ما هو أخطر من الرسوم فـي شروط ممارسة مهنة الطب
تقول نقابة الأطباء إن حوالي 15 ألف طبيب من أصل 39 الفا مسجلين في سجلاتها يمارسون المهنة في القطاعين العام والخاص بشكل مخالف. وتضيف أن سبب المخالفة عدم تسديد الرسوم النقابية منذ العام 2018.
وتلمّح النقابة إلى أنها تغض النظر عن متابعة تلك المخالفة الموجبة للمنع من ممارسة المهنة، لكنها تتمسك بآراء قانونية مضمونها أن المنع من الممارسة أمر محقق حتى لو لم يتخذ المجلس قرارا بذلك.
وتستند في ذلك إلى محددات قانونية للتعامل مع قضية الرسوم أبرزها أن التأخر عن تسديد الرسوم النقابية لسبعة أشهر بعد استحقاقها يوجب منع الطبيب من ممارسة المهنة حتى لو لم يصدر قرار من المجلس بذلك.
ومع أن مضمون هذا النص وارد ـ تقريبا ـ في كافة القوانين النقابية، وأن الكثير من النقابات تتمسك بتطبيقه لجهة أن الرسوم التي تتقاضاها تشكل المورد الأساس للنقابة، وأنها بدون تحصيل تلك العوائد تفقد قدرتها على إدارة شؤونها. إلا أن خصوصية مهنة الطب تجعل منه قضية خاضعة للنقاش. وتحديدا في مثل هذه الظروف الاستثنائية، حيث ارتفع العدد، وتأثرت المهنة بسلسلة من الظروف التي جعلت من الأطباء طبقتين إحداهما ثرية والأخرى فقيرة. وما بينهما فئة محدودة يمكنها العيش ضمن مستوى وسطي.
وشكلت تلك الظروف عامل ضغط على نسبة كبيرة من الأطباء، لدرجة أن البعض منهم لم يعد قادرا على تسديد الرسوم المطلوبة بإلحاح للنقابة. وحولت العديد من النقابات إلى مؤسسات ضعيفة غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الأعضاء، ولا حتى تجاه متطلباتها الإدارية اليومية.
غير أن اللافت هو التركيز على هذا الشرط المادي، والتمسك بتطبيقه، مع غض النظر عن شروط أخرى قد تكون أكثر أهمية بحكم ارتباطها بسلامة وجودة المهنة.
في هذا السياق، يمكن لمن يراقب مداخل ومخارج غرف العمليات في الكثير من المستشفيات الخاصة، أن يلاحظ دخول وخروج أطباء من كبار السن، ومن بينهم من يبدو بحاجة إلى من يساعده في تحركاته العادية.
هؤلاء الأطباء، لهم كل الاحترام والتقدير، وقد يتم تصنيفهم كأصحاب خبرات متراكمة، وأنهم الأكثر قدرة على تشخيص المرضى في عياداتهم. لكن عوامل السن جعلتهم غير قادرين على التعامل مع المشرط، وأدوات الجراحة الدقيقة.
لا أعلم إن كان قانون النقابة يعالج مثل تلك الأمور، أو يضع بعض الضوابط التي تحدد عمرا معينا للطبيب من أجل اجراء العمليات الجراحية، أو سنا معينة لاقتصار السماح بممارسة المهنة في العيادة وليس في غرفة العمليات.
وفي كل الأحوال، أرى أنه من المناسب تحديد سن معينة من أجل تقاعد الطبيب. ومتطلبات واشتراطات معينة للسماح له بمواصلة إجراء العمليات الجراحية.
ومن أجل ذلك أن تجري الجهات المعنية مراجعة لقانون نقابة الأطباء، لوضع مثل تلك الضوابط المرتبطة بالسلامة العامة، وبصحة المريض، ومن بعد ذلك معالجة إشكالية المنع من ممارسة المهنة لغير القادرين على تسديد الرسوم السنوية.
الرأي