... على ما يبدو، بعد ذلك جلست على الرصيف كي أراقب المارة والسيارات... كل اللواتي يقمن بالعبور من أمامي, هن فلبينيات.. يعملن إما خادمات في المنازل أو عاملات في المصانع، وواحدة منهن... اسمها (كاتي) أحبت عمان كثيرا واشترت كلبا, وسألتها عن الكلب بالطبع:.. أخبرتني أنه يقتل الوحدة لديها.. وقد اعتادت في المساء أخذه في (كسدوره), يا ترى لو كانت تعيش في الفلبين فهل ستشتري كلبا, وتوفر لها مانيلا نفس الحياة التي تنعم بها هنا.. لا أظن ذلك, وكدت أن أسألها السؤال ولكني خجلت..

بالطبع مرت واحدة إثيوبية... وقد صادقت عاملة اندونيسية, هنا في عمان تجتمع الجنسيات مع بعضها وتنتج صداقات أيضا..

المسافة بين فندق الشيراتون وشارع البحتري, لا تتجاوز (3) كيلو... لكنك تحس أنك تنتقل من وطن إلى آخر.. وتسأل في داخلك: نحن بلد لدينا أعلى نسب بطالة في المنطقة, ولدينا تضخم.. ولدينا فقر وجيوب للفقر.. لدينا الكثير من القلق.. وتصنف عمان بأنها العاصمة الأغلى عربيا... ما دام أننا نملك كل هذه الصفات المؤلمة.. إذا ما هو الدافع الذي حدا بكل هؤلاء للمجيء إلينا؟... والأغرب أنهم يمارسون الترف.. فالعاملة الفلبينية.. اشترت كلبا, والأشقاء من الصومال يفضلون تناول (الكوكتيل مع العسل) أثناء تدخينهم الأرجيلة... والأهم من ذلك, أن الساحة المجاورة للكلية العلمية الإسلامية جرى فيها مباراة... بين العمال (الأثيوبيين)... والهنود, وفازت أثيوبيا على الهند.. واحتفلوا في المقهى...

كتاب رلى سماعين اسمه نحو الهزيع الرابع... يتحدث عن الروح, وعن الحب.. يتحدث بمفاهيم صوفية راقية.. أنا يا صديقتي قررت أن أطلق كتابا اسمه نحو شارع البحتري.. في جبل عمان, وسأتحدث عن اغتراب المكان.. حتى الأماكن صارت غريبة علينا.. وعن اغتراب الروح أيضا.

أتمنى من وزير الداخلية, أن يأتي إلى المقهى هذا اليوم الذي يقرأ فيه المقال.. كي يرى أن هنالك بعض الاختلالات.. هؤلاء لا أعرف هل جاءوا يمارسون الترف أم العمل لدينا...؟!

Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/11 الساعة 02:00