المخرج رأفت الطباخي حارس الدهشة والفرح ،يُطّوع الكاميرا كما خيل غروب تسابق الشمس في مغيبها…
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/10 الساعة 14:57
مدار الساعة - كتب: الاعلامي محمد الجغبير - حين حملت الشهرة العالمية نجوم الصف الرابع الى الصف الأول، أنكر البعض منهم دور المخرج الأردني في وصوله للعالمية، وآخرون غضوا الطرف تماما عن ذكر الأردن لجهة انطلاقتهم منه او لجهة وقوف مخرجين أفذاذ خلف الكاميرات التي صنعت نجوميتهم.
على الساحة العربية والأردنية، يقف اسم المخرج المبدع الفذ رأفت الطباخي، في منطقة بيضاء لا مجال فيها لإسقاط دوره في تقديم نجوم، لقيت اعمالهم متابعة جماهيرية كبيرة أردنيا وعربيا، وبقي اسمه لصيقا بتلك الأعمال، ومضامينها، والنجاحات التي حققتها.
المبدع الطباخي، رافق الأردنيين بكل ضحكة استلها النجم يزن النوباني من الجماهير والمتابعين الأردنيين والعرب، في مسلسه "نوباني شو"، وظل اسمه يتردد في كل مشهد من مشاهد المسلسل، عبر التقاطات ابداعية وإسقاطات فنية حملها المسلسل، ليجد المشاهد نفسه حقيقة أمام مدرسة إخراجية مستقله عنوانها المخرج الطباخي.
في النسخة الأخيرة من عمل "من سف بلدي"، نجح الطباخي في اعادة بلورة ابداع الزميل احمد حسن الزعبي، ليقدمه من خلال رؤيته الإخراجية بصيغة ابرزت ابداع الأول، وضاعفت مستوى ابداع الطباخي، حيث جمال الصورة وعمق بعض المشاهد جعلني اتابع حلقتين من المسلسل الاولى لأرى ابداع رافت والثانية لمشهد ابدع في رسمه رأفت حينما تجد نفسك داخل العمل بكامل دهشتك كجزء منه تتفاعل لا تراقب او تشاهد فحسب.
ومؤخرا في شهر رمضان ابدع وفريق عمله في احترافية الصورة والاضاءة التي كانت تعزف لحنا عريقا في مسلسل ياسمين وصبري مع تحفظي على معظم من قاموا بالتمثيل بهذا العمل ابتداء من ناديا الزعبي ولا انتهاء في عمر زوربا كانت رؤيا رافت الابداعية تتناثر في كل مكان بالصورة
على الصعيد الشخصي، وخلال عملي في البرامج التلفزيونية لأكثر من عقدين، استوقفني المخرج الطباخي بكثير من الإعجاب والتقدير لمستواه الاخراجي في تنفيذ الأعمال، مخرج شمولي ومتخصص في آن، يتعامل مع الكاميرا بحرفية معمقة في البرامج الوثائقية بذات القدر مع الأعمال الفنية الدرامية، لتخرج بالمحصلة بحقيقة انك أمام مخرج يحفر عميقا باتجاه مدرسته الإخراجية الخاصة، والتي لا بد أن يصل خلالها إلى العالمية، ونحن نتحدث عن امتلاكه لأدوات وإمكانيات حاز عليها الطباخي دون غيره .
من خلال تجربتي معه في برنامجي "الملف صفر"، وجدت الطباخي المخرج الساحر، يمتلك رؤية بصرية متفردة، يُترجمها إلى اعمال فيها من الحرفية الإخراجية غير المسبوقة، تكتشف معه عوالم جديدة من التقنيات الإخراجية، تدفعك للتسليم برؤيته والثقة بمقترحاته وتوصياته في تنفيذ العمل، فأنت أمام مخرج تُقارب طريقة عمله الطبيب الجراح، حركة الكاميرا لديه كما المبضع، يعالج الزوايا بها لتخرج في أبهى صورة، مخرج حقيقي يُشكل وجوده في اي عمل لإضافة نوعية، لا مخرج هاوٍ حملته صدفة التصوير كمصور مبتدأ إختلط عليه الأمر حين رأى اسمه على شارة العمل كمخرج !!
رأفت الطباخي، رجل مليئ بالحياة، في أعماقه تختلف مضامين المسميات، يتعامل مع الأشياء بروحٍ تواقة للحب والحياة، خلال العمل، يدخل حالة من التفرد والتوحد مع الكاميرا، ينفصل تماما عن محيطه ليٌهيئ لك أنه دلف حقيقةً إلى داخل كاميراه، يُشكل المشهد بحواسه ، ويلتقط اللحظات بقلبه، تجده أسير اللحظة فيما الكاميرا تدور بحواسه قبل عقله، والحصيلة عمل اخراجي يأسر مقدمي العمل قبل مشاهديه.
الطباخي، مثقف عالي وموسوعة متنقلة في مجال الاخراج والتصوير، ملماً بخبايا الحديث المتطور من أدوات العمل الإخراجي، يؤمن بأن الابداع أداة انتماء، لوطنه ومهنته قبل إسمه، العائد المادي لديه مادة هلامية يطوعها لبناء المزيد من قدراته ومقدراته، خلافا من البعض ممن ينقلب على عقبيه أمام حفنة دنانير تعمي البصيرة والفؤاد قبل الأبصار من حراس المال ممن صادفتهم خلال عملي أولئك الذين دفعوني بلحظة لهجر العمل الإعلامي بسبب نتانة منظورهم وجشع أرواحهم قبل جيوبهم .
رأفت الطباخي حارس الدهشة والفرح والحياة، يُطّوع الكاميرا كما خيل غروب تسابق الشمس في مغيبها، يحمل اسم الأردن على كتفيه كشال حرير موشى بنجمات تشبه روحه وشهب تُشبه بريق عيناه.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/10 الساعة 14:57