يوم المعلم.. لا بد من كلمة
مدار الساعة - كتب: د. عوده ابوريشه
إنّ بناء العقول أصعب من بناء البيوت وقد كنتَ أيها المعلم خير بنّاء لها، فقد بنيت عقولاً كثيرة وشيدتها بمعالم الصدق والأمانة، وصقلت شخصيتنا بالعلم الصحيح وأعطيتنا مفاتيح الثقة.
فأنت ايها المعلم الشجرة التي نستظل بظلها ونأكل من ثمرها فنزداد بها علما ونرفع بها مكانة وأنت الزهر الذي ينبت في قلوبنا فيرويها علماً بعد عطشها وينبت في عقولنا فنسطر تلك الكلمات التي لا تلبث بالوقوف أمامكم من رهبة الموقف وشدته فلولاكم ما نبت ولا ثبت ولا كتبنا حرفاً واحداً إلا انفلت.
يوم المعلم هو من أهم الأيام في تاريخنا بل في تاريخ الأمة فالمعلم هو أساس بناء الأمة وصمام الأمان لها وللأجيال فهو المربي ومن يغرس القيم والفضائل والنفوس وبدون المعلم لن تكون هناك أمة أو حضارة تنهض وما أجمل أن نهدي لمعلمنا بعض الكلمات الرقيقة في يوم المعلم.
كيف نكرّمك يا أيّها الذي قد أوشكَ أن يدخل في زمرة الأنبياء؟ هل بالقصائد والكلام المنمّق والخطب الطوال التي نبرع بها أيّما براعة؟ أو نكرمك عندما نعطيك حقّك من الاحترام والتقدير والالتزام بما تفرضه علينا من الواجبات والاحترام المتبادل بيننا وبين زملائنا وبأن نكون لك كما تحب، حقيقةً مسألة تكريمك هي أشقّ علينا من أيّ شيء آخر في هذه الحياة عدا برّنا بآبائنا، فتكريمك يعني ألّا نحيد عن الطريق التي عاهدناك أن نمضي عليها منذ التقينا في أوّل درس، ونحن ما نزال نخطئ ونحيد وأنت تصبر علينا وتسامحنا وتعفو عنّا وما يزيدك ذلك إلّا محبّة في قلوبنا على المحبّة التي نكنّها لك.
لقد جعلكَ أحمد شوقي امتدادًا لمسيرة طويلة جدًّا منذ أرسلَ الله سبحانه وتعالى الأنبياء يعلّمون البشر ما علّمهم إيّاه الله تعالى، فأنتَ امتداد لتلك المدرسة التي أرسيَت دعائمها على الحقّ وبالحقّ ولأجل الحق، فهل بعد هذه المكرمة كلام يُقال؟ وهل بعد الأنبياء من يجيد التعليم سواكم؟ إنّ الذي يعلّم الناس الخير هو من الذين تصلّي عليهم الكائنات، وأيّ خير أفضل من هذا الخير الذي تسوقُه إلى الناس يا معلّم الخير؟ يقول نبيّ الهدى رسول الله صلّ الله عليه وسلّم-: (انَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ، وأهلَ السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ) فهنيئًا لك هذه البشرى يا سيّدي ومعلّمي ومؤدّبي.
أيها المعلم احترامك واجب بل فرض من فرائض الله، كيف لا وأنت تحمل رسالة الانبياء لكي تخرج عقولنا من الظلام إلى النور وتعلمنا كيف نرقى بين المجتمعات.
لذلك إذا أردنا فعلا أن ننهض بالوطن فلا بد لنا من تقديم المعلم في الصف الأول مع كامل الاحترام والدعم والتقديس وإلا حفرنا قبورنا بأيدينا.
كل عـام وأنت بخير أيها المعلم العظيم
حفظ الله الأردن وأهله وقيادته