من يدفع ثمن هذه المكائد؟!

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/06 الساعة 07:40

لا يوجد صحفي ينكر أن للخبر سطوة، ولصوته صدى ما، لكن حين يكون الصدى أكبر من الصوت فثمة في الخبر مشكلة، وهي التي تسعى الصحافة الموجهة حتى لا نقول المأجورة..تسعى إليها، لأنها تحقق الإثارة، ولا أعتقد ان الإثارة هي هدف أو غرض صحفي مهني، إنما دعائي ونفسي يتقصى تصفية حساب أو إلحاق ضرر بخصم.
في العامين الأخيرين أصبح (اللعب ضد الأردن ع المكشوف)، ويمكننا أن نقول بأننا جميعنا تأكدنا أن كل الأفعال التي استهدفت الإساءة إلى الأردن، في الأعوام الأخيرة، كانت تتقصى إلحاق أي ضرر ممكن بالدولة أو الشعب أو النظام، ولو كان بمقدور بعضهم أن يحبس المطر ويمنع الهواء عن هذا البلد لفعل دون التفات لضمير أو لمنطق، بل هي مجرد ضغينة وحقد أعمى.
جهات سياسية دولية معروفة، حاولت اختطاف الدور الأردني، الذي لا ننكر بأنه في النهاية يعني الحفاظ على مصالح الأردن وحمايتها، فهو ليس مجرد دور يعبر عن الأهمية لما يقوم به النظام السياسي الأردني على امتداد قرن من الزمان، بل هو حزمة مبادىء سياسية أردنية صالحة لحماية الدولة والشعب ومصالحهما الوطنية.
ثم انطلقت فتن كثيرة، من عدة مستويات وجهات، وكانت كلها مبنية على هدف واحد سريع التحقق حسب اعتقاد دعاة الفتن، وكلما ظهرت واحدة من الفتن كنت شخصيا أقلل من أهميتها، لأنها كاذبة وخادعة وغير حقيقية، ويقف خلفها بعض قليلي الخبرة وعديمي الفكرة السياسية، فهم مجرد غاضبين، مدفوعين بعواطف وحسابات شخصية، و(ما فيهم واحد بعبي الراس)، وفي كل مرة يتم دحض الباطل، مع عدم إنكاري بأننا نتعرض لخسائر على صعيد المصالح الوطنية، وعلى صعيد الاستقرار، وتقفز المطالبات بالإصلاح الى الأمام، على هيئة حرق المراحل، وهذا مكمن خطورة أي إصلاح ينتهج المطالبون به سياسية القفز إلى الأمام وحرق المراحل، لأن الإصلاح ليس مجرد خطة سياسية طويلة المدى، بل هو تنوير وبناء ثقافة وترسيخ سلوك وتطوير وبناء تشريعات، وهذه كلها تحتاج الى خطط طويلة المدى، لكن بلا توقف أو تباطؤ، والذي يحدث منذ سنوات أننا نتباطأ، والسبب هو تلك الأحداث والفتن والمؤامرات، فهي تشغل الجميع وتغير في أولوياتهم، وأولويات مؤسسات الدولة.
في الزوبعة الخبيثة الأخيرة، ستتعرض مصالحنا للخطر أيضا، وهو خطر يشبه انحباس بل (حبس بعض المطر)، فكلنا يعلم ما الذي تستهدفه تلك الحملات الإعلامية التي تتقصى إثارة مصطنعة، تتلقفها جهات أخرى للضغط على دول مانحة، وتلقي بظلالها على نافذة الدعم الخارجي، التي أصبحت من أهم الموارد للإنفاق والتنمية وديمومة الاستقرار الاقتصادي «النسبي».
تجفيف مصادر الدعم الخارجي، هو أحد الأهداف المعلنة لهؤلاء، والتي نعرفها دون أن نستمع لخطاباتهم الصريحة، وهذا أمر يتعدى المكيدة لحاكم او لنظام سياسي بعينه، بل يستهدف قوت كثير من الفئات الاجتماعية، لا سيما حين نسمع عن تصاعد أرقام البطالة واتساع رقعة الفقر، وتوقف عجلة التنمية..
بعد أن نستثني الإثارة المصطنعة التي تغلف تلك المحاولات، سنجد أن كل الأحداث فيها بعد قانوني، ولأن القانون في كل العالم يسير بخطوات وإجراءات متزنة، فإن الضرر والتخريب يقعان قبل انبلاج الحقيقة القانونية او القضائية، وهذا بالضبط ما يراد تحقيقه من أية فتنة أو عمل سياسي حقود، يستهدف أية دولة معادية، وهو إحداث أي نوع من الضرر.
كثيرون منا يعلمون تمام العلم بأننا نعيش في دولة صمدت رغم كل الصعاب، وقاومت كل أنواع المؤامرات، ودفعت دوما من أمنها واستقرارها ورفاه مواطنيها، ولم تحاسب أحدا بشكل فعلي، وفي الوقت نفسه لا ننكر (اللعثمة) السياسية التي تسيطر على بعض مسؤولينا، وتخرس بعضهم الآخر، ولا أتحدث فقط عن السياسيين البعيدين عن الكراسي، بل أيضا بعض المتواجدين عليها، فهم لا يصلحون لا لإدارة أزمة ولا لحماية حتى أنفسهم، حتى وإن لم يخطئوا فعلا، فهم يسهل أن يصبحوا ضحايا بريئة، وهذا مؤسف، لكن المؤسف أكثر أن البلاد كلها تصبح ضحية حين يتخاذلون.
بلدنا ونظامنا وتاريخنا وكل آلامنا وآمالنا.. شريفة نظيفة وفيها قداسات كثيرة، ندافع عنها بما نملك لو صدقنا الانتماء لهذا التراب.
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/06 الساعة 07:40