الفكر الملكي الهاشمي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/07 الساعة 17:07

بقلم: المحامي الدكتور يزن دخل الله حدادين
 
الدبلوماسية فن لا يتقنه إلا القليل من القادة. يفتقد العديد منهم إلى مهارة المحاورة وإدارة الصراع مع الخصوم وحتى مع الأصدقاء بقدرات هائلة. أكثر الأسباب لذلك أن تلك الرموز المعنية بالدبلوماسية ليست لديها المعلومة كسلاح، ولا الإدراك الواسع والتحليل الدقيق للخصم أو للطرف الآخر، وهذا الأمر أدخل العديد من الدول في ورطات طويلة حتى أن قضاياها التي خسرتها جاءت بجهل منها وبعنجهية التعامل ورد الفعل.
 
السياسة التي يتبعها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين هي علم ومعلومة وفلسفة ومعرفة، أما الدبلوماسية التي يتمتع بها جلالته فهي فن ووسيلة وأداة لتنفيذ السياسة التي يرسمها ويخطط لها. لكن دبلوماسية جلالته تتمحور بتبادل للأفكار والمعلومات وغيرها من جوانب الثقافة والسياسة بين الأمم لتعزيز التفاهم المتبادل، وتشكل عنصراً هاما في الجهود الأوسع نطاقاً لزرع وبناء قواعد سياسية وأدوار قيادية محلياً واقليمياً ودولياً أيضاً. وتحتوي ببساطة على كل ما تفعله المملكة الأردنية الهاشمية لتعريف نفسها بالعالم بأفضل ما لديها.
 
ومنذ تولي جلالة الملك لسلطاته الدستورية كان الفكر السياسي الذي يتمتع به مركز الجدل والاستقطاب الفكري والسياسي، وإلى اليوم ما زال هذا الجدل حاضراً بقوة، خصوصاً في العالم العربي. ويمكن الجزم بأن في فكره السياسي يوجد أُسس فكرية وأخلاقية لنظرية سياسية متمايزة عن النظريات السائدة حاليّاً عربياً ودولياً. هذا الفكر السياسي ينبني على معطيات موضوعية وحدسية أيضاً، كون السياسة تحتاج الى الذكاء والعلمية في اتخاذ الخطوات الصحيحة. كما أن المتابع للعمل السياسي في الأردن، يستطيع أن يكتشف بسرعة ومن دون عناء أو ذكاء كبير، أن الفكر الملكي الهاشمي يمتاز في تدبير الوقيعة واحتواء المواقف، وبراعة في نشر الأمن والسلام والحفاظ على البناء السابق وتطويره.
 
تسعى بعض الجهات (سواء محلياً أو دولياً)، التي تتّسم بالسلبية، في العقود الأخيرة من مَنع تبلور فكر سياسي وطني أصيل في بلدنا. يتم السعي لتشويه التراث السياسي الأردني بالدرجة الأولى. ويجرى تغييب كل المحاولات لبناء قاعدة فكرية أردنية لإعادة بعث الدولة على أسُس وطنية ذات عمق تاريخي وبُعد حضاري. بمعنى آخر، يتم السعي لخنق القاعدة الفكرية لنهضة وطنية أصيلة بكافة الوسائل بما في ذلك تشويه الحقائق وتحريف الوقائع. رغم ذلك، حافظت المملكة بقيادة جلالة الملك على ضبط الإيقاع السياسي في الأردن الذي يمتاز بمعرفة قواعد اللعبة بصورة دقيقة وترسيخها وتطويرها في نفس الوقت، اعتماد التفكير السياسي العميق بديلاً عن التفكير السطحي المتسرع، دراسة الاوضاع الداخلية بعقلية ثاقبة، وتعميق أواصر الثقة بين أقطاب الشعب الأردني.
 
وفي هذا السياق نحذر من انجرار المثقفين والمفكرين والكُتاب إلى مستنقع سياسة التسطيح الفكري والترويج لأفكار أقرب للهرطقات السياسية. اما قيادة المملكة الأردنية الهاشمية فهي أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة يتحملها جلالة الملك، وهو الشخص الذي وضع الشعب ثقتهم فيه لتحسين أوضاعهم وإخراجهم من الأوضاع والأزمات السيئة التي يعيشوها. نحن الآن في عصر مليء بالصراعات والأحداث اليومية الجارية، لذا وجب علينا تثقيف لأنفسنا سياسياً كي نواكب التطورات السياسية ونكون على دراية كاملة بها. هذه دعوة عامة للالتفاف حول الوطن والقيادة الهاشمية ولنتذكر بأن الأردن تخطّى جميع المحن سعياً لنهضة سياسية واقتصادية ترتقي بما يستحقه الشعب الأردني الوفي وما يطمح له القائد الأعلى.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/07 الساعة 17:07