العفو الخاص في الدستور الأردني
وجه جلالة المك الحكومة بأن تبدأ إجراءات إصدار عفو خاص عن المحكوم عليهم بجرم إطالة اللسان المعاقب عليها في المادة (195) من قانون العقوبات، والتي تجرم بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك، أو قام بإرسال رسالة خطية أو شفوية أو إلكترونية فيها مساس بكرامة جلالته، أو افترى على جلالة الملك بقول أو فعل لم يصدر عنه وقام بنشره وإذاعته بين الناس.
وقد وردت أحكام العفو الخاص في المادة (38) من الدستور التي تناولت صور العفو بنوعيه العام والخاص، في حين جاءت الأحكام التفصيلية الخاصة بالعفو الخاص في المادة (51) من قانون العقوبات التي تنص على أن يمنح جلالة الملك العفو الخاص بناء على تنسيب مجلس الوزراء مشفوعا ببيان رأيه، وبأن العفو الخاص لا يصدر إلا لمن صدر بحقه حكما قضائيا مبرما، وأن العفو الخاص شخصي يمكن أن يكون بإسقاط العقوبة أو إبدالها، أو بتخفيفها كليا أو جزئيا.
إن العفو الخاص من الحقوق الدستورية التي يتثبت لجلالة الملك، والتي تتعلق بإدارة شؤون الدولة الداخلية. بالتالي فهو يمارس بإرادة ملكية سامية وفق أحكام المادة (40/1) من الدستور، تكون موقعة من رئيس الوزراء ووزير العدل، ويثبّت الملك توقيعه فوق التواقيع المذكورة. فالعفو الخاص.
إن التبعات القانونية لمن يصدر بحقه عفو خاص تختلف عنها في العفو العام. فالعفو العام يصدر في مواجهة جرائم معينة ترد على سبيل الحصر في صلب القانون، بحيث يترتب على صدور قانون العفو العام إلغاء العقوبات الجزائية الصادرة في هذه الجرائم بشكل كامل، بالإضافة إلى محو كافة الآثار القانونية المترتبة عليها. أما العفو الخاص، فيقصد به رفع العقوبة الجزائية عن فرد معين أو أفرادا معينين بذواتهم رفعا كليا أو جزئيا، دون أن يمحو العفو الخاص الصفة الجرمية عن الفعل الجرمي، أو يؤثر في العقوبات التبعية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الثانية خلال الستة أشهر الأخيرة التي يتدخل فيها جلالة الملك ضد تطبيق المادة (195) من الدستور، حيث سبق وأن هاتف جلالته مواطنة أردنية صدر بحقها قرار بالحبس مدة سنة بتهمة إطالة اللسان جراء ما صدر عنها من مقاربة بين والدها وجلالة الملك. وهي العبارة التي لم تجد بها محكمة البداية بصفتها الاستئنافية أي قصد معنوي أو دلالة على إطالة اللسان، فقضت بعدم مسؤولية المتهمة في تلك القضية.
وردا على المقترحات الشعبية التي طالبت بإلغاء المادة (195) من قانون العقوبات، جاء الرد الحكومي بأنه لا توجد هناك أي نية لإلغاء أو تعديل هذه المادة بحجة أنها منسجمة مع الدستور. إن الدستور الأردني لم يتضمن أي إِشارات خاصة بفرض عقوبات على جرائم معينة بذاتها، بل أنه اكتفى بتكريس قرينة البراءة في المادة (101/4) منه، والتي تقضي بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قطعي. فإن كان التوجه الحكومي بعدم إلغاء هذه العقوبة، إلا أنه يمكن التفكير في إعادة النظر في ظروف ملاحقتها والصور التي يتكون منها الركن المادي، وذلك استجابة لما يقوم به جلالة الملك من التسامح والصفح عمن يسيء إليه.
الرأي